الانقسام السياسي يزداد حدة في لانسنغ .. ومليارات الدولارات من المساعدات الفدرالية عالقة
لانسنغ
استخدمت حاكمة ميشيغن غريتشن ويتمر، حق النقض (الفيتو) ضد أجزاء كبيرة من حزمة إنعاش اقتصادي أقرها مجلس الولاية التشريعي، بسبب احتوائها على بنود تمنع إدارتها من إغلاق المدارس وتعليق الرياضات المدرسية لمكافحة وباء كورونا، مؤكدة أنها لن تسمح للأغلبية الجمهورية بتجريدها من سلطات الطوارئ التي وصفتها بأنها ضرورية لحماية الصحة العامة.
وكان مجلسا النواب والشيوخ في ميشيغن قد أقرا حزمة إنفاق تكميلية بقيمة 4.2 مليار دولار، معظمها من المساعدات الفدرالية المخصصة لولاية ميشيغن، لكن الحاكمة الديمقراطية لم توافق سوى على إنفاق 2.5 مليار منها، رغم دعوتها –سابقاً– إلى زيادة الحزمة إلى 5.6 مليار.
واعترضت ويتمر بشكل خاص على شرط أدخله الجمهوريون لإنفاق 840 مليون دولار إضافية على مدارس الولاية من مرحلة الحضانة إلى الثانوية K–12، يقضي بمنع وزارة الصحة في الولاية من إلزام المناطق التعليمية بإلغاء التعليم الشخصي والأنشطة الرياضية، وحصر تلك الصلاحية بدوائر الصحة المحلية.
وفي رسالة الفيتو، وصفت ويتمر هذا البند بأنه «فكرة متهورة، قُدّمت بطريقة سيئة وتوقيت سيء». وأضافت أن الوباء «لا يكترث بحدود المناطق التعليمية أو دوائر الصحة المحلية، فقد تكون هناك أوقات يكون فيها القرار على مستوى الولاية ضرورياً لحماية سكان ميشيغن».
وتقوم إدارة الحاكمة بمراجعة لغة مشروع القانون المتعلق بالتمويل الإضافي للمدارس لتحديد ما إذا كان استخدام الفيتو يعني أنه لا يمكن الإفراج عن الأموال الفدرالية المتاحة. أما إذا تمكنت الإدارة من استعادة التمويل دون التخلي عن سلطات الطوارئ العامة، فإن المبلغ الإجمالي لحزمة الإنفاق سيرتفع إلى 3.6 مليار دولار.
أما البنود الأخرى التي وقعتها ويتمر فتشمل 283 مليون دولار من المساعدة الفدرالية لتغطية إيجارات السكن، وزيادة 2.25 دولاراً لكل ساعة على أجور العاملين في مجال الرعاية الصحية المباشرة، و555 مليون دولار لاختبارات كورونا وتتبع العدوى، و110 ملايين دولار لتوزيع اللقاحات.
كذلك تخصص الحزمة حوالي 600 مليون دولار للمساعدات الغذائية، و810 ملايين دولار لتمويل المدارس العامة، وهو مبلغ يمكن أن يتضاعف إلى حوالي 1.65 مليار دولار إذا تمكنت إدارة ويتمر من استعادة مبلغ 840 مليون دولار الذي تم نقضه.
ويوم الخميس الماضي، أعلن زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، السناتور مايك شيركي، عن موافقة المجلس على مقترح يجيز مقاضاة الحاكمة، لمنعها من من إنفاق المساعدات الفدرالية المخصصة للتعليم دون الالتزام بالبنود التي تحد من صلاحياتها.
وقال إن قيام ويتمر بذلك سيمثل انتهاكاً صارخاً لدستور وقوانين ميشيغن.
فيتوهات أخرى
كذلك نقضت ويتمر أربعة بنود أخرى في حزمة الإنفاق، بداعي أن القادة الجمهوريين في المجلس التشريعي لم يتفاوضوا معها بشأنها. وتشمل تلك البنود 405 ملايين دولار من الإعفاءات الضريبية للأعمال التجارية في ميشيغن، و87 مليوناً لدعم المدارس الخاصة، و150 مليوناً لتمويل صندوق تأمين البطالة الحكومي، و10 ملايين أخرى لمساعدة الآباء الذين يسجلون أطفالهم في المدارس الصيفية.
