ديترويت، غرايلينغ – أصدرت حاكمة ولاية ميشيغن، غريتشن ويتمر، تحذيراً عاماً من خطورة إشعال النيران في الخارج بسبب موجة الجفاف التي تخيّم على الولاية منذ نحو شهر تقريباً، والتي أدت خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم إلى اندلاع حريق ضخم أتى على أكثر من ألفي أيكر من الغابات في شمال الولاية، وسط مخاوف من اندلاع المزيد من الحرائق مع استمرار انحباس الأمطار.
ويأتي ذلك بينما تعاني معظم مناطق ميشيغن من تدني جودة الهواء، بسبب سحب الدخان الناتجة عن حرائق الغابات المستعرة في كندا منذ نحو شهر تقريباً. وقد دفع ارتفاع منسوب التلوث، المسؤولين في ميشيغن إلى تحذير السكان من الخروج في الهواء الطلق دون ارتداء كمامات، ولاسيما «المجموعات السكانية الحساسة»، مثل المصابين بأمراض الربو وضيق التنفس.
جودة الهواء في منطقة ديترويت تنحدر إلى مستوى خطير نتيجة سحُب الدخان القادمة من كندا
وتخشى إدارة الموارد الطبيعية في ميشيغن DNR من تفاقم التلوث في حال نشوب المزيد من حرائق الغابات مع بداية موسم الاصطياف، خاصة وأن الغالبية العظمى من مناطق الولاية مدرجة حالياً ضمن فئة «خطورة شديدة» أو «خطورة عالية جداً»، وفقاً لخريطة خطر الحرائق الصادرة عن دائرة الغابات الأميركية.
لا تشعلوا الحرائق!
خلال زيارتها لمدينة لانسنغ، الإثنين الماضي، توجهت الحاكمة ويتمر بنداء إلى سكان الولاية تحذرهم فيه من مغبة إشعال النيران، وقالت: «لقد كان ربيعاً جافاً للغاية… ونريد من الناس ألا يشعلوا النيران في الخارج هذه الأيام، فالأشياء كلها جافة، ويمكن أن تشكل وضعاً خطيراً للغاية».
ومن جانبها، قالت المسؤولة في DNR، كيري هيكمان، إن التحذير غير المسبوق من خطر الحرائق في ميشيغن، لم تشهده الولاية في مثل هذا الوقت من السنة قط، وسببه كمية المواد الجافة المتوفرة لتغذية النيران وإخراجها عن السيطرة، مثل العشب اليابس وإبر الصنوبر وغيرها من اليباس الذي يغطي أرض الغابات بعد مرور أكثر من شهر على انحباس الأمطار عن ولاية البحيرات العظمى، فيما لا تشير الأرصاد الجوية إلى أية عواصف مطرية في المدى المنظور، رغم توقع بعض الأمطار المتقطعة مطلع الأسبوع المقبل. ولولا الأمطار الغزيرة التي تساقطت بين شهري شباط (فبراير) ونيسان (أبريل) الماضيين، لكان الوضع أشد خطورة بكثير.
وبحسب الخبراء، من المتوقع أن يؤدي تغيّر المناخ إلى جعل ظروف الجفاف أكثر شيوعاً في ميشيغن خلال السنوات القادمة. ويحذر العلماء من أن ولاية البحيرات العظمى ستعاني من موجات جفاف صيفية أكثر تواتراً ومتوسط درجات حرارة أكثر دفئاً في ظل ارتفاع درجة حرارة الأرض.
بداية الكابوس
شكل حريق اندلع بقرب بلدة غرايلينغ في مقاطعة كروفورد بشمال شبه الجزيرة السفلى، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بداية الكابوس بالنسبة للمسؤولين الذين يخشون اندلاع المزيد من الحرائق في ظل ظروف الجفاف وبداية موسم الاصطياف والتنزه في أحضان الطبيعة.
ووفقاً للتحقيقات الأولية نتج حريق غرايلينغ عن نيران معسكر تخييم ضمن أرض خاصة مليئة بأشجار الصنوبر، ظهر السبت الماضي، وانتهى بتدمير عشرات المباني بما في ذلك 35 منزلاً و58 هيكلاً خارجياً، بالإضافة إلى 38 سيارة و12 عربة تخييم وثلاثة قوارب فضلاً عن تدمير مساحات واسعة من الغابات.
وقامت السلطات بإغلاق الطريق السريع «75» وإجلاء مئات السكان من المنطقة للسيطرة على الحريق الذي التهم حوالي 900 هكتار من الغابات قبل أن يتم تطويقه باستخدام طائرات الهليكوبتر ومئات عناصر الإطفاء من وكالات محلية وفدرالية مختلفة.
