وورن – خاص «صدى الوطن»
أقيم يوم الاثنين الماضي في دار فيرهايدن للجنازات في مدينة وورن حفل تأبين للزميلة كاي سبلاني وسط حضور حاشد تقدمه مسؤولون رسميون وقيادات من الجاليات العربية والإسلامية أثنوا على دور المرحومة ومسيرتها المهنية التي استمرت ٢٨ عاماً.
إلقاء نظرة الوداع على جثمانها في مدافن روتشستر هيلز.)(عدسة نافع أبوناب |
وقد أجمع المتحدثون في المناسبة على الدور المحوري والهام الذي لعبته كاي سبلاني (1948-2013) سواء بالمساهمة في بناء العديد من المؤسسات العربية أو في نصرة قضايا العرب والمسلمين في أميركا والعالم إضافة الى القضايا الانسانية العادلة عموماً.
وفي كلمته قال المدعي العام الفدرالي المحامي العربي الأميركي عبد حمود إن كثيرين لا يعرفون «مدى المجهود الكبير وأهمية الدور القيادي الذي لعبته كاي للمساهمة في تقدم الجالية العربية في أميركا». وأضاف حمود «لم يقتصر دور كاي في اوساط الجالية العربية والاسلامية على عملها في «صدى الوطن»، بل كان لها دور فعال في العديد من المجالات الأخرى».
وكاي هي واحدة من مؤسسي صحيفة «صدى الوطن» وتولت إدارة تحرير القسم الإنكليزي فيها منذ اصدارها في العام 1984 والى حدود وفاتها في الاول من كانون الثاني (يناير) 2013. وأوضح حمود الدور المهم الذي لعبته كاي للمساهمة في تطوير مدارس ديربورن لاسيما إبان النضالات التي خاضتها الجالية من أجل تطوير البنية التحتية للمدارس عبر اضافة العديد من المباني التعليمية.
وقال حمود «العديد من المدارس التي يرتادها طلاب ديربورن اليوم كان لكاي دور هام في وجودها، وأضاف «لا استطيع أن أحصي لكم عدد الأشخاص والمؤسسات التي ساهمت كاي في مساعدتهم.. فالعديد منهم لا يعرفونها ولم يقابلوها ولم تحدثهم أو يحدثونها».
كما أشاد حمود، وهو قيادي ناشط في الجالية العربية، بدور كاي في تطوير العمل السياسي العربي عبر الإسهام بمؤسساته ولاسميا اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي (أيباك) «حيث كانت كاي تقضي الكثير من وقتها في مساعدة اللجنة العربية وتفعيل دورها عبر تحضير الندوات الصحفية والبيانات والمنشورات والمساعدة في انتقاء شعارات الحملات الانتخابية ومساهمتها في العديد من القضايا السياسية».
وأضاف حمود «كانت كاي العمود الفقري للعديد من نضالاتنا السياسية» مستذكراً أحد الشعارات الذي اختارته كاي والذي يقول «حافظوا على مدارسنا» كما كان اهم الشعارات التي رفعت في السنوات الأولى من مطلع الألفية الثالثة من أجل تطوير المؤسسات التعليمية في ديربورن. كما أكد حمود أنه لطالما لجأ الى كاي لتنصحه في قضايا مهمة والتي كانت تزوده بوجهات نظر مغايرة نتيجة «خلفيتها ومعرفتها وثقافتها الواسعة»، ولا يخفي حمود شدة احترامه لكاي التي رغم كونها من الأميركيين البيض إلاّ أنّها قضت حياتها في الدفاع عن قضايا العرب والمسلمين.
«كانت مؤمنة حقيقية بالدفاع عن قضايا الناس، فأنا أعيش وسط الجالية منذ سنوات عديدة واعرف اناساً يقولون إنهم يعملون بجد.. وبعضهم يعمل فعلاً بجد.. وبعضهم يقولون إنهم يؤمنون ببعض القضايا، لكنني لم أرَ كثيراً من الناس ملتزمين بقضايا الاخرين، ليلاً نهاراً، مثلما كانت تفعل كاي وأنا أعني ما اقول» قال حمود.
