على وقع التطورات الميدانية وتقدم الجيش السوري في ريف دمشق والصراع الدائر بين المسلحين الاسلاميين في شمالي سوريا ومسلحي «داعش»، والتي أدت الى طرد الاخيرة من كثير من مناطق حلب وفقدانها لأهم مقراتها في شمال البلاد بعد مقتل مئات المسلحين من كلا الطرفين، في ظل تقدم هادىء للجيش السوري والقوات الموالية له، تستمرّ الإتصالات تمهيداً لعقد مؤتمر «جنيف 2» المقرّر في 22 كانون الثاني (يناير) الجاري. والجديد في ذلك إرسال الأمين العام للأمم المتحدة الدعوات لحضور المؤتمر مستثنياً إيران منها.
جنود سوريون في محيط مقام السيدة سكينة (ع) بمدينة داريا. |
وقال مساعد المتحدّث باسم الأمم المتحدة فرحان حقّ «إنّ وزيري خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف سيلتقيان في 13 من الجاري لاتخاذ قرارٍ بشأن مشاركة إيران من عدمه».
هذا وجدّدت الولايات المتحدة موقفَها الداعي لإيران بأن تقبل علناً بيان جنيف الأول بغية التمكّن من المشاركة في «جنيف 2» وقالت نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، إنّ قرار مشاركة إيران لم يتّخذ بعد.
ومن جانبها، أعلنت السلطات السورية مرارا أن وفدها إلى المؤتمر الدولي جاهز وقد فوّض تجمّع العشائر السورية الوفد الحكوميّ المتجّه الى جنيف التحدّث باسمها في مفاوضات حلّ الأزمة سياسياً. وقال شيوخ العشائر في بيانٍ لهم إنّ نسبةً قليلةً خرجت عن موقف أبناء القبائل معتبرين أنّ هؤلاء لا يمثّلون قبائل وعشائر سوريا.
وفي هذه الاثناء التقت جماعات من المعارضة السورية بما في ذلك عدد من ممثلي المعارضة الإسلاميين في قرطبة بإسبانيا لأول مرة الخميس الماضي في مسعى للتوصل إلى أرض مشتركة قبل محادثات «جنيف2»
ويشارك في اجتماعات قرطبة التي تستمر يومين أعضاء من «الائتلاف الوطني السوري» ومبعوثون من جماعات معارضة داخل سوريا.
وقال المعارض كمال اللبواني إن معظم الأطياف السورية ممثلة في اجتماع اسبانيا بل أن أحد أفراد الأمن السوري الذي يدعم الأسد يشارك في الاجتماع. وأضاف أن ثلاثة أعضاء على الأقل من «الجبهة الإسلامية» جاؤوا أيضا لحضور الاجتماع. وتضم «الجبهة الإسلامية» عددا من الألوية الإسلامية التي تمثل قطاعا عريضا من المقاتلين في الميدان وترفض سلطة «الائتلاف».
وذكر اللبواني أن الخلافات بين الوفود عميقة جدا لدرجة يصعب معها تجاوزها في الاجتماع الذي يهدف إلى إقامة حوار بين تلك الوفود.
ويقول دبلوماسيون إن الاجتماع هو بمثابة إقرار بأن الائتلاف الوطني المنقسم الذي لم يقبل رسميا حتى الآن الدعوة لحضور مؤتمر «جنيف2» يفقد نفوذه في الميدان وأن هناك حاجة لتكتل أشمل قبل محادثات جنيف. كما حضر اجتماع قرطبة أيضا ممثلون عن «الجيش الحر».
وكان 44 عضوا، من أصل 112، في «الائتلاف» قد أعلنوا انسحابهم منه «بعد انسداد كل المحاولات لإصلاحه وعجزه عن تحمل مسؤولياته» وذلك بعد إعادة انتخاب أحمد الجربا المدعوم من السعودية رئيساً «للإئتلاف».
حرب «داعش» وأخواتها
ميدانياً، واصل الجيش السوري تقدمه في ريف دمشق، حيث تم التوصل الى تسوية جديدة في منطقة برزة شمال شرق العاصمة، والتي تعتبر من أسوأ مناطق الاشتباك في مدينة دمشق، تقضي بتسليم عشرات المسلحين لأنفسهم وأسلحتهم.
