فاطمة الزين هاشم
بعد مغادرتي البارحة من أحد البنوك، وبينما كنتُ أهمّ بالصعود إلى سيارتي، استوقفني أحد الاخوة وسألني: «هل أنت تكتبين في الجريدة؟» فقلت نعم، كيف عرفت؟ قال: «من صورتك وأنا من قرّائك وأريد منك خدمة، ألا وهي تسليط الضوء على الأفران الموجودة في المدينة لعدم جودة ونوعية الخبز الذي نبتاعه ونأكله، حيث نشتري «الربطة» اليوم فلا تعد صالحة للأكل غداً، وذلك بسبب كمية السكّر والحليب المضافين للطحين».
بعد أن ذهب الرجل مرّت بجانبي سيّدتان، دفعني فضولي لأخذ رأيهما في هذا الموضوع فانفجرتا غاضبتين وأخذتا تشكيان من نفس الموضوع بقولهما إنّ أصحاب الأفران يلهثون وراء الربح السريع ضاربين عرض الحائط بصحة الناس.
إذن لنتناول الموضوع من الناحية الصحية، فعندما تزيد كمية السكّر والحليب في العجين، يتخمّر بسرعة وهذا ما يزيد من إنتاج الفرن وبيع كميات كبيرة وجني أرباح أكثر، فزيادة السكّر والحليب في الخبز تعرّض الرغيف للتعفّن بسرعة، لأن نسبة التخمير تكون عالية، فما أن تفتح ربطة الخبز اليوم حتّى ترمي الباقي غداً لأنّ بقع التعفّن تكون ظاهرة على الأرغفة وفي هذه الحالة لا يستطيع المستهلك أكلها.
ومن ناحية صحة المستهلكين فمرضى السكّر ماذا يفعلون في هذه الحالة؟ وهم في الأصل يمنعون من تناول الخبز بكثرة، أمّا بالنسبة للحليب المستخدم فهو من المؤكّد كامل الدسم وهذا مضرّ بمن يعانون من ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.
وهنا نجد أنفسنا أمام مشكلة في رداءة النوعية التي تعرض للمستهلك، وجميع أصحاب الأفران يشتركون في هذه القضية، فهل يظنون أن الفرد يشتري ربطة الخبز ليأكل منها قطعة ويرمي الباقي في اليوم التالي إلى المهملات؟ أين الضمير المهني في هذه القضية وأين الخوف من الله في غشّ الناس؟ سيّما وأن هناك أشخاصاً يعملون طيلة النهار لتأمين لقمة العيش لعيالهم، لا لكي يرمونها في المهملات ثمّ يشترون غيرها في اليوم التالي، بل هناك أشخاص يحصلون عليه بصعوبة لمحدوديّة دخلهم وكثرة عدد أفراد أسرهم، ونحن شعب يستهلك الخبز بكميات كبيرة، خاصة الجاليات الشرق أوسطية، فهي تعتمد عليه بشكل أساسي في جميع الوجبات.
إذن الغش في لقمة العيش مرفوض والخوف من الله مطلوب، فارجعوا إلى قول الرسول محمّد (ص) حيث قال: «من غشّنا ليس منّا»، نعم عودوا إلى ضمائركم ليبارك الله لكم بأموالكم التي تجنونها.
اطعموا أولادكم من الرزق الحلال بدلاً من أن تطعموهم من غشّ الناس الذين لا حول لهم ولا قوّة، اجعلوهم يدعون لكم بدلاً من أن يدعوا عليكم، لأنّ ليس بين الله وبين دعوة المظلوم حجاب كما تعلّمنا جميعاً.
Leave a Reply