جنيف – يثير فيروس كورونا الجديد «كوفيد–19» جدلاً كبيراً، وتضيع الحقائق العلمية وسط تداول كمية هائلة من المعلومات غير الدقيقة. فيما يلي نذكر أبرز ما توصلت إليه الأبحاث العلمية وتقييم الخبراء ومسؤولي الصحة حول الفيروس:
يصف الخبراء خطر فيروس كورونا بأنه «معتدل»، وذلك بسبب أن مسار المرض غالباً ما يكون عادياً ولا يتخذ أشكالاً حادة. غير أن الأمر يختلف لدى كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض سابقة، إذ في هذه الحال يمكن للمرض أن يتخذ أشكالاً حرجة قد تؤدي أحياناً إلى الوفاة.
وفي الواقع، لم يتمكن الباحثون حتى الآن من تحديد قدرة فيروس كورونا على قتل البشر. ويفترض الخبراء أن نسبة الوفاة لدى المصابين بالفيروس تبلغ 2 بالمئة، ولكن هذه النسبة غير دقيقة، إذ أن أغلب الإحصاءات لا تأخذ في الحسبان الأشخاص المصابين بأعراض ضعيفة أو معدومة. وبالتالي فإن النسبة المتداولة إعلامياً حول الحالات الحرجة التي تؤدي إلى الوفاة مبالغ فيها.
هل سيختفي كورونا بحلول الصيف؟
لا يزال من السابق لأوانه معرفة كيفية تفاعل فيروس كورونا الجديد مع الطقس الحار، وإن كان معروفاً عن الفيروسات الأخرى من نوع كورونا، أنها تنتشر ببطء شديد في الأوساط الدافئة. ويُعتقد أن السبب يكمن في الأشعة فوق البنفسجية التي تكون أقوى في الشهور الدافئة، والتي تقلص مدة بقاء الفيروسات في الهواء أو على الأسطح، حيث تفقد الكثير من السوائل وتموت.
وعموما، يمكن افتراض أن الطقس الحار قد يؤدي إلى عدد أقل من الإصابات بالفيروس.
مع ذلك، فقد قللت منظمة الصحة العالمية الجمعة الماضية من شأن التوقعات بانحسار فيروس كورونا في غضون الأشهر القادمة، وقالت إنه من الخطأ الاعتقاد بأن الفيروس سيختفي خلال فصل الصيف كما لو كان مجرد إنفلونزا.
والجدير بالذكر أنه إذا أصيب شخص ما بفيروس كورونا، تظهر الأعراض الأولى عادة بعد خمسة أو ستة أيام، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. غير أن هناك حالات فردية يمكن أن تستمر فيها مدة حضانة الفيروس إلى 14 يوماً. لذلك، يجب وضع الأشخاص المشتبه في إصابتهم داخل الحجر الصحي لمدة أسبوعين.
ولاتزال المدة التي يبقى فيها فيروس كورونا حياً على الأسطح المختلفة عير محدد بدقة، لكن فيروسات كورونا مُغلفة، وبالتالي يفترض الخبراء أن الفيروس قادر على البقاء حياً ومعدياً لمدة أربعة أيام على مختلف السطوح.
ويرى الخبراء أن طرق انتقال العدوى الأساسية تتم عبر الجهاز التنفسي، وعليه فمن غير المرجح الإصابة بالعدوى –مثلاً– بواسطة البضائع المستوردة كالأغذية والألعاب والأدوات وأجهزة الحاسوب وغيرها.
هل تتكرر الإصابة بالفيروس؟
بعد الإصابة بالفيروس للمرة الأولى، يمكن لجهاز المناعة أن يتفاعل بسرعة أكبر مع العدوى الثانية ويفرز الأجسام المضادة المناسبة. وبالتالي، فمن الناحية المبدئية، لا يمكن أن يصاب الشخص بالفيروس مرة ثانية. ولكن إذا تحول الفيروس أكثر من اللازم، فيمكن الإصابة به مرة أخرى. وفيروسات الإنفلونزا تتحول وتتغير باستمرار، لذلك يجب تطوير لقاحات جديدة كل عام.