واختتم حمود حديثه متوجها الى عائلة كاي بالقول «من المؤكد أنكم تعلمون أنها كانت ملتزمة بقضايا الناس لكن قد لا تعرفون مدى تجذر التزامها هذا»، واضاف «كونوا فخورين بها وتأكدوا أن إرثها سيعيش طويلاً بسبب مساعدتها وتقويتها للناس.. أنا فخور جداً بها، لقد علمتني الكثير».
وخلال العقود الثلاثة الماضية لم يخلُ مجال من المجالات التي تتطلب أشخاصاً استثنائيين لمساعدة ابناء الجالية العربية الاسلامية إلاّ وكان لـ كاي دور فيه، ومثال على ذلك دورها في تأسيس «مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» (كير) في ميشيغن الذي أصبح مؤسسة لها صوت مسموع ودور كبير في الدفاع عن قضايا المسلمين في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وفي حفل التأبين ألقى المدير التنفيذي لـ«كير» في ميشيغن، داوود وليد، الذي تولى منصبه في العام 2005 في مرحلة دقيقة من تاريخ العرب والمسلمين في أميركا و«من حسن حظ الجالية أن كاي كانت موجودة وساعدت الجميع على تجاوز تلك المرحلة بسلام».
وأضاف وليد «كانت كاي شخصية قوية في جاليتنا، وكنت كلما احتجت الى مشورتها وجدت عندها النصح السديد وقد ساعدتني كثيراً في موقعي».
وان كانت كاي صديقة للجالية فإنها بالنسبة لناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة سبلاني، رفيقة الدرب، وقال سبلاني الذي بدا عليه التأثر الشديد «أنا أحد اصدقاء كاي وزوجها السابق وأحد تلاميذها».
وأضاف «أشعر للمرة الأولى اني غير قادر على الحديث، لأني كنت كلما أجريت حواراً أو حديثاً أكلم كاي لاسألها عن رأيها فيما قلت، لقد كانت امراة استثنائية بكل المقاييس، كانت محاربة ومقاتلة ومعلمة وواعظة. لقد كانت زوجة عظيمة وصديقة رائعة، خدمت كثيراً من الناس وأحبت الجميع.. وأنا أعلم أن كثيراً من الناس أحبوها كذلك».
وحسب سبلاني، فقد كان لكاي التزام وإخلاص شديدان تجاه الصحيفة التي كانت هي حجر الزاوية فيها والتي أدت الدور الأبرز في ما بلغته «صدى الوطن» اليوم من شأن وسط الجالية والمجتمع الأميركي ككل، و«حتى في عز محنتها الصحية كانت كاي تتصل وتتابع مسيرة الصحيفة وتطلب احيانا النصوص لتقرأها قبل الطبع حتى تتأكد أن كل شيء على مايرام»، وتابع السبلاني «حتى في أوج صراعها مع المرض لم يقل التزامها تجاه الصحيفة ولا تجاه عائلتها».
ورغم جو الحزن الذي كان يخيم على قاعة «فيرهايدن» فقد ضحك الحضور عندما تحدث سبلاني عن بعض المواقف الطريفة التي حصلت لهما أثناء إحدى الزيارات الى منطقة الشرق الأوسط حيث قاما بإجراء حوار مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات تناقلته عدة وسائل إعلامية كبرى.
كاي، حسب سبلاني، «امراة رائعة، سنفتقدها في كل مجالات حياتنا، سنذكر ابتساماتها وضحكاتها، كلماتها التشجيعية تحفيزها لكل العائلة والأصدقاء على الاعتزاز بكل انجازاتهم بما في ذلك خطواتهم الأولى في النجاح المدرسي». وأضاف «لذلك أحب الصغار كما الكبار كاي وتأسفوا لفقدانها» مثل بريان كندل، ابن شقيقها، الذي ذكر انها كانت امراة مرحة تحب أن تجمع العائلة برحلة صيد أو تخييم وقال «الى جانب مساعدتنا في التمتع بالحياة كانت دائما موجودة لخدمة الجميع وكانت سنداً لنا في كل مرحلة صعبة واجهناها».
يذكر أن كاي وقبل توليها تحرير القسم الإنكليزي في «صدى الوطن» كانت تعمل رئيسة للممرضات في مستشفى سانت جون ولم تكن لها أية خبرة بالصحافة أو بقضايا السياسة في الشرق الأوسط. إذ يقول سبلاني «بسرعة استطاعت كاي، وبفضل ذكائها المعهود، أن تتجاوزني وتتجاوز الجميع في الشؤون الدولية».
