بناءً على شكوى من طبيب نفسي أو الشرطة أو أحد أفراد الأسرة.. أو حتى زوجة سابقة
رويال أوك – وقّعت حاكمة ولاية ميشيغن، غريتشن ويتمر –يوم الإثنين الماضي– حزمة قوانين جديدة تسمح للمحاكم المحلية بمصادرة الأسلحة النارية –مؤقتاً– من الأشخاص الذين قد يمثلون خطراً على أنفسهم أو على الآخرين، لتصبح بذلك، ميشيغن الولاية الأميركية الحادية والعشرين التي تتبنى مثل هذه التشريعات التي تعرف باسم «قوانين العلم الأحمر».
وقالت ويتمر خلال مراسم التوقيع التي أقيمت أمام محكمة مدينة رويال أوك، بحضور نائب الحاكمة غارلين غيلكريست ومدعي عام الولاية دانا نسل وحشد من السياسيين والنشطاء والناجين من حوادث العنف المسلح، إن القوانين الجديدة أثبتت فعاليتها في «إنقاذ الأرواح» بولايات أخرى، مؤكدة أنه آن الأوان لميشيغن أن تنتهج قوانين عقلانية للحد من جرائم إطلاق النار التي وصفتها بأنها «أزمة صحة عامة». وأكدت الحاكمة الديمقراطية أن غالبية سكان ميشيغن يدعمون هذه التشريعات الهامة لمكافحة العنف المسلح، متجاهلة معارضة الجمهوريين الشاملة للحزمة التي تم تمريرها حصراً بأصوات الشيوخ والنواب الديمقراطيين. وقالت «يستحق الجميع الشعور بالأمان في أماكن إقامتهم وعملهم ومدارسهم».
ونظراً لعدم نيل «قوانين العلم الأحمر» لأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ –كما يتطلب دستور الولاية– فسيؤجل تطبيقها إلى ما بعد 90 يوماً من انقضاء الدورة التشريعية الحالية، التي تنتهي في كانون الأول (ديسمبر) القادم، ما يعني أن التشريعات الجديدة لن تسري عملياً حتى مطلع ربيع 2024.
وحصلت «قوانين العلم الأحمر» على دعم 20 سناتوراً مقابل معارضة 17 في مجلس الشيوخ، و56 مقابل 51 في مجلس النواب، وسط معارضة شاملة من الجمهوريين.
ويسيطر الديمقراطيون على مجلسي شيوخ ونواب ميشيغن، منذ مطلع العام الحالي، بعد فوزهم التاريخي في انتخابات 2022 الني منحتهم الأغلبية في المجلسين التشريعيين لأول مرة منذ 40 عاماً، وهو ما مهد لإقرار سلسلة قوانين جديدة تتعلق بضبط انتشار الأسلحة في ولاية البحيرات العظمى.
يشار إلى أن آخر مرة أقرّت فيها ميشيغن قانوناً واسعاً لتقييد انتشار السلاح في الولاية كانت في العام 1994، عندما أقر الحاكم الجمهوري الأسبق جون أنغلر حظراً على حمل الأسلحة داخل المدارس.
قوانين العلم الأحمر
يجيز القانون الجديدة للأطباء النفسيين وضباط الشرطة والأزواج والعشاق الحاليين والسابقين وأفراد الأسرة وشركاء السكن والأوصياء، تقديم شكوى إلى محاكم المقاطعات لتجريد الأفراد من أسلحتهم النارية، إذا شعروا أنهم قد يؤذون أنفسهم أو الآخرين.
تشريعات السلاح الجديدة سيبدأ تطبيقها في العام 2024
وتصدر المحكمة «أمر حماية من المخاطر الشديدة» (مصادرة الأسلحة النارية مؤقتاً) استناداً إلى رجحان الدليل –أو دليل واضح ومقنع– على أن المدعى عليه يمكن يتسبب بإيذاء نفسه أو الآخرين عن قصد أو عن غير قصد، في حال احتفاظه بسلاحه، وأن تكون قد صدرت عنه أفعال أو تهديدات تعزّز تلك التوقعات.
ويجب على المحاكم أن تأخذ بالاعتبار، التهديدات السابقة التي أطلقها الفرد، وحالته العقلية وسجله الجنائي وتاريخه في تعاطي الكحول والمخدرات، وما إذا كان قد استخدم سلاحاً نارياً بشكل غير قانوني سابقاً، وأية معلومات أخرى ذات صلة.
وإذا وجد القاضي ما يبرر أمر الحماية، يمكنه منع المدعى عليه من شراء أو حيازة سلاح ناري، وتسليم جميع الأسلحة أو التراخيص غير المستخدمة التي بحوزته في غضون 24 ساعة، تحت طائلة مصادرتها من قبل الشرطة.
ويتعين على القضاة تحديد جلسة استماع في غضون فترة زمنية معينة لضمان الامتثال للأمر القضائي أو السماح للفرد بالطعن بالقرار.
كما ستتاح للفرد الخاضع لأمر الحماية المؤقت، فرصتان خلال العام الذي يسري فيه القرار، لإظهار أنه لم يعد يشكل تهديداً وأن يلتمس من المحكمة إلغاء الأمر.
