ديربورن – خاص «صدى الوطن»
رغم المسافات التي تفصل بين دمشق وميشيغن فإنّ القيمة العلمية للعلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي انتشرت في كل الافاق وكان لنهجه الوسطي محبين واتباع من كل طوائف المسلمين، وقد عبر الكثير منهم عن رغبتهم في إقامة حفل تأبين له، فبادر المجمع الاسلامي الثقافي بديربورن بتنظيم الحفل يوم الخميس الماضي.
وقد حضر حفل التأبين لفيف من شيوخ وعلماء الدين وشخصيات مدنية وسياسية ودبلوماسية يتقدمهم المرجع عبدالطيف بري والأب راني عبدالمسيح والناشط زكريا خلف ممثلاً عن المجلس السوري الأميركي وقنصل لبنان العام في ديترويت بلال قبلان، وممثل «حركة أمل» في أميركا الشمالية طلال عباس، وناشر صحيفة «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني.
افتتح حفل التأبين عضو المجمع الاسلامي المهندس طارق صبح، فرحب بالحضور وشكر دور المجمع في تنظيم حفل التأبين ثم تلى ذلك تلاوة الشيخ حسن الحبحاب لآيات من القرآن الكريم. قبل أن يقدم المهندس نبذة عن سيرة الشهيد البوطي ودوره الهام في ارساء منهج الوسطية في الإسلام، واصفاً إياه بأحد أبرز هامات وعلماء الدين الإسلامي في هذا العصر.
من جانبه، اعتبر الأمين العام السابق «للمجمع الاسلامي»، الحاج موسى قدوح، ضمن الكلمة التي القاها، أنّ اغتيال «شهيد المحراب» العلامة البوطي تعبير عن نشأة بذرة قبيحة بين المسلمين وهي التفرقة على أساس المذهب، وقال «أدعو كل المسلمين الى التوحد لأن روح الإسلام هي التوحيد». كما عبر طلال عباس عن حزنه العميق لفقدان العلامة البوطي الذي ذهب ضحية العنف الأعمى وقال «مسيرة استشهاد العلماء ابتدأت بالشهيد باقر الصدر ولن تنتهي بإغتيال العلامة البوطي».
وشهد حفل التأبين إلقاء قصيدة للشاعر مصطفى فضل الله مدح فيها الشام وعلامتها البوطي.
وفي كلمته، قال السبلاني إن اغتيال البوطي جاء بسبب موقفه ضد مشاريع الفتنة التي تستهدف المنطقة، كما أشار الى أن العنف هو احد وجوه الازمة التي خُطط لها منذ الحرب العراقية-الايرانية وتواصلت فصولها عبر استدراج العراق لدخول للكويت لضربه وغزوه ثم تمزيقه مذهبياً ونهبه. وتابع السبلاني بالقول إن اغتيال الشهيد رفيق الحريري جاء أيضاً في إطار تسعير المذهبية في المنطقة وتلا ذلك خروج الجيش السوري عام 2005 ثم حرب لبنان عام 2006 ثم «بدأت المرحلة الاساسية التي نعيشها اليوم لإسقاط الدولة السورية ضمن مشروع الفوضى الخلاقة». ودعا السبلاني «الجميع للوقوف ضد شعار لا صوت يعلو فوق صوت المذهبية، والسير في الطريق الذي سلكه الشهيد البوطي».
وبدوره، وصف زكريا خلف ما يجري في سوريا بأنه استهداف للشعب والدولة، و«هو عملية تدمير وليست عملية تغيير واعتبر رحيل البوطي جسدياً لكنه سيظل تراثاً وعلماً وروحاً، وقال «أنا سني ولكني ضد مشروع الطائفية الغريب عن السوريين والذي لن ينجح أبدا».
وذكر رجل الدين المسيحي راني عبدالمسيح بأن تاريخ سوريا كان دائما تاريخ محبة ووئام بين جميع الطوائف ونبه الى خطورة ما يدبر باسم الدين وقال «الزج بالدين هو مجرد غطاء لأهداف سياسية».
كما تحدث الشيخ هشام الحسيني الذي اعتبر أن العلامة البوطي قتل ظلماً وعدواناً.
وفي ختام الحفل القى الشيخ عبداللطيف بري الذي رحب بالحضور وأكد على ان «الجميع يؤيدون مطالب الشعب السوري المحقة في مزيد الديمقراطية والحرية» لكنه شدد على ضرورة نبذ العنف كأسلوب للتغيير، «خاصة بعد ان اقترن بأجندات خارجية»، ودعا المرجع الى التعقل والوسطية التي انتهجا العلامة البوطي وتجنب الفتن التي تستهدف الاخوة المسلمين في المنطقة. وذكّر بري بقوله تعالى «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة» وشدد على ان العنف في الاسلام امر مرفوض وقال «لقد جاء الإسلام ليؤكد على قيمة الحياة» ثم انهى كلمته بالدعوة الى الوحدة والتآزر بين كل الأديان والطوائف.
البوطي فـي سطور
يعتبر الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي ولد في العام 1929، والذي ينحدر من أصول كردية تركية، أحد أهم علماء الدين الإسلامي، وقد تتلمذ على يد والده الذي انتقل بالسكنى إلى دمشق منتقلاً من قرية عين ديوار بشمال سوريا عندما كان البوطي ابن أربع سنوات.
تحصل البوطي بعد إلتحاقه بجامعة الأزهر سنة 1956 على دبلوم التربية من كلية اللغة العربية والتحق بسلك التدريس الثانوي ثم بكلية الشريعة ليعود مرة ثانية لجامعة الأزهر حيث تحصل سنة 1965 على شهادة الدكتوراه.
عرف البوطي الذي نُشر له أكثر من ستين كتاب في مختلف مجالات الفكر الاسلامي، بنهجه الوسطي الذي كان وراء شهرته في سوريا وخارجها خاصة بعد أن ازداد اشعاعه من خلال البرنامج الديني التلفزيوني الذي كان يبث أسبوعياً. كما كان البوطي يؤم المصلين في صلوات الجمعة في الجامع الاموي، كما كان له دروس في المساجد.
Leave a Reply