أصدر القاضي الفيدرالي دينيس بيج هود قرارا يوم الجمعة الماضي ضد بلدية ديربورن متهما اياها بانتهاك حق حرية التعبير للقس المتطرف تيري جونز أثناء تظاهرات مناهضة للإسلام قام بتنظيمها مع أنصاره.
فحسب القاضي هود فان البلدية ورئيس الشرطة رونالد حداد انتهكا حقوق جونز وجماعته في نيسان (ابريل) 2012 وحريتهما بالتعبير المكفولة بالتعديل الثاني من الدستور الأميركي، عندما أرادا التظاهر امام «المركز الاسلامي في اميركا» على شارع فورد.
وكان القس المثير للجدل يعتزم القاء خطاب يدين فيه «قانون الشريعة» الذي يزعم أنه يطبق حاليا داخل اروقة البلدية. والمعروف أن جونز الذي أثار غضب مليار مسلم عندما حرق القرآن الكريم هو قس من فلوريدا، تسببت زيارته الاولى الى ديربورن عام 2011 للاحتجاج ضد الدين الاسلامي، بلغط كبير واستياء حتى في أوساط المسيحيين في منطقة ديترويت.
ولمنع الفوضى والاضطرابات التي رافقت زيارته الاولى الى المدينة، حاولت البلدية في ديربورن اتخاذ بعض التدابير الاحترازية حيال نية جونز بالتظاهر أمام «المركز الاسلامي» عشية الفصح المجيد في 7 نيسان (ابريل) 2012.
وبسبب موقع المركز الاسلامي على الحدود الفاصلة مع مدينتي ديترويت وديربورن هايتس تعاونت شرطة ديربورن مع شرطة المدينتين إضافة الى شرطة شريف مقاطعة وين من أجل تأمين السلامة العامة ومنع أي احتكاك بين المتظاهرين.
الا ان الحدث لم يتطلب أمنا إضافيا بسبب عدم تمكنه من جذب أنظار الاعلام وبسبب تجاهله من قبل الجالية بعد أن حض حينها القادة الروحيون ابناء الجالية على عدم الرد على الاستفزاز، الا ان الحدث جذب اليه اشخاصا من خارج المدينة قاموا بتظاهرة مضادة لجونز بعيدة عنه فيما كانت جماعة جونز تتظاهر على مساحة صغيرة محاطة برجال الشرطة.
التدابير الاحتياطية التي اتخذتها بلدية ديربورن في الاسابيع القليلة وصولا الى تظاهرة جونز، هي التي وضعتها في مطب قانوني، فقبل شهرين من مجيئه الى المدينة طُلب من جونز التوقيع على طلب للتظاهر في 16 شباط (فبراير) 2012 ولكن بعد عدة اسابيع وقبل ايام من مجيئه المقرر، طلبت البلدية منه ايضا أن يوقع اتفاق «صك براءة وعدم تحميل مسؤولية» والا لن يُسمح له بالتحدث في مكان عام، وفي حال توقيع اتفاق صك البراءة هذا فان جونز ومنظمته المتطرفة سيكونا مسؤولين عن أي تبعات مالية وقانونية تحدث خلال التظاهرة حتى ولو كانت خارجة عن نطاق سيطرتهما.
وفي الثاني من نيسان (ابريل) 2012 قام مكتب «توماس مور» للمحاماة في آناربر بتقديم شكوى قانونية نيابة عن جونز ومنظمته، مدعياً ان بلدية ديربورن انتهكت حقهما بالتعبير من خلال ارغام جونز على توقيع تعهد يحمله المسؤولية، وطلب المكتب من قاضي المحكمة ان يصدر حكما قضائيا يجمد قرار البلدية.
وبعد تقديم الشكوى قررت البلدية إلغاء التعهد، ولكن القاضي هود حكم بأن طلب البلدية كان اخلالا بالدستور وان جونز ومنظمته يمكنهما اتخاذ اجراء قانوني آخر بحق البلدية بالرغم من تراجع الاخيرة عن قرارها وعلّل القاضي قراره ان المطلب البلدي ما زال موجودا في سجلات البلدية ومراسيمها.
مديرة ادارة الاستعلامات العامة في البلدية ماري لاندروش لم ترد التعليق على القضية لكنها قالت ان البلدية لم تجبر جونز على التوقيع على «صك البراءة»، مشيرةً الى أن جونز ومنظمته عادا الى ديربورن مرة اخرى للاحتجاج امام ثانوية «أدسل فورد» في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2012 بسبب مزاعم حول بلطجة يقوم بها طلاب مسلمون ضد زملائهم غير المسلمين ولم تتخذ البلدية حينها أية اجراءات وقائية وقد حضر الاحتجاج حفنة من الاشخاص لم يتطلبوا إلا عدداً قليلا من الشرطة.
وقالت لاندروش لـ«صدى الوطن» ان جونز لم يُطلب منه التوقيع على صك البراءة قبل حدث نيسان (ابريل) ولم يطلب منه ذلك ايضا عندما رجع الى «أدسل فورد».
ويعلق محامو جونز حاليا على بحث كمية التعويض المالي من البلدية حيث انها تبقى غير معلنة، وقد ذكر محامي جونز، ريتشارد ثامبسون، أن قرار القاضي قد اعطى مبدأً جديداً للبلدية، واضاف: «ان قرار القاضي هود يحمل مبدئية دستورية تنص على انه ليس بامكان الحكومة إعاقة حرية التعبير عن فكرة قد ينظر اليها البعض انها مقيتة. وحقيقة ان البعض قد يرى القس جونز شخصية مثيرة للجدل او يعترض على رسالته، يجب ان يكون سببا أكبر لمسؤولي بلدية ديربورن ليعملوا على حماية حقه في التعبير عن رأيه بحرية».
وجاء هذا القرار ضد بلدية ديربورن بعد قرار آخر صدر ضدها مطلع هذا العام في قضية رُفعت من قبل جمعية تبشيرية مسيحية تعرض بعض أعضائها لاعتقال خاطئ من قبل الشرطة خلال المهرجان الدولي العربي عام 2010 وحصلت هذه الجمعية على تعويض مالي من البلدية لم يفصح عن قيمته.
في هذه الاثناء، ينعم القس جونز بحريته المطلقة ضد المسلمين حيث اعلن انه يعتزم تخليد ذكرى هجمات أيلول (سبتمبر) الارهابية على نيويورك، باقامة حفل في ميلبوري فلوريدا يتضمن حرق 2998 مصحفا على عدد الذين سقطوا في هذه الهجمات!!
Leave a Reply