وفي حين احتاجت طواقم الإطفاء لأكثر من ثلاثة أيام لإخماد أكبر حريق يجتاح الولاية هذا العام، حذرت لوري أبيل، المتحدثة باسم DNR من أن «الحريق التالي قد يكون قريباً جداً، ويمكن أن يكون أكبر»، مشيرة إلى أن الظروف جافة للغاية، لدرجة أن شرارة واحدة كفيلة بإشعال حريق.
وعلى سبيبل المثال، قالت هيكمان: «يمكن لاحتكاك نصل قصّاصة العشب بصخرة أن يولد شرارةً كفيلة بإشعال حريق بنسبة تقارب 100 بالمئة».
في الوقت الحالي، توقفت DNR عن إصدار تصاريح حرق مخلفات الأفنية في النصف الشمالي من شبه الجزيرة السفلى وكامل شبه الجزيرة العليا، فيما أهابت هيكمان بسكان جنوب ميشيغن التحقق من بلدياتهم المحلية ودوائر الإطفاء بشأن تصاريح الحرق. واستدركت بالقول: «لا يزال بإمكان الناس إشعال نيران المخيمات أو نيران الطهي، لكن يجب عليهم فعل ذلك بحذر شديد والتأكد من أن كل شيء مطفأ تماماً وبالكامل وبارد قبل أن يغادروا».
وأوصى بيان DNR بإتباع عدة إجراءات لتقليل مخاطر حرائق الغابات، ومن بينها عدم ترك النار دون رقابة ولو للحظة واحدة، والتحقق أولاً لمعرفة ما إذا كانت الظروف تسمح بإشعال النار في الهواء الطلق حتى لا تنتقل عبر الهواء وتتسبب في إشعال حريق.
ودعا البيان إلى القيام دائماً بإطفاء النيران بالماء، مع مراعاة سكب الماء وتقليب مكان النار بمجرفة وسكب الماء مرة أخرى لحين التأكد من إخمادها تماماً. ونصح البيان بعدم وضع المعدات الساخنة على العشب الجاف على جانب الطريق، حيث يمكن أن تشتعل وتسبب الحرائق.
تلوث خطير
يأتي تزايد خطر حرائق الغابات في ميشيغن بينما تعاني الولاية من تلوث حاد بسبب سحب الدخان الناتجة عن حرائق الغابات المستمرة منذ نحو شهر في كندا.
وبالإضافة إلى الضباب الذي يحجب سماء ميشيغن، تسببت سحب الدخان القادمة من وراء الحدود بفعل الرياح الشمالية، بتدني جودة الهواء إلى مستويات خطيرة في أنحاء متفرقة من الولاية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وتحديداً في منطقة ديترويت الكبرى التي تجاوز معدل التلوث فيها مستوى 150 جزيئاً بالمليون (عدد الملوثات لكل متر مربع من الهواء).
ووفقاً لمقياس تصنيفات جودة الهواء، يعتبر مستوى التلوث عند 101–150 جزيئاً بالمليون، «غير صحي للمجموعات الحساسة»، مثل المصابين بالربو، أما مستوى 151–200 جزيئاً بالمليون فيعتبر «غير صحي لعامة الناس»، بحسب مؤشر جودة الهواء الأميركي.
وبالفعل، وصلت كثافة التلوث في منطقة ديترويت يوم الأربعاء الماضي إلى تصنيف «غير صحي لعامة الناس»، حتى أن موقع IQAIR، الذي يتتبع جودة الهواء حول العالم، أعلن عن وصول مستوى التلوث فيها إلى 156 جزيئاً بالمليون، وهو ما جعلها ثاني أكثر مدن أميركا تلوثاً، بعد نيويورك. ووحدها مدن دلهي (الهند) وهانوي (فيتنام) وتل أبيب (فلسطين المحتلة)، كانت أسوأ من ديترويت ونيويورك.
وأفادت خدمة الطقس الوطنية، بأن الدخان الذي يمرّ عبر الغلاف الجوي في ميشيغن يحتوي على ملوثات يمكن أن يكون استنشاقها خطيراً على المجموعات السكانية الحساسة بما في ذلك المصابون بالربو. ومن المتوقع أن تظل جودة الهواء في منطقة ديترويت غير صحية، حتى مطلع الأسبوع القادم.
ولتفادي الضرر، ينصح الخبراء بتأجيل العمل في فناء المنزل أو ممارسة النشاطات الرياضية في الهواء الطلق. وفي حال الاضطرار للخروج يُفضّل ارتداء أقنعة N95 لتقليل التعرض للملوثات.
كذلك، يوصي الخبراء بإغلاق الأبواب والنوافذ وسدّ مواقد التدفئة، وتشغيل مكيف الهواء بوضعية إعادة تدوير، مع التأكد من سلامة وفعالية فلاتر نظام التهوية.
Leave a Reply