خليل رمَّال – «صدى الوطن»
جال مراسلو «صدى الوطن» على مراكز الاقتراع خلال نهار الاستحقاق التاريخي الكبير يوم الثلاثاء الماضي، فكانت حصيلة رصدها وجوجلتها لنشاط مراكز الانتخاب أن العامل الأكبرِ الذي ساهم في توجه الناخبين العرب الاميركيين الى مراكز الاقتراع يعود الى نيتهم دعم المرشحين المحليين، لكن حماستهم الفاترة تجاه الاقتراع للمرشح الرئاسي أدت الى المشاركة الضئيلة في مدينة ديربورن وبأعداد هي أقل إجمالاً مما كانت عليه مقارنةً مع انتخابات الرئاسة عام 2012.
ولكن رغم توسط الإقبال على التصويت تمكَّنت الجالية العربية من الإحتفال بإنجاز نوعي مهم تمثِّل بإيصال المرشح الديمقراطي الشاب عبدالله حمود (26 عاماً) إلى مجلس نواب ولاية ميشيغن ليصبح أصغر ممثل تشريعي عن الحزب الديمقراطي في الدائرة الخامسة عشر حيث حصد 61.6 بالمئة من اصوات الناخبين (21,739 صوتاً) متفوقاً بذلك على منافسه الجمهوري ترنس غيرين.
كما استحقت الجالية العربية ان تفتخر بانتصارها في مجلس إدارة مدارس ديربورن حيث فاز المرشحان العربيان الأميركيان بعضويتين كاملتين، وهما حسين بري بنسبة 33 بالمئة من الاصوات وفدوى حمود بنسبة 32.5 بالمئة. كذلك فاز المرشَّح المدعوم من اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي «ايباك» و«صدى الوطن» جيم ثورب بعضوية جزئية حاصداً 63.3 بالمئة من الأصوات بمواجهة منافسه العربي الأميركي فايز الكهالي الذي أبلى بلاء حسناً في أولى تجاربه الانتخابية، فيما لم تتمكن المحامية سوزان دباجة من الفوز بمقعد قاض في محكمة مدينة ديربورن.
يوم الانتخاب الطويل
وكانت الأسابيع التي سبقت اليوم الإنتخابي الطويل قد شهدت منافسات حامية على الصعيدين المحلي والوطني مما استدعى قيام شرطة ديربورن لتكثيف اجراءاتها الأمنية المكثفة لدى أقلام الاقتراع التي تبلغ 48 في مختلف أنحاء المدينة، وذلك تفادياً لأي مجابهات أو مشاكل قد تحصل بسبب حماوة السباقات الانتخابية ولكن بالرغم من الحوادث الطفيفة التي وقعت في البداية الا ان النهار الانتخابي مر على ما يرام بشكل عام.
«شاهدنا داعمي دونالد ترامب وكان وجودهم راقياً»، ذكرت زينب الهاشمي، المتطوعة لحملة حسين بري الانتخابية في مركز اقتراع مدرسة وودورث، وتابعت «بالتأكيد كان هناك عدد كبير من الناخبين العرب الأميركيين لكن معظمهم حضر من أجل التصويت لأعضاء مدارس ديربورن ومنصب قاض في محكمة ديربورن».
وقد دلت الإحصاءات أن 63 بالمئة من سكان ديربورن (أي 24940 ناخباً) صوتوا لهيلاري كلينتون مقابل 13 بالمئة (12171) لترامب.
«خطاب الكراهية» لدى ترامب هو الذي حدا بالكثير من العرب والمسلمين لكي يقبلوا على التصويت أيضاً، تقول الهاشمي، «كذلك عبر العديد منهم عن وجهات نظر سلبية تجاه كلينتون لكنهم اعتبروا في النهاية انها أهون الشرين».
في غرب ديربورن، كانت الصورة مختلفة كلياً حيث الانتخابات الرئاسية في طليعة أولويات الناخبين هناك. وقد شهد قلم الاقتراع في الكنيسة المعمدانية الأولى «فيرست بريسبيتاريان تشيرش» وجود ناخبين مهتمين بالمحكمة العليا والسياسة الخارجية والوظائف وغيرها لدى ذكر من سيختارون لاحتلال البيت الأبيض.