وقال مصدر عسكري سوري «إن وحدات من الجــيش السوري دخلت برزة، وتسلمت الأسلحة الثقيلة، كما بدأت تفكيك العبوات هناك». وأضاف «استسلم مئتا مسلح مما يُسمّى «الجيش الحر» و«جبهة النصرة» وسلّموا أسلحتهم للجيش السوري في حي برزة». ويذكر أنه تم الاتفاق بين الجيش وقادة بعض الكتائب المسلحة على تسليم أنفسهم وأسلحتهم مقابل تسوية أوضاعهم، وفك الحصار عن الحي، في تكرار لتسوية مماثلة جرت في المعضمية، فيما لا تزال تسويةمخيم اليرموك تراوح مكانها.
ويواصل الجيش السوري عملياته في الريف الدمشقي في داريا وجبال القلمون إضافة الى الغوطة، في الوقت الذي تشهد فيه مدينة عدرا في ريف دمشق وصول المزيد من التعزيزات العسكرية استعداداً لمعركة قاسية خلال الأيام المقبلة، وتحدث بعض الناجين من المعارك عن مجازر ارتكبها المسلحون ومقابر جماعية.
وفي حمص أكد نشطاء الأسبوع الماضي مقتل عشرات مسلحي المعارضة، في أحياء المدينة القديمة. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن النشطاء أن المقاتلين المعارضين الذين ينتمون الى ألوية مختلفة قتلوا بينما كانوا يحاولون فك الطوق المفروض على هذه الأحياء منذ أكثر من عام.
ومن جانبها، ذكرت وكالة «سانا» أن الجيش السوري تمكن من القضاء على مجموعات مسلحة في حمص وريفها. وذكر مصدر عسكري أن وحدات من الجيش تصدت لمجموعات مسلحة حاولت التسلل من أحياء القصور والقرابيص وجورة الشياح إلى منطقة المطاحن وقضت على 37 من أفرادها.
ولا تزال أنباء المعارك المستمرة بين تنظيم «داعش» وفصائل في المعارضة السورية المسلحة في شمال سوريا تطغى على المشهد الميداني ومعارك سجلت تراجعاً لـ«داعش» عن المزيد من مناطق الشمال السوري، ما اعتبره مراقبون تمهيداً لمؤتمر «جنيف 2» الذي ستكون مكافحة الإرهاب أبرز عناوينه.
من جهته، تعهد تنظيم «داعش» بسحق فصائل المعارضة السورية التي تقاتلها في أسوأ اشتباكات بين فصائل المسلحين. وأدى القتال بينهم إلى مقتل حوالي 400 مسلح. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن الجماعة فقدت قاعدتها الرئيسية في مدينة حلب بشمال البلاد لصالح منافسين يوم الأربعاء.
وشنت جماعات المسلحين الأسبوع الماضي سلسلة من الهجمات المنسقة على ما يبدو على جماعة «داعش» في شمال سوريا وشرقها بعد تزايد حدة التوتر معها على مدى شهور. ولقي هذا تأييدا من «الائتلاف الوطني» الذي يحظى بدعم الدول الغربية ودول الخليج. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له إن مقاتلين اسلاميين سيطروا يوم الأربعاء الماضي على القاعدة الرئيسية لـ«داعش» في حلب.
من جهة أخرى، انسحب تنظيم «داعش» يوم الخميس الماضي من محيط مطار كويرس العسكري شرق حلب.. في وقت سادت فيه تساؤلات عن تحييد جبهة النصرة عن هذا القتال وعن تصنيفها بالوسيط علماً بأنها تعد الممثل الرسمي «للقاعدة» في سوريا، التي أعلنت عن سيطرة مسلحيها على مبنيي أمن الدولة والأمن العسكري في مدينة الرقة اللذين كانا خاضعين لسيطرة مسلحي «داعش» وعن أسر عناصر «النصرة» عدداً من عناصر «داعش».
وقصف مسلحون تابعون «للجبهة الإسلامية» «الفوج 46» الخاضع لسيطرة «داعش» في الأتارب بريف حلب الغربي، وذلك بعد ساعات على تراجع «داعش» في أطما وبلدة الدانا الاستراتيجيتين في إدلب، وتخليه عن مواقعه في سرمدا القريبة من الحدود التركية ومعبر باب الهوى الحيوي.
في المقابل أحكم «داعش» سيطرته على مدينة حريتان في ريف حلب الشمالي. هذا وقد قتل ما لا يقل عن خمسين مسلحاً في هذه المواجهات.
وفي دير الزور تشير المعلومات إلى تراجع حدة المعارك التي يشنها المسلحون على مطار المدينة العسكري، بعد التقدم الذي حققه الجيش واستعادته لبلدة الجفرة التي تشكل خط الحماية الأساسية للمطار.
Leave a Reply