خليل إسماعيل رمَّال
سياسة الرئيس الاميركي فـي الشرق الأوسط حول التحالف لضرب «داعش»، بدأت متعثِّرة ومترنِّحة بسبب غموضها وجمعها للتناقضات، ثم بسبب خطورة أنْ تؤدي أية خطوة غير محسوبة إلى نتائج كارثية وحربٍ عالمية ثالثة فـيتحول الرئيس الاميركي الذي وصل إلى البيت الأبيض على حصان التخلُّص من حروب سلفه جورج بوش، من زعيمٍ مُسالم إلى رئيس حروب ودمار وخراب.
١- بدأ التوتر فـي المنطقة مشوباً بعودة الأحلاف الدولية وهي نذير شؤم منذ «حلف بغداد» فـي الخمسينيات والذي أدى إلى اغتيال رئيس الوزراء العراقي انذاك نوري السعيد.
ابرز أعضاء الحلف الأميركي مؤلف من السعودية وفرنسا والأردن ومصر ودول الخليج ما عدا قطر، بالإضافة إلى عضو متردد هو تركيا التي لها أجندتها الخاصة وعضو غير مُعلَن هي إسرائيل التي ينتابها القلق من التركيز على «داعش» ونسيان «الخطر النووي الإيراني». حتى لبنان الذي يحتل بعض ارضه هذا التنظيم الإرهابي ويعتقل جنوده، رفض الدخول فـي هذا الحلف وهذه سياسة صحيحة لأن بلداً هشاً سائباً مثل لبنان لا يمكنه تحمُّل سياسة الأحلاف.
فـي المقابل يقف الحلف السوري الإيراني الروسي ومعه المقاومة اللبنانية، ليتأكد من عدم تخطي الحلف الأول الخطوط الحمر غير المُعلَنَة والتي تتضمَّن تصفـية النظام السوري الذي يحارب الإرهاب وتنصيب ما يُسمَّى بالمعارضة السورية المعتدلة مكانه. لكن المشكلة ان التغلُّب على «داعش» لن يتم من خلال الغارات الجوية فقط ولا من خلال المعارضة السورية المعدومة الوجود على الارض، بل من قبل من خبر قوتها وتكتيكاتها وتحركاتها مدة ٣ سنواتٍ عِجاف.
٢- قد تكون الولايات المتحدة قد أحضرت الدب لكرم «العرب المعتدلين» من خلال وضعهم تحت خطر «داعش» المباشَر. فالحية، كما يقول المثل، اذا ضاقت عضَّتْ نفسها. والجماعة الإرهابية التكفـيرية قد تمتد إلى مناطق فـي الأردن وحتى السعودية من أجل الانفلات بحيث يصعب ضربها وتحديد مواقعها.
٣- ان المدة التي قيل لنا بأنها قد تطول لدحر «داعش» يعني ان الوجود الاميركي، الذي لا شك سيعقبه «بوطات عسكرية» على الأرض، جاء ليبقى أولاً من أجل حماية مصالح إسرائيل والأنظمة الحليفة، وثانياً من أجل التحضر لمعركة عودة الحرب الباردة مع روسيا والصين ودول «البريكس» بشكلٍ عام والتي تتضمن الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا والصين وروسيا وهؤلاء يشكلون ٤٠ بالمئة من سكان العالم.
٤- إجهار إيران بموقفها من الحلف ورفض خيار اما الإحتلال او الإرهاب، وتهديدها المبطَّن بالعمل على مجابهته اذا تجاوز المحرَّمات قد يلجم الاندفاعة الاميركية مما قد يخلق شروخاً مع السعودية التي وضعت آخر رهاناتها على إسقاط النظام السوري. وهي فـي موقفها هذا تُبقي الدولة اللبنانية العاجزة أصلاً رهينة الضعف والذل ورفض تسليح الجيش اللبناني بالرغم من العروض المجانية له من ايران والميسَّرة من الصين وروسيا.
٥- لبنان الآن على مفترق طرق قد يؤدي إلى زواله بعد الفراغ النيابي ولو أننا نعتقد ان النوَّاب الُممدِّدِين لأنفسهم لن يتوانوا عن التمديد الجديد المديد وكل ادعاء بأن احداً منهم يُعارض ذلك ما هو إلا ذر للرماد فـي العيون. هؤلاء النوَّاب عاطلون عن العمل منذ ٤ سنوات من دون اقتراح نيابي ولا تشريع ولكن مازالوا يقبضون الأموال الطائلة مع ان كل دول العالم تمنع الراتب عن العاطل وتمنحه النزر اليسير إلا فـي لبنان بلد العجائب. لبنان مثل هذا التحالف الذي ليس هو عضو فـيه، فالج لا تعالج.
Leave a Reply