واشنطن – خاص “صدى الوطن”
أطل الرئيس الاميركي باراك اوباما من على منبر الكونغرس على الأميركيين والعالم بخطابه الأول عن “حال الإتحاد” الذي كان بمجمله عن خطط وخطوات يعمل على تطبيقها لإصلاح حال البلاد، فكان الحيز الدولي ضيقا الى حد تجاهل قضايا أساسية عالميا مثل عملية السلام في الشرق الأوسط فيما تناول قضايا هامة أخرى مثل العراق وإيران.. والإرهاب، البيولوجي منه خاصة. وقد ركز الرئيس الأميركي على النهوض بالاقتصاد، وتعهد بسلسلة من الإجراءات لزيادة الوظائف وتقليص البطالة، معترفا في الوقت نفسه بالصعوبات والإخفاقات التي واجهتها إدارته في عامها الأول.
أوباما الذي خرق عرفاً رئاسياً، اذ لا يلقي الرئيس هذا الخطاب في السنة الاولى من عهده، استغل الخطاب كمناسبة انتهزها لاستعادة المبادرة وبروح قتالية بعدما شهد عامه الاول في البيت الابيض سلسلة من الكبوات ترجمت في هزيمة المرشحة الديمقراطية لمجلس الشيوخ الأميركي في ولاية ماساتشوستس التي تعتبر عريناً للحزب الديمقراطي أمام المرشح الجمهوري سكوت براون. ونجح أوباما في إشعال حماسة الحاضرين على الأقل حيث قاطعه المشرعون، الذين اكتظت بهم قاعة الكابيتول من الحزبين، مرارا بالتصفيق الحار وقوفاً.
دولياً
حذر أوباما في خطابه أمام الكونغرس، إيران من انها ستواجه عواقب وخيمة بسبب ملفها النووي، وأن المجتمع الدولي موحد، وطهران أصبحت أكثر عزلة. وقال أوباما ان حرب العراق “شارفت على النهاية” وأن “القوات ستعود الى البلاد”، موضحا أنه “في الوقت الذي نتعهد فيه القتال ضد “القاعدة” فإننا نترك العراق لشعبه بطريقة مسؤولة”، وأشار أوباما لتعهداته السابقة قائلا “عندما كنت مرشحا، وعدت بأنني سأضع حدا لهذه الحرب وهذا ما أفعله كرئيس”. وأضاف “كل القوات القتالية” ستخرج من العراق قبل نهاية شهر آب (اغسطس)، مؤكدا المهلة التي كانت حددتها إدارته. وسيتم الانسحاب النهائي نهاية العام 2011.
وأوضح “سوف ندعم الحكومة العراقية التي ستجري انتخابات وسوف نواصل دعم السلام الاقليمي والازدهار”. مضيفا موجها كلامه لأعضاء الكونغرس “لا تقلقوا: هذه الحرب شارفت على النهاية وكل قواتنا ستعود الى البلاد”.
وأعلن أوباما في خطابه عن خطة لمكافحة الإرهاب البيولوجي والأمراض المعدية. مضيفا “نطلق مبادرة ستوفر لنا القدرة على الرد بسرعة أكبر وبفعالية أكبر على الإرهاب البيولوجي والأمراض المعدية”.
وأوضح أن الامر يتعلق بخطة “ستتصدى للتهديدات في ديارنا وستعزز الصحة العامة في الخارج”. وهذه الخطة تهدف إلى “الأمن المشترك والازدهار لجميع الشعوب” من خلال مساعدة المسلمين في العالم من أجل دفع العلم والتربية والابداع. وبحسب البيت الأبيض، فإن الرئيس سيعمل في إطار هذه المبادرة مع مسؤولين في الإدارة من أجل “إعادة صياغة” الرد الطبي على الارهاب البيولوجي (تفاصيل ص ١٠).
الداخل والأزمة
ووضع أوباما في خطابه مهمة ايجاد فرص عمل جديدة في الولايات المتحدة في اعلى سلم اولويات ادارته، ففي المجال الاقتصادي اعلن اوباما ان “العاصفة مرت ولكن الخسائر ما تزال قائمة”، مؤكدا ان الاجراءات التي اتخذتها ادارته حالت دون غرق الولايات المتحدة في ازمة كبيرة مماثلة لازمة الكساد الكبير الذي شهدته في ثلاثينيات القرن الماضي.
وطلب الرئيس من الكونغرس، الذي التأم بمجلسيه للاستماع الى خطابه، وضع قانوناً للوظائف، وقال: “اريده على مكتبي من دون تأخير”.
ورغم ان الولايات المتحدة خرجت من الركود الاقتصادي الصيف الماضي الا ان سوق العمل لا يزال يعاني من ارقام بطالة قياسية بلغت 10 بالمئة. وفي هذا المجال اعلن اوباما انه يريد “اخذ 30 مليار دولار” من الاموال “المستعادة من وول ستريت” ووضعها في تصرف المصارف الصغيرة لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على ايجاد فرص عمل، متعهدا ايضا بمضاعفة صادرات البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة لايجاد مليوني فرصة عمل جديدة.
واقترح اوباما تجميد الانفاق ثلاثة اعوام في بعض البرامج الحكومية وحدد مجالات لخفض 20 مليار دولار في ميزانية العام القادم، وقال انه لن يستمر في منح تخفيضات ضريبية لشركات النفط ومديري صناديق الاستثمار ومن يحققون ارباحا تزيد على 250 الف دولار سنوياً.
كذلك تعهد اوباما بالحزم في اصلاح النظام المالي وبرد كل قانون في هذا المجال “لا ينم عن اصلاح حقيقي”، وذلك بعدما كان الرئيس الاميركي دخل الاسبوع الماضي في معركة حقيقية مع كبريات البنوك الاميركية التي يريد ان يتصدى فيها لبعض الممارسات المسؤولة بنظره عن جزء من الازمة. واذ اكد انه لا يريد “معاقبة المصارف” بل “حماية الاقتصاد”، حذر اوباما من ان مجموعات الضغط التابعة لكبريات المؤسسات المالية تحاول منذ الآن وأد الاصلاح المالي الذي اقره مجلس النواب.
وفي الوقت الذي بلغت فيه ديون الولايات المتحدة ما نسبته 80 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي، اعلن الرئيس الاميركي انه سيصدر مرسوما لتشكيل لجنة لمعالجة عجز الموازنة غداة سقوط مشروع لتشكيل لجنة مماثلة في مجلس الشيوخ.
وفقد الديمقراطيون في 19 كانون الثاني (يناير) اكثريتهم الموصوفة في مجلس الشيوخ اثر فوز مرشح جمهوري بمقعد السناتور الديموقراطي الراحل تيد كينيدي، ما ارخى بظلال الشك على مستقبل اصلاح النظام الصحي، غير ان الرئيس تعهد بعدم التخلي عن تحقيق هذا المشروع الذي كان احد مداميك حملته الانتخابية في 2008. وقال “بحلول نهاية خطابي، سيكون المزيد من الاميركيين قد خسروا ضمانهم الصحي، لن اتخلى عن هؤلاء الاميركيين. ولا احد في هذه القاعة يجب ان يفعل ذلك”. وبنبرته الساخرة المعهودة قال اوباما ان “انقاذ البنوك كان شعبيا بقدر ما هي كذلك زيارة طبيب الاسنان”، داعيا الكونغرس الى اقرار مشروع قانون آخر يتعلق بالتغير المناخي ومطالبا الجمهوريين بالكف عن عرقلة اقرار مشاريع القوانين لغايات انتخابية.
Leave a Reply