دمشق – تدخل سوريا العام 2013 وهي بين احتمالَي تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية وبين احتمالات تسوية سياسية كبرى على أسس «مؤتمر جنيف»، تعمل من اجلها موسكو وواشنطن والمبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي الذي كان حذر من أن غياب الحل السياسي سيؤدي إلى «انهيار الدولة السورية… وجحيم وصوملة»، فيما يواصل الجيش السوري حربه على الميليشيات المسلحة في أرياف دمشق وحلب وإدلب، كما استطاعت القوات السورية صدّ هجوم ضخم شنه مئات المسلحين الإسلاميين على مطار تفتناز العسكري في ريف ادلب، فيما تتواصل الاشتباكات قرب مطار حلب الدولي المغلق الى إشعار آخر.
احتفال بتطهير بلدة جبرين في ريف حلب من المسلحين. |
ولكن مع تطورات بداية العام تبدو حظوظ المسار السلمي في أحسن حالاتها، فقد أعلنت واشنطن أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بحثت مع المبعوث العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، خلال تواجده في موسكو السبت الماضي، تفاصيل زيارته إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى الاجتماع الثلاثي الذي سيعقد بين الإبراهيمي ونائبي وزيري الخارجية الأميركي والروسي منتصف كانون الثاني (يناير) الحالي لمواصلة بحث تفاصيل «خطة جنيف» للحل السلمي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن كلينتون، التي خرجت من المستشفى أمس، بحثت في اتصال هاتفي مع الإبراهيمي وآخر برئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني، ملف الأزمة السورية.
وأعلنت أن «كلينتون تطرّقت مع الإبراهيمي إلى نتيجة زيارته إلى سوريا ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد وشخصيات سورية أخرى». وأضافت إن «البحث تناول أيضاً الخطوات المقبلة، خصوصاً تلك المتعلقة بالحوار بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية وليام بيرنز والإبراهيمي». وأشارت إلى أنه «كما هو معلوم فنحن نتوقع جولة أخرى من المشاورات، ونعلم أن الموعد في وقت ما في منتصف كانون الثاني». وأوضحت نولاند أن «الحديث بين كلينتون والإبراهيمي، لمدة 30 دقيقة، تطرّق إلى هذه النقطة، كما تمّ بحث التواصل مع المعارضة ودعم جهود الإبراهيمي لإحياء المبادئ التي تمّ تحديدها في اجتماعات جنيف لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا». وحول ما إذا قدّم الإبراهيمي إلى كلينتون تفاصيل حول خطته التي يضعها لحل الأزمة السورية والتي أعلن أن واشنطن ستوافق عليها، قالت نولاند «كما فهمنا فإنه يحاول أن يضع بعض اللحم على عظام خطة جنيف. إنه يحاول معرفة ما إذا كان بإمكانه تأليف حكومة انتقالية أو جعل الأطراف يتحدثون حول من سيؤلف تلك الحكومة. نحن بالتأكيد ندعم جهوده في هذا الإطار، لكنها عملية ليست سهلة، ونحن نواصل البقاء على اطلاع منه حول التطورات، وأيضاً نتشاور مع الروس». وكررت تأكيد الموقف الأميركي بأنه «لا بد من تنحي الأسد عن السلطة لأنه لا مكان له في العملية الانتقالية».
وبدوره، أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية السوري قدري جميل، في مقابلة مع التلفزيون السوري، أن «التوافق الدولي المطلوب لحل الأزمة في سوريا لا يزال في خطواته الأولى، وهناك صعوبات كبرى من أجل تحقيقه، ولكنه سيحدث في النهاية»، فيما أطلق سياسيون وناشطون سوريون، من المعارضة والموالاة، «التيار الوطني لإنقاذ سوريا» الذي يهدف إلى «محاربة التدخل الخارجي، ومواجهة التكفيريين».
وفي بيروت، أطلقت مجموعة من السياسيين والناشطين السوريين، من المعارضة والموالاة، «التيار الوطني لإنقاذ سوريا» الذي يهدف إلى «محاربة التدخل الخارجي»، فيما قال رئيس لجنة المصالحة في البرلمان السوري عمر أوسي، لصحيفة «السفير» اللبنانية، إن هناك ملامح تسوية بين واشنطن وموسكو حول حزمة من القضايا في الشرق الأوسط، ستنعكس إيجابا على ملف الأزمة السورية، محذرا من انه «إذا نجح مشروع الخلايا التكفيرية، فإن سوريا ستتصومل وتبلقن، وسينعكس هذا الأمر على كل الشرق الأوسط».
كما أعلن رئيس الوزراء السوري د. وائل الحلقي، في خطاب أمام مجلس الشعب (البرلمان)، أن الحكومة تعمل «على دعم مشروع المصالحة الوطنية، وتتجاوب مع أي مبادرة إقليمية أو دولية من شأنها حل الأزمة الراهنة بالحوار والطرق السلمية ومنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، واعتبار ما يجري في سوريا شأنا سورياً يحله السوريون بأنفسهم من دون ضغوط أو املاءات خارجية».
وأكد الحلقي أن البلاد تمضي نحو «اللحظة التاريخية التي تعلن انتصارها على أعدائها، لترسم معالم سوريا المنشودة ولتعيد بناء نظام عالمي جديد يعزز مفهوم السيادة الوطنية وتعزز مفهوم القانون الدولي».
أما أبرز الميدانيات السورية فكانت تطهير مدينة داريا في ريف دمشق الجنوبي بعد حملة عسكرية-أمنية استمرت خمسين يوماً، وكذلك تطهير حي دير بعلبة في حمص من المسلحين إضافة الى عدة بلدات في حماه وإدلب وريف حلب.
وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى اندلاع اشتباكات قرب مطار حلب الدولي، موضحا انه لم تهبط أو تقلع أي طائرة من المطار بعد إغلاقه الثلاثاء الماضي. ونفت رئاسة الأركان التركية ما ذكرته صحيفة «الوطن» السورية من أن القوات السورية اعتقلت 4 طيارين عسكريين أتراك، أثناء محاولتهم التسلل إلى مطار «كويرس» العسكري قرب حلب للاستيلاء على طائرت.
وأشارت «سانا» إلى أن «مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت بعبوة خط غاز الجبسة الممتد من معمل غاز الجبسة إلى حمص، ما أدى إلى تسرب نحو 1.5 مليون متر مكعب من الغاز وتوقف معمل غاز الجبسة». وقال مصدر مسؤول في وزارة النفط للوكالة إن «معمل غاز الجبسة كان يغذي معمل السماد ومحطات توليد الطاقة الكهربائية بالغاز»، مشيرا إلى أن «ورشات الإصلاح تسعى إلى إصلاح الخط خلال أيام».
وذكر «المرصد» المقرب من المعارضة ، في بيانات: «قتل حوالى 40 ألف شخص في أعمال عنف في سوريا خلال سنة 2012، ما يشكل نسبة 90 في المئة تقريبا من ضحايا النزاع المستمر منذ 21 شهرا». وأوضح أن «القتلى يتوزعون بين 28 ألفا و113 مدنيا و9482 عنصرا من قوات النظام و1040 من الجنود المنشقين». ويدرج المرصد اللندني «المسلحين السوريين بين المدنيين».
Leave a Reply