وفي حال انتهاك الشخص للأمر القضائي، سيكون عرضة للاعتقال والمحاكمة بتهم تتراوح بين جنح وجنايات، وفق نص مشروع القانون الذي يصعّد العقوبات تدريجياً في حال تكرار المخالفة لتصل إلى السجن لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات. أما بالنسبة لمقدم الطلب الذي «يدلي بإفادة كاذبة للمحكمة عن علم وعن عمد»، فإن العقوبة هي جنحة تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 93 يوماً للمخالفة الأولى؛ بينما تُعامل المخالفتان الثانية والثالثة كجناية يُعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى أربع سنوات وخمس سنوات على التوالي، إلى جانب غرامة تصل إلى ألفي دولار للمخالفة الثانية، وإلى 20 ألفاً للمخالفة الثالثة.
تشريعات أخرى
إلى جانب «قوانين العلم الأحمر» ستسري –ابتداء من العام القادم– مجموعة قوانين أخرى أقرّها الديمقراطيون ووقّعتها الحاكمة ويتمر الشهر المتاضي، تحت شعار الحد من ضحايا الأسلحة النارية، حيث سيتم توسيع فحص الخلفية الجنائية ليشمل جميع مبيعات الأسلحة النارية في الولاية، بدلاً من أن تكون محصورة فقط بالأشخاص الذين يقصدون المتاجر المرخصة لشراء المسدسات والبنادق التي لا يزيد طولها عن 26 إنشاً كما هو معمول به حالياً.
وبحسب الديمقراطيين، يمكن من خلال فحص الخلفية الجنائية، منع عمليات بيع الأسلحة للأشخاص الذين لديهم جناية سابقة أو أمر من المحكمة بدخول المستشفى لتلقي علاج الصحة العقلية.
كذلك، وقعت قانون التخزين الآمن للأسلحة، الذي سيلزم الأفراد الذين لديهم أطفال أو قاصرون يعيشون معهم في المنزل، بحفظ أسلحتهم داخل صندوق مغلق أو تفريغها وإقفالها لمنع استخدامها من الآخرين.
معارضة
يعارض المحافظون في ميشيغن بشدة، حزمة قوانين «العلم الأحمر» باعتبارها انتهاكاً صريحاً لحق المواطنين باقتناء الأسلحة النارية وفقاً للتعديل الثاني من الدستور الأميركي، وهو ما دفع أكثر من نصف مقاطعات الولاية البالغ عددها 83 مقاطعة، إلى إعلان نفسها «ملاذات دستورية»، بحسب وكالة «أسوشيتد برس».
وكانت مقاطعة ليفينغستون أول المبادرين إلى رفض قوانين السلاح الجديدة، قبل أن تحذو حذوها عشرات المقاطعات الأخرى ذات الانتماء الجمهوري. وقد أعرب قادة الشرطة في العديد من تلك المقاطعات عن تشكيكهم بدستورية «قوانين العلم الأحمر» وقدرة أجهزتهم على تطبيقها، في إشارة إلى صعوبة انتزاع الأسلحة من أصحابها بالقوة.
وقد أشار نواب جمهوريون إلى أن قوانين «العلم الأحمر» تعرّض ضباط الشرطة المكلفين بمصادرة الأسلحة النارية إلى خطر كبير.
وفي السياق، أقرت المدعي العام الديمقراطية، دانا نسل، لوكالة «أسوشييتد برس»، بأن المسؤولين المحليين «لديهم سلطة تقديرية في تحديد القوانين التي سيطبقونها بحسب الموارد المتوفرة لدوائرهم».
وبالإضافة إلى انتهاك «التعديل الثاني»، تتراوح اعتراضات الجمهوريين على «قوانين العلم الأحمر»، بين عدم ضمانها للتوازن بين حقوق المدعي والمدعى عليه، بما في ذلك حق الاستعانة بمحام، وبين الاكتفاء بعبء إثبات ضئيل على المدَّعي لإصدار أمر الحماية.
وجادل المشرعون الجمهوريون بأن الحزمة تمنح المحاكم سلطة واسعة لمصادرة الأسلحة النارية من الأفراد الملتزمين بالقانون بناءً على القليل من الأدلة، وتضع عبء إثبات البراءة على عاتق المتهمين للاحتفاظ بحقهم في اقتناء الأسلحة النارية، وهو ما وصفه سناتور جمهوري بأنه انقلاب على قاعدة «المتهم بريء حتى تثبت إدانته».
في المقابل، قالت كيلي برين، النائبة الديمقراطية عن نوفاي، والتي تترأس اللجنة القضائية في مجلس نواب الولاية، إن الحزمة توفر الأدوات اللازمة لحماية المجتمع بشكل أفضل من الأشخاص العازمين بوضوح على إيذاء أنفسهم أو الآخرين، مؤكدة على ضرورة أهمية القوانين الجديدة «للبدء في التصدي لوباء العنف المسلح».
وأضافت متسائلة :«من منا لا يعرف أحداً لا يجب أن يُسمح له باقتناء سلاح؟».
Leave a Reply