وحتى الآن، لا يوجد دواء فعال ضد فيروس كورونا، فالكثير من المصابين تكون لديهم أعراض خفيفة (نحو 80 بالمئة من الحالات المسجلة) وهم لا يحتاجون إلى العلاج مطلقاً. ووفقاً لدراسة أولى من الصين، فإن أقل من 5 بالمئة فقط من الحالات يمكن وصفها بالحرجة، وهنا يمكن التخفيف من أعراض المرض، ولكن لا يوجد حتى الآن دواء يقضي عليه تماماً.
فرص العدوى
لدى فيروس كورونا قدرة على التكاثر في الجهاز التنفسي العلوي، وهي حقيقة جعلت الباحثين يرفعون درجة قدرته على العدوى والانتشار، عكس ما كانوا يعتقدونه في البداية.
ويقول البحثون إن ما بين 5 و10 بالمئة من الأشخاص الذين هم على اتصال بشخص مصاب، تُنقل إليهم العدوى. وبالتالي فإن عدوى هذا الفيروس مضاعفة بنحو 10 إلى 20 مرة، مقارنة بفيروس «سارس» الذي تسبب في حدوث وباء عالمي بين عامي 2002 و2003.
ووفقاً للخبراء، فإن أي شخص كان قريباً من شخص مصاب خلال 15 دقيقة على الأقل، يعتبر شخصاً مخالطاً لمصاب بالعدوى. ويعتقد الخبراء أن نحو 60 بالمئة من مجموع السكان يمكن أن يصابوا نظرياً بفيروس كورونا، وعندها فقط سيكون عدد كافٍ من الناس محصنين ضد الفيروس الجديد، لأنه بمجرد الإصابة به مرة، لا يمكن عادة الإصابة به مرة أخرى. و60 بالمئة هي نسبة نظرية ليكون فيها عدد كافٍ من الناس يتمتعون بالحصانة. وآنذاك فقط لن يتمكن الفيروس الجديد من مواصلة الانتشار.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن مرض «كوفيد 19» الناجم عن الفيروس، ينتشر من خلال قطيرات سائلة صغيرة من أنف أو فم المصاب، ويعتقد أن فيروس «كورونا» المستجد قادر على البقاء على الأسطح من عدة ساعات حتى عدة أيام.
الأكثر عرضة للخطر
تظهر الأرقام في الصين أن كبار السن هم الأكثر عرضة للوفاة بسبب فيروس كورونا. وقد درس العلماء نحو ألف حالة وفاة، فتبيّن أن الأشخاص فوق سن الستين معرضون للخطر بشكل خاص. ومع ذلك يجب أخذ هذا المعطى بحذر، فقد يتعلق الأمر –وباحتمال كبير– بالسوابق المرضية للمعنيين، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. ومن هذه الأمراض في المقام الأول، ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والرئة والسرطان أو السكري. كما أظهرت الدراسة أن الرجال –حالياً– معرضون لخطر الإصابة بالفيروس أكثر من النساء.
ووفقاً لمنظمة الصحة، لم يُصب الأطفال بالفيروس إلا في حالات محدودة. ولا يزال سبب هذا الأمر غامضاً، وإن كان بعض الأطباء يفترضون أن فيروس كورونا أقل قدرة على الارتباط بمستقبلات معينة لدى الأطفال.
وتقول المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) إن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات طبية مزمنة خطيرة، معرضون للإصابة بالكورونا. لذلك فإن أي شخص فوق الستين ويعاني من مشاكل صحية، يجب عليه تجنب الأماكن المزدحمة مثل المسارح، والمراكز التجارية، وحتى التجمعات الدينية، وذلك تفادياً للعدوى.
ويقدر متوسط أعمار المتوفين بسبب كورونا حتى الآن، 80 عاماً.
Leave a Reply