وفي المناسبة التأبينية أيضاً تحدث القس الفريد بدوي من كنيسة القديس شربل المارونية حيث قرأ الصلوات على روح الفقيدة، كما شارك في المراسم إمام «دار الحكمة الاسلامية» في ديربورن هايتس، الشيخ محمد إلاهي، الذي قال عن كاي إنها «كانت بين أول اصدقاء لي في الجالية»، وتابع «أنا مدين لها كثيراً كما الكثيرون»، ثم شكر الراحلة على تشجيعها له في مرحلة تأسيس «دار الحكمة». وأضاف «إنها إمراة لم تهتم فقط بالجالية وبأهلها وحقوقهم بل بالإنسانية جمعاء»، وأكد إلاهي إن كاي قد «خلفت إرثا يحضّ على المحبة والتعاون، وهو ما سيخلد ذكراها».
وقد تلقت «صدى الوطن على مدى الأسبوعين الماضيين سيلاً من رسائل التعزية من عشرات المسؤولين الرسميين والمؤسسات الإجتماعية والإقتصادية والإعلامية والدينية، الذين أشادوا بمسيرة كاي وتضحياتها على مدى ثلاثة عقود من خدمة مجتمع الجالية العربية والمجتمع ككل، إضافة الى التزامها بالقضية الفلسطينية وسائر القضايا العربية والإنسانية العادلة.
وتقدمت «رابطة الصحفيين العرب في واشنطن» وأعضائها من «صدى الوطن» بأحر التعازي لوفاة الزميلة كاي، وقالت الرابطة في بيان لها «كان عمل فقيدة الصحافة العربية في الولايات المتحدة لسنوات طويلة علامة بارزة على مدى إرتباطها بقضايا وهموم الجالية العربية في الولايات المتحدة. فهي قد أمضت شطراً كبيراً من حياتها في العمل الصحفي والعمل العام لصالح من كانت تحبهم وتنتمي إليهم».
ومن بين المعزين أيضاً كانت المدعي العام الفدرالي لشرق ميشيغن باربرا ماكويد التي وصفت كاي بالسيدة «الدافئة والمحبة» التي تركت إرثاً يفتخر به، وأضافت ماكويد «ذكراها ستحيا في قلبي».
كما قدم كل من قنصل لبنان العام في ديترويت بلال قبلان، وشريف مقاطعة وين بيني نابليون، ومديرة «المتحف العربي الأميركي الوطني» الدكتورة أنان عامري، وناشر صحيفة «ديترويت نيوز» جون وولمان، تعازيهم لـ«صدى الوطن» إضافة الى العديد من الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي.
كما قدم قائد شرطة ديربورن، رونال حداد تعازيه قائلاً «لقد حزنا لرحيل كاي هذه الصحفية المحترمة والناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان.. فالعالم أصبح مكاناً أفضل بسبب عملها المضني وإخلاصها».
أما مدعي عام مقاطعة وين كيم وورثي فقد أعربت في رسالة تعزية عن حزنها الشديد لرحيل كاي التي تمتعت بـ«روحية نادرة» مكنتها من الإلتزام بقناعاتها والعمل لخدمتها على الرغم من جميع التحديات.
وبدوره قدم رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي بمشاركة عضو المجلس البلدي سوزان سرعيني شهادة رسمية لعائلة كاي تقديراً لمسيرة الراحلة وعطاءاتها عبر «صدى الوطن» على مدى ثلاثة عقود.
وذكر نص الشهادة أن كاي بذلت حياتها في خدمة المجتمع ككل ولاسيما العرب والمسلمين. ومن المتوقع أن تطرح سرعيني بنداً في المجلس البلدي في جلسة ١٥ الجاري تقدم فيه مدينة ديربورن تعازيها للناشر أسامة السبلاني وكافة الزملاء لرحيل كاي التي ووري جثمانها الثرى في مدافن مدينة روتشستر هيلز الى جانب والدها يوم الإثنين الماضي، وذلك بعد يومين من عرض الجثمان أمام العموم لإلقاء نظرة الوداع في دار «فيرهايدن» للجنازات في وورن، حيث سجل حضور عدد من الرسميين بينهم محافظ مقاطعة وين روبرت فيكانو وماكويد.
Leave a Reply