البياتي: من يدافع عن الأكراد واليهود والمسيحيين هو مرجعية لكل البشرية
السيد حسن الحكيم: مشروع الحكيم مستمر ويعتمد على مصداقية أصحابه
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
أقيم في قاعة المركز الإسلامي في أميركا، في ديربورن، مساء الجمعة الماضي، حفل تأبيني بمناسبة ذكرى أربعين السيد عبدالعزيز الحكيم، بمشاركة رموز وشخصيات دينية علمية وأدبية وسياسية، وبحضور السيد حسين الحكيم (ابن شقيق السيد عبدالعزيز الحكيم) ممثلا أسرة الفقيد والحوزة العلمية في النجف الأشرف، إضافة إلى حشد كبير من المعزين من أبناء الجاليتين العراقية واللبنانية.
وألقيت في الحفل التأبيني، كلمات عدة، ركزت على مكانة الراحل السيد الحكيم ودوره في صياغة المشهد السياسي العراقي الحالي، بوصفه قائدا لـ”حزب الدعوة الإسلامي”، كما أشادت معظم الكلمات بعراقة وتاريخ عائلة “الحكيم” التي تعرضت على مدى العقود الماضية إلى الاضطهاد والتنكيل والقتل على أيدي السلطات السياسية التي تعاقبت على حكم العراق، من دون أن يمنعها ذلك.. من متابعة وترسيخ دورها في مقاومة الظلم والاستبداد، الأمر الذي أدى مقتل أكثر من 60 شخصا من العائلة، وتشريد وإقصاء الكثيرين من أبنائها.
ووصف ابراهيم البلدواي، ممثل حزب الدعوة، السيد الحكيم بأنه “واحد من الذين عاشوا العراق هما دائما حمله منذ بواكير شبابه وحتى آخر لحظة من حياته” وقال إن الحكيم عمل على “إقامة نظام حقوقي تعددي في العراق الحديث” وبأنه الشخص “الذي تحمل مسؤولية الائتلاف العراقي الموحد”.
وسرد حامد البياتي، ممثل الجمهورية العراقية في الأمم المتحدة، بعضا من مواقف العائلة الشجاعة ضد استبداد الأنظمة الحاكمة في العراق، ولا سيما مواقف السيد محسن الحكيم بإصدار فتاوى “بحرمة مقاتلة الأكراد الذين كانت الحكومة تقاتلهم” و”بحرمة اختطاف اليهود من الشوارع العراقية في أعقاب نكسة حزيران”. وقال البياتي: “إن من يدافع عن الأكراد واليهود والمسيحيين هو مرجع لكل البشرية، وليس لطائفة بعينها”. وواصل البياتي الإشادة بتاريخ عائلة الحكيم من خلال أعمال السيد محمد باقر الحكيم واصفا إياه بأنه كان “من أشرس وأقوى أعداء صدام حسين”.
وتابع البياتي: “بعد سقوط نظام البعث.. كان لي شرف الدخول إلى العراق مع السيد عبد العزيز الحكيم، وكان العراقيون يستقبلونه في كل مكان استقبالا لم يشهد له العراق مثيلا”، ووصف البياتي الفقيد بأنه كان من الذين عارضوا الأميركيين في مسالة انتقال السلطة، مشددا على أن “العراق يجب أن يحكم من قبل هيئة منتخبة”.
وأشاد ابراهيم ابراهيم، مطران الجالية الكلدانية، بعائلة الحكيم وبأعمالهم التي “ستبقى ذكراها حية في قلوب جميع العراقيين”، ورأى أن “السيد عمار الحكيم، نجل الراحل السيد عبدالعزيز، سيكمل المسيرة التي بدأها أبوه وأجداده”. وأضاف: “ما نريده ونحتاجه هو عراق لجميع العراقيين، بجميع أطيافهم وأعراقهم وتكويناتهم” ورأى “أن مسيرة المرجعية الدينية في العراق تسير بخطى ثابتة من أجل تأسيس عراق مزدهر”.
وتكلم السيد القزويني، إمام المركز الإسلامي في أميركا، عن أسرة الحكيم واصفا إياها بأنها “معروفة بالقتوى والجهاد.. فهذه الأسرة رضعت الفقه وتغذت على العلم وأنجبت العديد من العلماء”. وعدد القزويني نضالات أبناء الأسرة، وعلى رأسهم السيد محسن الحكيم، ورأى أن “القتل لهذه الأسرة عادة، وكرامتها من الله .. الشهادة”.
