ديربورن – خاص “صدى الوطن”
عم الحزن والحداد مختلف الجاليات اللبنانية والعربية في منطقة ديترويت على رحيل المرجع الإسلامي الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله، الذي وافته المنية يوم الأحد الماضي في ٤ تموز (يوليو) في مستشفى بهمن في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
وأقيمت لهذه المناسبة الأليمة مجالس عزاء وفاتحة في مختلف المراكز الإسلامية التي تدفق اليها الآلاف على مدى أيام الأسبوع للمشاركة وتناول الأئمة سيرة المرجع الراحل وجوانب شخصيته وتحدثوا عن إسهاماته في التقريب بين المذاهب والأديان، وإنجازاته الخيرية والتنموية لصالح فقراء المسلمين في لبنان والعالم.
وقال إمام “دار الحكمة الإسلامية” الشيخ محمد على إلهي أن السيد فضل الله كان “عالماً كبيراً له أكثر من مئة كتاب وآلاف المحاضرات والأوراق والمطالعات، وكان رجل حكمة ومعرفة وقيادة وروحانية”.
وأضاف “سوف يتذكره الكثيرون من المسلمين وغير المسلمين” وقال إنه كان محبوباً من الكثيرين ولكن أسيء فهمه من كثيرين أيضاً”.
وأبلغ محمد علي، وهو أحد الحاضرين في مجلس العزاء الذي أقيم في “دار الحكمة الإسلامية” في ديربورن هايتس “صدى الوطن” أنه لن ينسى لقاءه وفضل الله في كانون الثاني (يناير) الماضي خلال رحلته الى لبنان وقال “لقد أثر فيّ كثيراً وكان بمثابة الأب وأعجبت بالطريقة التي يساعد من خلالها الأيتام ويطعم المساكين”، وأضاف “عندما صافحته شعرت بيد مقدسة تلمسني. لقد ساعد كل لبنان وهو بمثابة جزء مني فقدته بفقده”.
وقال إمام “المنظمة الإسلامية لشمالي إميركا” (إسنا) في مدينة وورن مصطفى الترك أن رحيل السيد فضل الله “أثّر بصورة مباشرة على مئات ألوف إن لم يكن ملايين الناس في مختلف أنحاء العالم”.
وأضاف “إن غيابه سبب الألم للكثيرين وأنا منهم بسبب الإنجازات العظيمة التي حققها لخير المسلمين ولمعرفته وفهمه الكبيرين للرؤى المعاصرة حول العديد من القضايا”.
ونوّه الترك بأن ما كان يميز الراحل الكبير هو دعوته المتواصلة للوحدة بين السنة والشيعة وتوقه الى توحيد الأمة الإسلامية.
وتحدث الإمام باقر بري من المجمع الإسلامي الثقافي عن أهمية رسالة الوحدة بين المسلمين التي حملها المرجع الراحل وقال “انه استطاع إظهار الوجه الحقيقي للإسلام ورسالته كانت رسالة محبة بين المسلمين أنفسهم، سنة وشيعة، كما نحو المسيحيين وأهل الكتاب لأجل مساعدتنا على بناء التوازن وتحقيق السلام المقرون بالعدل وجهاده في سبيل خير الإنسانية جمعاء”.
ومن ناحيته، أصدر مكتب السيد حسن القزويني، إمام “المركز الإسلامي في أميركا” بياناً بمناسبة رحيل آية الله العظمى المرجع السيد محمد حسين فضل الله. وتقدم البيان بالعزاء “إلى صاحب العصر والزمان الإمام المهدي المنتظر (عج)، وإلى المراجع العظام، وإلى الأمة الإسلامية، والشعب اللبناني، وإلى الجالية المسلمة في الولايات المتحدة، وإلى آل السيد فضل الله”.
وأشار البيان إلى مكانة الراحل السيد فضل الله، باعتباره “ركنا من أركان التقى، وعمودا من أعمدة الدين، وجهبذا من جهابذة العلم”، ومنوها في الوقت ذاته بمساهمات الفقيد الراحل التي أثرت المكتبة الإسلامية في مختلف ألوان الثقافة الإسلامية، والتي شكلت “منبعا روحيا ينهل منه المفكرون والمثقفون والعلماء والباحثون”.
وأشاد البيان بمواقف الفقيد الراحل لجهة نصرة “المواقف الإسلامية الكبرى، وخصوصا قضية فلسطين ونصرة المقاومة الإسلامية في لبنان”، واعتبر البيان تلك المواقف دليلا على عظمة وشجاعة المرجع الراحل.
واعتبر البيان أن رحيل السيد حسين فضل الله خسارة “منيت بها الأمة الإسلامية” وبأنها “خسارة لا تعوض” ولا يعوضها “إلا تحقق الرؤى والأهداف الإسلامية الكبرى التي كان المرجع الفقيد قد نذر حياته من أجلها وعلى رأسها تحرير فلسطين من دنس الصهاينة المعتدين”.
من ناحيتها، أصدرت حركة “إرشاد” ومقرها في ديربورن ولها فروع في ولايات وبلدان أخرى بياناً نعت فيه فضل الله جاء فيه: “في الوقت الذي تمر فيه الأمة بتحديات فكرية جسيمة، ويحاول ينبوع الوعي أن يشق طريقه بين صخور التراث وركام الردّة، أفل نجم آخر من سماء الانفتاح والفكر والإنسانية، ومعلم كبير من معالم النهضة والتجديد ورمز أصيل من رموز الوحدة و الإباء”
وتابع البيان “في الوقت الذي تنعى فيه حركة “إرشاد” هذا الراحل الكبير، وتودّعه أباً وفقيهاً ومرجعاً، فإننا نؤكّد على أن الطريق الذي وضع سماحة السيد أقدام الأمة عليه لن يفتأ أن يعج بالمسير، وأن باب الوعي الذي طرقه ودعا الأمة إليه، سيبقى مفتوحاً على مصراعيه، وأن بعد فضل الله مرحلة لن تكون كما كانت المرحلة قبل فضل الله، فدولة العقل لن تأفل وإن أفل نجم من نجومها الساطعة، والوحدة لن تعود فرقة، و الوعي لن يعود جهلاً، وأوراق التراث، السقيم منه، التي احترقت أنّى لها أن تبعث من جديد”.
كما أصدر المرشد العام لمؤسسة “إرشاد”، الشيخ طالب السنجري بياناً قال فيه “ببالغ الأسى والحزن تلقيتُ نبأ رحيل اُستاذنا العلاّمة محمّد حسين فضل الله الذي ملأ الدنيا وعياً، وكنّا نتطلّع في مرجعيته الدينية أن تعبأ الفراغ القاتل الذي عاشته المرجعية بعد إستشهاد الإمام الشهيد محمّد باقر الصدر، لولا أن شحّت عليها نفوس قومٍ، ووقف بوجهها عالية قوم آخرين، حسداً وبغياً وقلّة ورع ودين!”. وأضاف “لقد إسترحت سيدي من همّ الدنيا وغمّها، وتناقضات الواقع بكلّ تفصيلاته، والعراك الصاخب على أحداث طواها التاريخ، وبقينا بعدك نحمل الهمّ الثقيل ، ونصول بيد جذّاء”.
وختم الشيخ السنجري بيانه بالقول “هنيئاً لك رضوان الله أن أدّيت مهمّتك، وبلّغت رسالتك، وقلت كلمتك، وإنّا لفقدك أبا علي لمحزونون”.
Leave a Reply