نوال القادري ناخبة عبرت عن رأيها بالقول ان الاهتمام الأكبر لديها ينصب على مستقبل المحكمة العليا حيث أفادت «إذا أصابك القرف من المرشَّحَيْن فيمكنك على الأقل ان تطمئن في حال اقترعت حسب ميلك الحزبي عند ذاك فإن مستقبل المحكمة العليا سيصمد». الاهتمام الثاني للناخبة القادري كان السياسة الخارجية في الشرق الأوسط الذي تحوَّل الى ميدان حروب فأسهبت «بما أن جاليتنا مهتمة للغاية بالسياسة الخارجية، علينا أن نمحِّص مواقف المرشَّحين الفرديين جيداً لنميز بين من مِن الكاذبين سيلحق الضرر الأكبر بالأوطان الاصلية التي جئنا منها خصوصاً الآن حيث منطقة الشرق الأوسط هي مصدر الأزمات الأخيرة».
ناخبة أخرى أفادت ان ما يهمها هو الاقتصاد وفقدان الوظائف. «طيلة وجودي في ميشيغن شهدت اضمحلال الوظائف التي انتقلت إلى أماكن أخرى وايضاً لاحظت ان العاملين لا ينالون التعويض الملائم لعملهم في كل مكان-في المدارس وأماكن سكن الكبار والعجزة وفي مؤسساتنا ومستشفياتنا» لاحظت الناخبة، متأملةً «ان يفي المرشَّح الرئاسي الذي ستقترع له بوعده ويؤمن الوظائف من جديد ويساعد العجلة الاقتصادية لكي يتمتع جيلنا الجديد بنفس نمط الحياة الذي عشناه نحن».
كارمن غودان، المتطوعة في حملتي حسين بري وفدوى حمود في قلم اقتراع ثانوية «ديربورن هاي»، جاهرت مفتخرةً بدعمها لكلينتون فقالت«من ناحية لدينا مرشح قد يصبح ديكتاتورياً وهو ليس جمهورياً حقيقياً، ومن ناحية ثانية عندنا مرشحة هي هيلاري كلينتون تملك الخبرة وستكون أول رئيسة أميركية امراة في تاريخ أميركا وهذا حدث تاريخي وانا دعمتها منذ البداية».
الا ان هذا لا ينفي وجود عدد وفير في الجالية من داعمي دونالد ترامب الذي أصبح الرئيس المنتخب صباح يوم الأربعاء الماضي، لكن معظم هؤلاء الداعمين صوتوا له بالسر وخفية من دون الإعلان عن ذلك جهرةً. وفي هذا الصدد علقت ناخبة لم ترد الإفصاح عن إسمها بالقول «اذا أبلغت النَّاس هنا انك انتخبت ترامب فسيحكمون عليك (بالسوء)».
السباقات المحلية
لوحظ تواجد كثيف لمندوبي حملات المرشحة لمنصب قاض في محكمة ديربورن سوزان دباجة، وحملات المرشحين العرب لعضوية ادارة مدارس ديربورن بري وحمود وعادل معزب وحملة مرشَّح مجلس نواب ولاية ميشيغن عبدالله حمود.
قلم اقتراع مدرسة سالينا شهد إقبالاً كبيراً بأرقام غير مسبوقة من قبل الناخبين اليمنيين الأميركيين. وصرح أحد هؤلاء الناخبين، أحمد صعيدي، بالقول «هذه المرَّة الأولى التي أشهد فيها هذا العدد الكبير من المقترعين، خلال فترة إقامتي هنا منذ 24 عاماً وهذا جيد. الكل هنا هو بمثابة عضو في العائلة وبالرغم من عدم اصطفافنا على نفس الجانب الا ان الجميع يحترم بعضه البعض. لقد كان المشهد لطيفاً بالفعل».