وحاول الجمهوريون في مجلس نواب الولاية، يوم الثلاثاء الماضي، إسقاط فيتوهات الحاكمة، لكنهم فشلوا في الحصول على أغلبية الثلثين لتجاوز أيٍّ منها، وفق ما ينص عليه دستور الولاية.
ورغم أن الحزمة كانت قد مُررت بدعم العديد من النواب الديمقراطيين، إلا أن معظم هؤلاء رفضوا إسقاط فيتوهات الحاكمة. وهو ما دفع الجمهوريين في اليوم التالي، إلى إعادة تمرير بعض المشاريع المنقوضة، وسط معارضة واسعة من الديمقراطيين، في خطوة اعتبرها المراقبون محاولة لإحراج الحاكمة.
وأعاد جمهوريو مجلس النواب، الأربعاء الماضي، إقرار مشاريع قوانين لصالح دعم الشركات الصغيرة وتمويل صندوق البطالة والمدارس الخاصة، وقد انضم إليهم عدد محدود من الديمقراطيين، لكن ليس بالقدر الكافي لتجاوز فيتو الحاكمة في حال قررت استخدام حق النقض مرة أخرى.
كما انقسم مجلس النواب على أساس حزبي حول مشروع إنفاق جديد بقيمة 347 مليون دولار لتطوير مختبرات الولاية وقدراتها على مكافحة الأوبئة، بسبب تضمنه بنداً يمنع وزارة وزارة الصحة من إصدار أوامر تنفيذية تستمر مدتها لأكثر من 28 يوماً دون إذن من الهيئة التشريعية.
وتم إقرار المقترح بنتيجة 59–50 وسط اعتراض شامل من الديمقراطيين بحجة أن مشروع القانون سيقوض قدرة وزارة الصحة على الاستجابة لأزمات الصحة العامة، في حين قال الجمهوريون إنه سيعيد التوازن لعملية صنع القرار التي احتكرتها الحاكمة منذ ما يقرب من عام.
ومن المتوقع أن تستخدم ويتمر حق النقض ضد المشروع الجديد، ما يشي بزيادة الشرخ الحزبي في لانسنغ.
وكانت ويتمر قد دعت الأغلبية الجمهورية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات للإفراج عن بقية المساعدات الفدرالية المخصصة لميشيغن، والتي تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، هذا عدا عن عشرة مليارات إضافية ستحصل عليها الولاية مع توقيع الرئيس جو بايدن على حزمة إنعاش فدرالية جديدة بقيمة 1.9 تريليون دولار، الخميس الماضي.
وقالت ويتمر في بيان: «لم يتم التفاوض معي أو مع إدارتي على مشاريع القوانين التي تلقيتها، وما زلت أطالب الهيئة التشريعية بالعمل معاً لضمان الاستفادة من كل قرش متاح».
وأضافت: «كانت هناك مشاكل في مشاريع القوانين التي اضطررت إلى نقضها، وأتوقع من المجلس التشريعي أن يمضي قدماً بإصلاح تلك المقترحات لتخصيص كل الأموال المتاحة حتى نتمكن من العودة إلى الحياة الطبيعية في أقرب وقت ممكن».
سخط جمهوري
على الجانب الآخر، قابل الجمهوريون قرارات ويتمر، بسخط شديد، حيث وصف رئيس لجنة المخصصات بمجلس النواب، توماس ألبرت، فيتوهات الحاكمة بأنها دليل فاضح على أنها تفضل الحفاظ على سلطاتها الأحادية على حساب سكان الولاية وسبل عيشهم، و«إلا لما كانت استخدمت حق النقض ضد معظم الحزمة البالغة قيمتها أكثر من 4.2 مليار دولار»، وفق تعبيره.
كذلك، قال رئيس لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ، السناتور الجمهوري جيم ستاماس إن الحاكمة آثرت «سلطتها المطلقة» على دعم المدارس والشركات الصغيرة.
