خليل إسماعيل رمَّال
إختارت مجلة «تايم»، على جاري عادتها فـي كل سنة، «رجل العام» ولكن هذه المرَّة تميّزْتْ على غير عادتها المختلَّة، بانتقاء رجال ونساء عاديين غير مشهورين من الأطباء والمسعِفـين والمتطوِّعِين الذي وضعوا دمهم على كفهم وحاربوا وباء «إيبولا» الذي كاد أنْ يمحي دولاً أفريقية بأكملها عن الخريطة مثل غينيا ومنروفـيا وسيراليون وأنْ ينتشر فـي أنحاء العالم بشكلٍ أخطر من مرض «الإيدز» نفسه لولا كوكبة من هولاء الأبطال والجماعات الإنسانية ومنظمة «أطباء بلا حدود». بعضهم خسر أغلى ما عنده وهم يحاربون الوباء أو فقد أعزاء وأحبَّاء له لكنه ظل غير مبالٍ بالخطر رغم قلة الإمكانات وضآلة المعلومات حتى تمكَّن، على مشارف نهاية العام ٢٠١٤، من وقف خطر تفشِّيه رغم استمرار التحديات.
لكن مرض «الإيبولا» لم يحصد فقط حوالي ٨ آلاف نسمة من الأرواح البشرية حتى الان، بل كشف عورات العالم الثالث وتخلُّف أنظمته وبناه التحتية الصحية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية حيث أن دول أفريقيا الوسطى لم تمتلك لا المستشفـيات ولا العيادات المؤهَّلة لمحاربة أي وباء ناهيك عن الأمراض الفتاكة المُعدية. فالعالم الثالث يبقى عالماً ثالثاً بعد عقود من التحرر من الإستعمار. حتى السعودية التي يمكنها أنْ تشتري العالم ببترودولاراتها، لا تستطيع أنْ تمنع مدينة جدَّة من الغرق عندما تمطر السماء، أما مدارسها فأفقر من مدارس مجاهل الأمازون!
كل هذا يؤكد المؤكَّد: فشل أنظمة العالم الثالث فـي قيادة شعوبها ودولها وإخراجها من الفقر والعَوَز والبؤس والتخلُّف عن مواكبة العصر والتطوُّر، وعلى رأسها أنظمة الردَّة العربية التي ادَّعت طويلاً أنَّ أسباب تخلفها وتراجعها ورسوبها فـي امتحان التنمية البشرية والبحبوحة المالية والعدالة الاجتماعية يعود لزرع كيان إسرائيل، رغم تآمرها على قضية فلسطين بالسر، واليوم بالعلن، بعد موت «أبو نضال» الذي خافوه و«أبو عمَّار» الذي دمَّروه بعد أنْ طمروه بالمال فقضى وحيداً مسموماً على يد شارون فـي رام الله ولم يأبهوا به بعد أنْ زال خطره ورحل عن بيروت!
الأنظمة العربية المعاقة وحُكَّامها هم «إيبولا» هذا العالم العربي وخطرهم أكبر من خطر «الصهيونية» لأنهم سبب كل مصائب ورزايا شعوبنا المسكينة. وفـي طليعة هؤلاء الحكام طبعاً زعماء ومسؤولو مسخ الوطن المتربِّعيون قهراً على قلوب الناس بعد أنْ كبَّلوهم فـي نظامٍ زبائني خدماتي لدرجة لم يعودوا قادرين على الفكاك منه. وإلا أين يحدث فـي بلد فـي العالم مثلاً أنْ تقوم عائلة محاسب يعمل عند بيك مقاطعجي، هو بهيج أبو حمزه،
بالتظاهر أمام منزل الزعيم فتحلف بحياته بدل ادانته ولا ترضى عنه بديلاً مع أنه وضع معيلها فـي السجن بعد أنْ استغنى عن خدماته فـي السرقات وجعله كبش فداء؟! لا بل بلغت قساوة جنبلاط حدَّاً أنه وصف دموع العائلة بأنها دموع تماسيح!
زعماء العرب ولبنان هم «إيبولا» بشرية فـي أوطانهم وسبب البلاء الوحيد، وخصوصاً أولئك النوَّاب الُممدِّدِين لأنفسهم الذين باعوا القانون والشعب على أساس سَن قانون إنتخابي جديد، فانتهى بهم الأمر للعودة إلى قانون الستين الحجري. لماذا لا يتطوع هؤلاء لمحاربة «إيبولا» فـي أفريقيا مع كافة الجنود المجهولين فتكون لهم حسنة وحيدة على الأقل فـي هذه الدنيا؟!
لو أرادت «تايم» أنْ تختار أسوأ شخصية العام، بل القرن، لاحتل زعماء العرب، وخصوصاً لبنان، موقع الصدارة كل سنة! بهذا فقط لبنان هو الأول («عالأل بي سي»). وكل عام وأنتم بخير
Leave a Reply