خليل إسماعيل رمَّال
حكومة تمَّام سلام تستحق أن تُصنَّف من عجائب الدنيا السبع في بلد الغرائب لأنها توأم مسخ النظام. فهي أفشل حكومة في الدنيا في كل المجالات ولكنها الأكثر منعةً في العالم من السقوط ولو استقال الوزراء كلهم وحتى رئيسهم نفسه! مفارقة قياسية تُسجَّل في موسوعة «غينيس» على أساس أنه لم يحصل مثلها في التاريخ.
فبسبب الفراغ الرئاسي الذي يدخل عامه الثالث في لبنان (وهذه مفارقة “«غينيسية» ثانية)، ومجلس نواب مُمدِّد لنفسه بشكلٍ باطل وغير شرعي دحضته الانتخابات البلدية الاخيرة وسلبت منه مشروعيته وقانونيته (ولكن بالنسبة للسادة النوَّاب هذا التفصيل الصغير لا يهمهم ويا مسؤول ما يهزك شعب!) وهو غير قادر على وضع قانون انتخاب عصري، أصبح هناك ٢٤ رئيساً يشكلون مجلساً للوزراء لتأمين الحد الأدنى من شبح الدولة. لكن حتى هذه المهمة البسيطة لم تتحقق والسبب أنَّ «مجلس قيادة الثورة» هذا أصبح شمَّاعة المشاكل ومكسر عصا وحائط مبكى معاً للفرقاء الذين أثبتوا أنهم غير قادرين على حكم نفسهم بنفسهم وعلى تسيير شؤون البلاد والعباد ولا حتى «ضب» الزبالة من الشوارع ومنع الصفقات المشبوهة والفضائح وآخرها فضيحة «الرملة البيضاء» وسرقة بياض البلد والشواطيء العامة، المتنفس الأخير للشعب المخنوق.
ولهذا لم تتأثر الحكومة ولم تلتفت لاستقالة أشرف ريفي أولاً ثم وزراء الكتائب ما عدا سجعان قزي، الذي يعتبر وجود حزبه داخل الحكومة «مكسباً»! بالطبع هل هناك أثمن من هكذا مكسب؟ واذا لم تصدقوا فاسألوا سعد الحريري الذي أُخرج عنوةً من جنة الحكم وظل غاضباًعلى ميقاتي إلى ما قبل الشهر الماضي، ويسعى الآن بكل جهده للعودة للحكومة ولو من خلال رئيس كان يصنفه في خانة ألد الأعداء.
بالحد الأدنى لن يُقلِّع البلد بهكذا حكومة في زمن التحديات والملمات خصوصاً في مرحلة الوقت الضائع بين اليوم ونهاية الإنتخابات الرئاسية الأميركية وتموضع الإدارة الجديدة. فإدارة أوباما الحالية أضحت عاجزة تماماً وتسيرِّها مصالح وأهواء جماعات الضغط، وأقواها اللوبي الإسرائيلي، وهذا ما يفسِّر توقيت العقوبات المالية الأميركية وتشدُّدها ضد المقاومة في لبنان التي تحارب التكفيريين الذين تدَّعي أميركا عداوتهم، وعدم لجم واشنطن لجموح الرياض في البحرين التي اتخذت قرارها التدميري بسحب الجنسية من أهم مرجع ديني في البلاد مما يفتح الوضع على احتمالات خطيرة، وذلك رغم اللقاء بين أوباما وبن سلمان في البيت الأبيض والذي كان يتوقع المراقبون أنْ يؤدي الى «دوزنة» الموقف السعودي تجاه الأزمات لكن خاب أملهم بقرار آل سعود اتباع سياسة حافة الهاوية مع إيران والتصلب في الملفات السورية والعراقية واللبنانية واليمنية وتفضيلها لبقاء داعش في العراق وسوريا على جيش الحكومتين.
لكن لا يوجد من هو أكثر حيرةً وتخبطاً من سعد الحريري الذي انبرى يدافع عن قرار البحرين بتغريدة على «تويتر» يعرب فيها عن عدم فهمه لتدخل إيران وحزب الله بقرار البحرين! معقول هذا الموقف ولديه فائض من المستشارين يسدون له النصح؟ لكن الرد عليه من المغردين تلخص بالآتي: كيف لا تفهم سبب اهتمام إيران والمقاومة بشعب البحرين المضطهَد ثم تفهم رفض السعودية لترئيس العماد عون وتوزيع عقاب صقر حفاضات في سوريا وسبب تفضيل السعوديين لريفي عليك وسبب استيلائهم على «سعودي أوجيه» وازاحتك منها!
يبدو أنَّ الحريري لم ولن يحسم أمره بقرار تاريخي يتخلى فيه عن سياسات آل سعود التي لم تجلب له إلا المصائب مما يعني أنَّ لبنان مقدمٌ على صيفٍ ساخن.
Leave a Reply