إسرائيل تعيش حالة رعب حقيقي غير مسبوق في تاريخها العدواني منذ عام ١٩٤٨ بعد إختراق طائرة غامضة من دون طيار المجال الحيوي الجوي لفلسطين المحتلة لمدة نصف ساعة وتحليقها فوق المراكز الأمنية الحساسة لدولة الإحتلال. ورغم الرقابة العسكرية الإسرائيلية الصارمة، لم تخف إسرائيل قلقها من خطورة حقيقة ساطعة كعين الشمس: لم تعد الدولة الغاصبة «مملكة» أمنية محصنة عصية على الغزو في عقر كيانها بعد أن هوت أسطورة جيشها الذي لا يقهر وأسطورة تحييد جبهتها الداخلية بسبب صواريخ المقاومة، إذ اقتصرت المعارك في السابق على الجبهات العربية البعيدة فقط! لقد وقعت الكارثة: العدو الذي يملك المئات من هذه الطائرات والتفوق الجوي الحربي الإسرائيلي قد وجد نظيره!
هاجس طائرة الإستطلاع أوقِفَ الملاحة الجوية في مطار بن غوريون يوم الأربعاء الماضي (وهو يومٌ تاريخي مشهود لجيلنا الذي شاهد عصر الهزيمة ثم إنتصار المقاومة). سبب الإقفال هو إنذار عن وجود جسم مشبوه في أجواء وسط فلسطين فاعترضته المقاتلات، لكن تبيّن لاحقاً أنه ليس طائرة استطلاع. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن أحداثاً كهذه تجري بين الحين والآخر، لكن الحدث غير المسبوق هو تعطيل مطار بن غوريون. في ذكرى حرب تشرين (أكتوبر) المجيدة التي حولها أنور السادات، بمساعدة وزير خارجية أميركا هنري كسينجر، من نصرٍ إلى هزيمة فإن مفاجأة الطائرة فوق فلسطين المحتلة هو الخبر السار الوحيد من الشرق الأوسط بعد تعثر «الرماد الربيعي» العربي ومصادرته رسمياً من قبل الرجعية العربية وأسيادها في الغرب. وإذا صح، كما زعمت إسرائيل، أن الطائرة تابعة للمقاومة في لبنان وإيران فهذا الخبر هو إنتصارٌ آخر مجلجل للمقاومة، لأن كل ما حيك ضدها من مؤامرات وأحابيل وتغطيسها في المستنقع اللبناني والأوحال الفتنوية لم يصرفها عن هدفها الأوحد: إيقاع الهزيمة بالعدو. منذ أكثر من عام بعد صرف سعد الحريري من الخدمة وتنصيب من هو أسوأ منه شكلاً ومضموناً مكانه، صدر القرار بـ«شيطنة» حزب المقاومة وتقديم أكبر خدمة لإسرائيل تتضمن إلهاء «حزب الله» وإيقاعه في شرك الفتنة المذهبية التي بدأت تذر بقرنها مع حلول «الدرن العربي» حتى يسهل على إسرائيل الإنقضاض على المقاومة وإنهائها بالسلم إذا لم تتمكن منها بالحرب. ومن أجل تحقيق هذا المبتغى، قامجيفري فيلتمان بزيارة أيتامه و«جيفه» من اللبنانيين من أجل وضع خطة عملية تضمنت إستدارة المنافق وليد جنبلاط ضد سوريا ومصالحته مع الحريري والعودة إلى الحظيرة السعودية. لكن جنبلاط الذي يقضي أيامه منتظراً أمام الهاتف ليهتف له بموعد مع ملك السعودية، مكتئب وحزين لأنه بينما هو ينتظر في الصف، أصبح عند سمير جعجع «خط عسكري» إلى الرياض حيث إلتقى الحريري مؤخراً في جدة وإستقبل بالترحاب من قبل النظام السعودي. عن جد، «أجاد» هذه المقاومة التي صمدت في وجه كل الرياح العاتية التالية كما لم تصمد مقاومة من قبل:
١- إتهامها، ولو مداورةً، بإغتيال الرئيس رفيق الحريري عن طريق إدانة بعض قيادييها ومناصريها تمهيداً لمحاكمتها دولياً. ومؤخراً تزعمت إسرائيل حملة لإجبار الإتحاد الأوروبي على وضع «حزب الله» على لائحة الإرهاب بعد تفجيرات بلغاريا الكاذبة.
٢- التصويب على سلاحها في كل مناسبة ومن دون سبب و«تجريم» هذا السلاح الذي رفع النفوس الوضيعة التي لم تعرف إلا طأطأة الرؤوس و«تمسيح الجوخ» لأولياء نعمتهم في الخليج وفي الغرب.
٣- محاولة «تجريم الطائفة» بعد السلاح المقاوم وظهور فطريات مذهبية مثل ظاهرة المهرج أحمد الأسير الملقب بالشيخ والذي شوهد معه مؤخراً عميل إسرائيلي موصوف متهم بمحاولات إغتيال المرحوم مصطفى سعد، وظاهرة «كتائب عبدالله عزام» التي تريد الفصل بين «الشيعة والمقاومة» مرسلةً التهديد تلو التهديد!
٤- ظهور عصاباتٍ سلفية مذهبية مسلحة في الشمال تريد الإيحاء بأنها رديف للسلاح المقاوم ولوجود «حزب الله» في الضاحية ملوحةً بقطع الشريان الحيوي له المتمثل في طريق الجنوب.
٥- محاولة إحداث شرخ مع الزعيم الوطني ميشال عون الذي هو أكبر سند للمقاومة وبينه وبين الرئيس نبيه بري الذي وضعته القوى الظلامية على لائحة الإغتيال.
٦- تحميل المقاومة «الدم السوري» عن طريق اتهامها بالتدخل ضد المجموعات السورية المسلحة إلى جانب النظام وخطف حجاج لبنانيين مقابل تفرج الدولة على أساس أنهم شيعة وليسوا مواطنين لبنانيين، وذلك من أجل إبتزازها.
٧- الإيهام بمسؤولية المقاومة عن محاولة إغتيال بطرس حرب (عن طريق المس الكهربائي لكن، لا كهرباء في وطن النور والبعجور)، ونبش القبور في اغتيالات سياسيي «قرطة حنيكر» وآخرها إغتيال جبران تويني حسب وثائق «قناة العبرية» الناطقة بإسم إسرائيل تماماً مثل قناة المر «أم تي في» وإعلاميين مثل وليد عبود ونديم قطيش–هذا الأخير «العطيلة» حمل بشدة على «السفير» في برنامجه المضحك فقط لأنها اشارت إلى إحتمال تزوير هذه الوثائق.
٨- منع أي إصلاح إنتخابي من أجل ضمان فوز ١٤ عبيد زغار بالأكثرية العددية في مجلس النواب من أجل تسهيل وصول «مفتي الإخوان» سمير جعجع إلى رئاسة الجمهورية لنزع سلاح المقاومة بالقوة لو أمكن، عندها تصبح الرئاسة من دون جمهورية هذا إذا حدثت معجزة «بشير حيةٌ فينا» وتكررت الجريمة التاريخية «بتعيين» «قواتي» حليف لإسرائيل. إنه حلم إبليس بالجنة!
Leave a Reply