ووصف القزويني السيد عبدالعزيز الحكيم بأنه “كان نسخة عن والده بانفتاحه على جميع الطوائف العراقية، وهو الذي كان يؤذيه أن ينال الأذى الطائفة السنية، وما يناله المسيحيون من اختطاف وتعذيب من قبل جهات تدعي الإسلام”. وأكد أن السيد عبدالعزيز تمتع “بروح الانفتاح والاحترام التي حرص عليها الإسلام عملا بقول النبي (ص): من آذى ذميا فقد آذاني، وعملا بقول الإمام علي (ع): الناس صنفان.. إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”.
وتحدث الشيخ عبداللطيف بري، إمام المجمع الإسلامي الثقافي، عن مكانة مدينة النجف الأشرف وعن رمزيتها، واصفا وفرة إنجابها للشهداء والعلماء “بالظاهرة العجيبة، وبأنها مقلع للإسلام، وقلعة للإيمان وأنها مدينة صاحبة.. ألف سنة من التجارب والمعارف والقيادة والريادة”. كما سرد الشيخ بري بعضا من ذكرياته في مدينة النجف، ولا سيما لقاءه بالسيد محسن الحكيم الذي يشعر المرء بحضرته بالعظمة انطلاقا من مبدأ “أن العظيم هو من تشعر أنك العظيم في حضرته”.
وتكلم السيد محمد باقر الكشميري، مدير مؤسسة “إمام”، عن البعد الاجتماعي في مناسبات العزاء الذي لا ينفصل عن البعد الديني، ورأى في حفل التأبين إطلالة تذهب حزن المجمتع وتحثه على مواصلة المسيرة من أجل تحقيق الأهداف المنشودة في صناعة مستقبل مزهر. وقال الكشميري: “نحن في ذكرى رجل فذ، رجل علم وفضيلة، وجهاد وكفاح، رجل حمل مشروعا لن تنطفئ جذوته، لأنه ليس مشروعا فرديا، بل لأنه مشروع وطني”.
كما سلط السيد الكشميري الضوء على دور المرجعية الدينية “التي تمارس دور الأنبياء والصديقين، برعايتها لسائر المؤمنين ليتطلعوا إلى حياة أروع”، ورأى “أن المجمتع يواجه أخطر التحديات عبر فك الارتباط بين الناس وبين المرجعية الدينية”. وقال: “أمام الشيعة في العالم أجمع، العديد من التحديات، والمرجعية تدعونا جميعا لحمل المشعل الذي لن ينطفئ، وإلى الدفاع عنه وحمايته”.
وفي النهاية، كان كلمة آل الفقيد للسيد حسين الحكيم (القادم من العراق) الذي تلقى عزاءات الحاضرين والخطباء، وشكرهم على مشاعرهم الطيبة، ثم تحدث عن بعض تداعيات رحيل السيد عبدالعزيز الحكيم في العراق والعالم الإسلامي.. مشددا على أن “مشروعه” ما يزال قائما ومستمرا، لأنه ليس مشروعا عائليا، محليا، عراقيا فحسب، بل هو مشروع النجف الأشرف بما تحمله من دلالات وإشارات تتصل بالإمام علي (ع).
وقال السيد الحكيم: “سأحدثكم عن هذا المشروع بدون تفاصيل، فالحر تكفيه الإشارة، هذا المشروع لا يستغرق في تفاصيل العبادة والإيمان فقط، ولا يركز على المفاهيم الدينية التي تعبر عنها المرجعية فحسب، وهو مشروع صاحب رؤية في بناء العراق ومستقبله، بل هو مشروع النجف ومشروع المرجعية الدينية”.
ووصف الحكيم عمه الراحل بأنه الرجل الذي بذل كل جهد من أجل رعاية هذا “المشروع” وقال عنه “كان يعيش الاهتمام البالغ بهذا المشروع حتى آخر لحظة من حياته” وختم الحكيم كلمته “بأن هذا المشروع يعتمد بدرجة كبيرة على مصداقية أصحابه، والتزامهم بنهج المرجعية الدينية”.
جدير بالذكر، أنه بالإضافة إلى الكلمات، كانت هناك مشاركات شعرية للشعراء حبيب الهلالي، منتظر العبادي، والشيخ صلاح البصري، إضافة إلى قصيدة ألقاها عريف الحفل التأبيني الشاعر عبدالنبي بزي. كما لم تخل بعض كلمات الخطباء الآخرين من القصائد والمقاطع الشعرية حيث ألقى الشيخ عبداللطيف بري قصيدة في نهاية كلمته، وضمن السيد الكشميري كلمته ببعض الأبيات الشعرية، وكانت القصائد في معظمها ذات طابع رثائي وجداني، تستذكر الفقيد، وتشيد بمناقبه.
Leave a Reply