ديربورن – خاص “صدى الوطن”
كان مفاجئاً ومربكاً لي ولزميلي نيك ماير، سعادة وبهجة الطفل اليمني الأميركي أحمد الحواتي (4 سنوات) وهو يتقدم للسلام علينا والترحيب بنا (مع والده) في الوقت الذي يتصل بأنفه شريط أنبوبي طويل يتنهي بماكينة لضخ الأوكسجين. ومصدر الدهشة هو حيوية الطفل وبهجته، وأما سبب إرباكنا، فهو علمنا المسبق، بحالة أحمد الصحية، فهو ولد بنصف قلب، وفي حالة نادرة، نسبتها 1 بالألف من المواليد الأميركيين. ولكن قلب أحمد كان كبيراً وسعيداً.. أكثر مما توقعنا!
فقبل أربع سنوات تقريبا، عندما رزق اليمني أمين يحيى الحواتي (42 سنة) بمولوده أحمد، نصحه أحد الأطباء، بأن يترك ابنه يموت بسلام وأن يترك أمره للقدر، وأن يتابع حياته كالمعتاد، من دون متابعة حالته الصحية، لأنها “ستسبب الكثير من وجع الرأس”. رفض الوالدان الأمر، وقررا معالجة ابنهما، وتقديم كل ما يمكنهما فعله من أجله. ويقول أمين “إن ديننا وقيمنا تمنعني من أن أتركه هكذا، واجب علي أن أفعل ما يمكنني فعله، وهذا أبسط شيء. إنه ابني وما يؤلمه يؤلمني”.
ولكن حياة الأسرة التي تقطن في ديربورن تغيرت كثيراً، فالمتابعة الطبية المستمرة، التي تتطلب إسعاف الولد المريض ومراجعة المستشفى بشكل متكرر في مدينة آناربر، تتطلب الكثير من الجهد والمصاريف والصبر. ناهيك على الاهتمام بالطفل في المنزل، ورعايته المستمرة لحظة بلحظة.
فبالإضافة إلى ملازمة المريض للمعدات الطبية، يجب عليه أخذ خمسة أنواع من الدواء يومياً، يبلغ سعرها الألف دولار، وتغطي “الميديكيد” كلفتها باعتبار حالة أحمد “حالة خاصة”.
ولد أحمد بنصف قلب، وتم حتى الآن إجراء خمس عمليات جراحية له في الصدر. ولكن تبين للأطباء أن القلب لا ينمو وأنه غير قادر على ضخ الكمية الملائمة من الدم، إضافة إلى عدم نمو الرئتين، وهذا يعني أنه كلما ازداد نمو الجسم، ازدادت الحاجة إلى إجراء عملية جراحية لزرع قلب ورئتين. ومن المتوقع إجراء هذه العملية في غضون الأشهر القادمة، حين تستدعي الحاجة الماسة، أو حين يتوفر “المتبرع”، وعلى الأرجح سيتم إجراؤها في مستشفى تخصصي في مدينة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا، وهو المستشفى الوحيد المتخصص بإجراء هذا النوع من العمليات الصعبة، إلى جانب مستشفى آخر في ولاية كاليفورنيا.
وبالإضافة إلى الوضع النفسي والاجتماعي الصعب الذي تعيشه الأسرة، فإنها تعاني من وضع اقتصادي ضاغط، وهذا الوضع ناشئ أصلاً عن كون الأب أمين مهدد بالترحيل إلى اليمن. وتعليقا على هذا الموضوع يقول المعيل الوحيد لأسرة تتألف من أربعة أولاد (صبيان وبنتان) وأمهم: “ليس اهتمامي أن أبقى أو أن يقوموا بترحيلي. اهتمامي أن يتحسن الطفل ويصح، فاذا تم ترحيلي فمن سوف يهتم به؟”.
وأحمد الذي دخل الأراضي الأميركية منذ العام 1995، والذي كان لديه خلال السنوات الماضية إذن بالعمل، استطاع أن يعيل أسرته من خلاله عمله السابق كسائق سيارة شحن، والذي يقتضي عليه التغيب عن البيت أسابيع، وأحيانا شهرا بكامله، فقد الحق القانوني بالعمل، وهو لا يستطيع التقدم إلى أي وظيفة، وليس لديه رقم ضمان اجتماعي. وملخص القصة.. أن محاميه اقترح عليه تغيير نوع القضية المرفوعة لدى دائرة الهجرة، على أساس وضع ابنه أحمد الصحي، وبالتالي أصبح الأب مسموحاً له بالبقاء في الولايات المتحدة لأسباب إنسانية.
ولكن المحكمة وخلال السنوات الماضية، لم تصدر أي أمر بخصوص البت بوضع الأب، وهي تقوم بالتمديد له كل ستة أشهر، بسبب الملف الصحي للابن. وتعيش الأسرة هاجس ترحيل الأب في كل لحظة، إضافة إلى عدم منحه الترخيص القانوني لمزاولة أي عمل، الأمر الذي يسبب أوضاعاً اقتصادية صعبة للأسرة، ما يضطرها الى استقدم المال من أقارب الأب في اليمن.
ودائرة الهجرة لا تعطي جوابا ولا تبت بوضع الأب، وهذا ما يجعل الأسرة تعيش على أعصابها، وخائفة من فقدان معيلها ومدبر شؤونها الحياتية اليومية ومدارس الأبناء وإسعاف الولد المريض والاهتمام بحالته الصحية، إضافة إلى قدرته على مغادرة الولاية، فحتى عندما طلب الأطباء من الأب إسعاف الولد إلى المستشفى الكائن في ولاية بنسلفانيا، لم يغادر الأب الولاية إلا بعد حصوله على “إذن قانوني”.
والأب، الذي فقد عمله، والذي يضطر لإعالته أسرته، وإلى دفع تكاليف المحامي، يناشد الجالية العربية بناشطيها ومؤسساتها وشخصياتها القانونية لمساعدته، لتبني قضية ترحيله والدفاع عن حقه في التواجد قريباً من عائلته.
للتواصل مع أمين الحواتي، يمكن الاتصال معه على الرقم:
Leave a Reply