في قلم اقتراع مدرسة ماكدونالد الابتدائية، تعطلت مؤقتاً إحدى ماكينات التصويت مما أدى الى صفوف طويلة في المساء. ومع هذا ظل الناخبون مصممين على الانتظار وقتاً إضافياً للإدلاء باصواتهم لمرشحهم المفضل.
«بالنسبة للانتخابات المحليَّة، أعتقد انها مسألة شخصية للعديد من الناخبين» لاحظت كلوديا بزي مندوبة حملة فدوى حمود في قلمي اقتراع مدرستي «ماكدونالد» و«سانت الفونساس»، وأردفت «أكثرية هؤلاء المرشحين هم من أصدقائنا ونحن موجودون هنا لكي ندعمهم. لقد كانت التجربة غامرة ولكن بأفضل النواحي وأنا على الأقل فخورة بذلك».
عايدة الصغير، التي كانت مندوبة حملة بري في مدرسة ماكدونالد، اعربت عن فرحتها الغامرة لرؤية العرب الاميركيين في مراكز الاقتراع حتى ولو لم يكونوا متحمسين للسباق الرئاسي، ولخصت بالقول «هناك حتى بعض العرب الذين امتنعوا عن اختيار رئيس والبعض جاء إلى مركز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في السباقات المحليَّة. هذه السنة الثانية التي أساهم فيها بحملة انتخابية وقد رأيت الكثير من عمليات الاقتراع التي أدلى بها الناخبون وانا سعيدة ان أرى هذا الكم من النَّاس يمارسون حقهم الى هذه الدرجة».
ورغم أن رئيسة المجلس البلدي في ديربورن سوزان دباجة لم يكن النصر حليفها بالفوز بمنصب قاضي محكمة ديربورن ضد المحامي جين هانت، إلا أن حملتها أرسلت عددا كبيراً من المندوبين والمتطوعين إلى مراكز الإقتراع.
عائشة زبن. وهي متطوعة في حملة دباجة ومقرها في مدرسة هنري فورد الابتدائية، أكدت «أن بعض الناخبين أحبطت هممهم عند الصباح الباكر عندما شهدوا وجود خطوط طويلة هنا»، وتابعت «وقد غادر بالفعل العديد منهم من دون الإدلاء بأصواتهم قائلين انهم سيعودون لاحقاْ بسبب طوابير الانتظار الطويلة وهم لم يريدوا أن يتأخروا على أعمالهم».
قضايا لا أفراد
لكن لم يكن تفكير الناخبين كلهم سواسية فيما يتعلَّق بسبب إقبالهم على التصويت. فالبعض منهم كان همه القضايا أكثر من الأفراد.
مثال على ذلك، ندى دكروب وهي أم وربة منزل جاءت لمركز الاقتراع لأنها أرادت «التأكد من قيام المدارس بتوفير نوعية تعليم وتربية جيدة» لأولادها، مؤكدةً في هذا المجال بالقول «بصراحة، انا أقبلت على التصويت من أجل قضية التعليم في ديربورن ومن أجل مجلس إدارة المدارس. لهذا السبب فقط أتيت لأصوت. والتعليم بالنسبة لي هو في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد الانتخابات الرئاسية».
بلال أمين مندوب حملة عبدالله حمود اكد ان حركة الاقبال لدى الناخبين العرب في مراكز الاقتراع كفيلة بإزالة أية مفاهيم خاطئة حول تقاعس الجالية عن التصويت، وخلص الى القول «يمكن لباقي الجاليات المهاجرة ان تتعلم من جالية ديربورن. السباق المحلي هو الدافع الأكبر لها لكي تصوت وذلك بالنظر الى كيفية مشاركة الكل. الآخرون ينظرون إلى ديربورن ويقولون انها جامدة لكن عندما يأتون إلى المنطقة تتغير الصورة عندهم حيث يجدون النشاط الدؤوب وحتى في غرب ديربورن يرون العرب في كل مكان».
(ساهم في التقرير سامر حجازي
وحسن خليفة وماريسا كامبل)
Leave a Reply