وأضاف: «لدينا المزيد لنفعله، وآمل أن تعمل الحاكمة معنا وتشاركنا خطط الإنفاق الخاصة بها حول أفضل طريقة لاستثمار الأموال الفدرالية المتبقية، بدلاً من مجرد مطالبتنا بمنحها شيكاً على بياض».
بدورها، انتقدت جمعية الأعمال التجارية الصغيرة في ميشيغن، فيتو الحاكمة ضد مشروع دعم الشركات على الرغم من عدم تضمنه لأي بند يمس بصلاحياتها.
وقال رئيس الجمعية، براين كالي (نائب حاكم الولاية السابق)، في بيان: «لقد استخدمت الحاكمة ويتمر حق النقض ضد دعم الأعمال الصغيرة عدة مرات، حتى مع حصول الولاية على دعم مالي مفاجئ من الحكومة الفدرالية»، معتبراً الفيتو الجديد بأنه «رسالة من الحاكمة مفادها أن حكومة الولاية ليست جادة بشأن استمرارية الأعمال الصغيرة».
انقسام حاد
وفي محاولة لاحتواء الموقف والعودة إلى طاولة المفاوضات، طلب مدير الميزانية في حكومة ويتمر، ديفيد ماسارون، الاجتماع بأسرع وقت ممكن مع مجلسي النواب والشيوخ للتفاوض بشأن سبل إنفاق ما تبقى من الأموال الفدرالية المخصصة لميشيغن، مشيراً إلى أن البنود التي تم نقضها تمثل «نقاط الاختلاف الرئيسية بيننا، ولكن ذلك لا يعني عدم رغبتنا في العمل معاً».
وقال ماسارون: «كان استخدام الفيتو ضرورياً، والآن نحن بحاجة إلى إعادة تركيز الجهود بشكل جماعي على أفضل طريقة للإفراج عن الموارد المتوفرة لتسريع تعافينا من الوباء».
غير أن الشرخ بين الجمهوريين والديمقراطيون لا يبدو أنه في طريقه إلى الالتئام قريباً، فقد رد النائب ألبرت على دعوة ماسارون ببيان قال فيه إنه على حكومة ويتمر أن تجتمع أولاً مع المشرعين لمناقشة تخليها عن صلاحيات الطوارئ التي اعتبرها تعدّياً على الصلاحيات الدستورية لمجلسي النواب والشيوخ.
وكانت ويتمر قد أكدت في مقابلة تلفزيونية مع شبكة «أم أس أن بي سي» مطلع الأسبوع المنصرم، رفضها الشديد لطرية تعامل الأغلبية الجمهورية في ميشيغن مع مليارات الدولارات المقدمة للولاية في إطار المساعدات الفدرالية المخصصة لـ«كوفيد–19».
ووصفت الحاكمة الديمقراطية موقف الجمهوريين بأنه «غير منطقي» واتهمتهم بأنهم يحاولون استخدام الأموال الفدرالية لحملها على التخلي عن سلطاتها الأحادية في التعامل مع الوباء.
ورد النائب ألبرت بالقول إن سلوك إدارة ويتمر برمته، «غير منطقي»، مشيراً إلى أن إدارة الحاكمة الديمقراطية لا تمت للشفافية بصلة. لاسيما بعد الكشف عن اتفاقات سرية عقدتها ويتمر مع مسؤولين مستقيلين من إدارتها حصلوا على عشرات آلاف الدولارات مقابل التزامهم الصمت بشأن عملهم وأسباب تنحيهم.
وقال ألبرت: «من غير المنطقي أن يتم ترتيب دفعات مالية لإسكات وزير الصحة (روبرت غوردون) ومدير وكالة البطالة (ستيف غراي) فيما يتعلق بأسباب رحيلهما في خضم الوباء، ولكن هذا بالضبط ما فعلته».
وأضاف «من غير المنطقي أيضاً وضع مرضى مصابين بفيروس كورونا في دور رعاية المسنين مع سكان أصحاء، ولكن هذا بالضبط ما فعلته أيضاً».
Leave a Reply