مريم شهاب
في عظات كثيرة لبعض المخلصين من العاملين في الشأن العامّ، ردَّد مؤخراً ما خلاصته أنه لا بأس ولا ضير وربما خيراً، أن ينتقل الحكم والإدارة شيئاً فشيئاً من الرجال الأشاوس أصحاب اللحى الطويلة والشوارب الفتيلة إلى النواعم من النساء، لابسات الفساتين وحاملات الجزادين في ولاية ميشيغن وغيرها من الولايات الأميركية حيث باتت النساء تتولى أرفع المناصب التنفيذية والتشريعية والقضائية.
هل أن ذلك تمهيد لانتقال الحكم في المستقبل إلى النساء نفوراً من شراسة وخشونة وعنف الرجل، وميلاً إلى رقة وعذوبة وجمال المرأة، وتأكيداً لما ورد في إحدى قصائد خليل مطران الذي يقول:
ما كانت الحسناء ترفع خدرها لو أن في هذي الجموع رجالا
شاعر أوروبي من النروج، اسمه هنريك إبسن، قدم مسرحيته الشهيرة «بيت الدمية»، فراح النقَّاد والمذيعون يحللون ويعللون ويفسرون مشاهد المسرحية بتفسيرات عجيبة لم تخطر ببال الشاعر، واصفين إياه بالشاعر الأول في الدفاع عن حقوق المرأة ومعالجة شؤونها، فلقبوه «نصير المرأة».
صدّق النسوان في النروج ما قاله النقاد، فتحمسن ولبسن أحلى الفساتين وحملن أغلى الجزادين وجررن وراءهن أزواجاً كالحراذين، وأقمن مهرجاناً تكريماً لـ«نصير المرأة». استغرب الشاعر حماسة هؤلاء السيدات له بالذات ولمسرحيته «بيت الدمية» تحديداً. قعد يسمع كل ما يقال في تكريمه وتعظيمه، وفي ختام الاحتفال وقف إبسن وقال:
أعزائي الفساتين والجزادين والحراذين، أشكركم لما اكتشفتموه من أسراري ويؤسفني أن أعترف لكم بأنني لست «نصير المرأة» ولم أدافع عن حقوقها ولم يدر في بالي ذلك قط. فالمرأة، وما لها هنا وفي أوروبا كلها من حقوق، لماذا تحتاج إلى نصير وما هي الحقوق التي لم تحصل عليها بعد؟
هذا السؤال أتوجه به إلى بعض سيداتنا في ديربورن، فإذا نظرنا في أحوالنا وحوالينا نظراً سليماً، بلا غشاوة، يتبين لنا أن الرجل هو من يحتاج إلى المزيد من الحقوق ليصبح مساوياً للمرأة.
وأظنك أيها القارىء الكريم تتفق معي على أن بعض النسوان بحاجة إلى الكثير من الذكاء لإخفاء ما فيهن من بلاهة وغباء.
Leave a Reply