ما قامت به وزارة الخارجية اللبنانية كان إجراء إيجابيا وضروريا ولكنه متأخر بعض الشيء، ربما بسبب الأوضاع السائدة في لبنان وربما بسبب البيروقراطية المسيطرة على أداءا الوزارات، ربما بسبب انعدام القدرة من الناحية السياسية قبل إسقاط حكومة الرئيس الحريري، وربما، ربما.. لكن المهم هي النتيجة وأخذ العبر من التجربة الفاشلة للقنصل طوق هي التواصل مع مختلف الشرائح للبنانية.
فاستهتار القنصل طوق ونظرته الفئوية في التعاطي مع جزء من اللبنانيين وتماديه في الإساءة وعدم الاكتراث إلى حد التهور، كل هذه الأمور كانت السبب في انقطاع الود والتواصل مع سعادته، حتى انتهى به المآل إلى نهاية غير سعيدة دونت في سجله.
ويذكر في هذا المجال البيان العنصري والمتوتر الذي أصدرته ما يسمى بقوى “14 آذار” في ميشيغن بالتعاون مع طوق وبمساعدته، حيث تم التهجم على كل القناصل الذين تعاقبوا على القنصلية وعلى فئة محددة من الجالية اللبنانية، فأكسب البيان بعدا مذهبيا كان وقعه شديدا على الجالية. هذا إضافة إلى الإهانة المتعمدة التي وجهها طوق الى اللبنانيين في ديربورن عندما أوكل مهمة التعريف في حفل عيد الاستقلال الماضي إلى إحدى الشخصيات المتعصبة والمثيرة للاشمئزاز بسبب مواقف عنصرية أطلقتها هذه “الشخصية” بحق شريحة واسعة ووازنة من اللبنانيين، مع علم القنصل طوق المسبق بهذه المواقف وباحتجاجات أبناء الجالية في ديربورن عليها.
وقد طفح الكيل عندما استقبل طوق في مبنى القنصلية في ديترويت وفدا من “تيار المستقبل” للاحتجاج على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة بعد إقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة. واصدر الوفد “المستقبلي” من القنصلية بيانا ناريا موتورا ملقيا الاتهامات يمنة ويسرة على أحد الأفرقاء اللبنانيين، الأمر الذي أثار موجة من استياءات ليس من البيان، لأن أصحابه معروفي النوايا والخلفيات، وإنما من القنصل الذي فتح أبواب القنصلية أمام زمرة من المتعصبين والمنفعلين الذين أخذوا يتهجمون ويتطاولون على الرموز الوطنية.
لم تكن وزارة الخارجية بعيدة عما يدور في أروقة قنصليتها في ديترويت، وقد منحت القنصل طوق عدة فرص كي يصحح طريقة عمله ويقوّم اعوجاجه ويكف عن إدخال القنصلية في المتاهات السياسية والحزبية الضيقة، إلا أنه أصر على أسلوبه ولم يكترث بالعواقب متسلحا بتغطية حزبية جعلته يقول يوما “أنا أستطيع أن أرد أمر الوزير”، بالرغم من التحذيرات العديدة التي وجهت له.
عندئذ أخذ الوزير علي الشامي قراره بإرسال المستشار حسام دياب كي يضع حدا لهذه المهزلة في قنصلية ديترويت وكي يعيد بشير طوق إلى حجمه الطبيعي السابق. إضافة الى ما تقدم، فقد علمت “صدى الوطن” أيضا من مصادر في وزارة الخارجية بأن هناك توجها جديدا للتعاطي مع مثيري الشغب في الملاك الخارجي أكثر حزما وأشد صرامة، ويضيف المصدر بأن هذه الخطوة تهدف الى ضبط الانفلات الحاصل في القنصليات والسفارات حول العالم نتيجة المحاصصة الطائفية والحزبية، وسيُستدعى الى بيروت كل من يخالف تعليمات وزارة الخارجية.
ويختم المصدر بالقول: “من غير المسموح بعد الآن أن يعمل قنصل أو سفير أو موظف وفق أجندة حزبية، خاصة إذا كانت متطرفة”.
Leave a Reply