واشنطن – تشهد بعض كبريات المدن بالولايات المتحدة حملة دعائية معادية للإسلام، تتخذ من حافلات المواصلات العامة وسيلة للترويج لأفكارها وإذكاء جدل حول مكانة الدين في المجتمع الأميركي، وولصت الأمور في كنيسة في ولاية فلوريدا إلى حرق المصاحف في 11 سبتمبر (أيلول) القادم أثناء الاحتفال بالذكرى السنوية التاسعة للهجمات. وقالت الكنيسة الواقعة في منطقة غاينيسفيل، إنها تحاول أن تجعل من تلك الذكرى “يوما عالميا لحرق القرآن”.
فقد أوردت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” أن جماعة تطلق على نفسها اسم “أوقفوا أسلمة أميركا” بدأت بإلصاق إعلانات دعائية في حافلات نقل الركاب العامة في المدن الكبرى تحث فيها المسلمين على الردة عن دينهم.
وبدأ الجدل حول مكانة الإسلام في أميركا يحتدم في شوارع المدن الأميركية في ضوء ما ذاع عن خطط لبناء مسجد في موقع بُرجَي مركز التجارة العالمية في نيويورك، حسب الصحيفة.
وتنخرط جماعات عديدة في أنشطة أشبه ما تكون بحرب إعلانات دينية عن المزايا والمفاهيم المغلوطة عن الإسلام، الذي تصفه “كريستيان ساينس مونيتور” بأنه يظل الديانة “اللغز” عند الكثير من الأميركيين.
ومن الشعارات التي تحملها الملصقات الدعائية في الحافلات ما يدعو المسلمين للارتداد عن دينهم حيث كُتبت في بعضها عبارات مثل “هل أنت مستعد لتحمل فتوى ضدك؟” و”هل أسرتك أو جماعتك تهددك؟” و”هل تركت الإسلام؟” و”هل لديك أسئلة؟ إذن إليك الأجوبة”.
واعتبرت الصحيفة ظهور تلك الإعلانات في عشرات الحافلات العامة التي تجوب شوارع سان فرانسيسكو وميامي ونيويورك، نوعا من الرد على حملة أطلقتها إحدى الجماعات الإسلامية حول “سير الأنبياء آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، فهل من أسئلة؟ إذن إليك الإجابة”.
وتعد كل تلك الإعلانات جزءا من جدل واسع بشأن صورة الإسلام التي تقول منظمات إسلامية إن المتطرفين في الداخل والخارج ألحقوا بها الضرر، على حد تعبير الصحيفة. وتسود بعض منظمات الحقوق الدينية بالولايات المتحدة قناعة بأن الهدف الحقيقي من تلك الحملات هو إثارة الفزع من عقيدة طالما أسيء فهمها، ألا وهي الإسلام.
حرق القرآن
وتم تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيسبوك” لجمع أكبر عدد ممكن من الناس للمشاركة في “احتفال حرق المصاحف” في فلوريدا، وكتبت في الصفحة الالكترونية عبارات مهينة للإسلام من أجل جمع أكبر عدد ممكن من الأعضاء.
وذكرت الصفحة أن هدفها “تقديم التوعية للناس عن مخاطر الإسلام، وأن القرآن يقود الناس إلى جهنم، ونريد أن نرجع القرآن إلى مكانه الأصلي: النار”، وفقا لما ذكرته صحيفة “الاندبندنت” البريطانية. وتصف الكنيسة نفسها أنها “كنيسة العهد الجديد على أساس الكتاب المقدس”، ولها تاريخ من التصريحات الاستفزازية حول الإسلام. ونشر راعي ومالك الكنيسة تيري جونز مؤخرا مقالا بعنوان “الإسلام من الشيطان” ووضع لوحة كبيرة خارج الكنيسة حاملة موضوع مقاله. ويقول الكاتب البريطاني توم منديلسن في تقريره معلقا على هذه الخطوة “إنه خبر غير سار، وسيساهم في علو ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة والغرب”.
جدير بالذكر أن جدلا محتدما الآن في نيويورك حول نية منظمة إسلامية أميركية بناء مسجد في موقع “غراوند زيرو”، الذي كان يرتفع فيه برجا مركز التجارة العالمي قبل أن ينهارا بفعل هجمات 2001.
ويأتي في إطار تصاعد ظاهرة العداء ضد الإسلام إلقاء قنبلة حارقة على مسجد في جاكسونفيل في ولاية فلوريدا في وقت سابق من هذا العام.
سياسي جمهوري: الإسلام ليس ديناً
وأرفض إخضاعنا للشريعة
كما وتصاعدت في الولايات المتحدة حدة التعليقات على تصريحات أدلى بها سياسي ينتمي للحزب الجمهوري، مرشح لمنصب المحافظ في إحدى مقاطعات ولاية تينيسي، بعد أن أعرب علناً عن شكوكه في إمكانية أن ينظر إلى الإسلام على أنه دين كسائر الأديان.
وانتشر على موقع “يوتيوب” تسجيل مصور للسياسي رون رامزي، يظهر فيه خلال جولة انتخابية في مدينة مورفرسبرو، تحدث خلالها عن معارضته لتوسعة مسجد موجود في المنطقة كان قد ثار حوله الكثير من الجدل، إذ أعرب عدد من السكان عن قلقهم من اعتباره إشارة لتزايد التيارات المتشددة ضمن المسلمين بالمدينة.
وقال رامزي، وهو عضو في مجموعة “حفلة الشاي” المحافظة داخل الحزب الجمهوري، إنه يدعم “الحرية الدينية” في المدينة ويدافع عنها، ولكنه لا يقبل بأن تصبح هذه الحماية “مدخلاً لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في ولاية تينيسي والولايات المتحدة الأميركية”. وأضاف رامزي، بتصريحاته المثيرة للجدل: “يمكن حتى أن نثير السؤال حول ما إذا كان الإسلام هو بالفعل ديانة، أم أن له طبيعة قومية أو أنه أسلوب حياة أو إطار جامع لفرقة دينية، أو كل ما قد ترغبون بقوله”. وتابع: “نحن نقوم بحماية أدياننا، ولكن في الوقت عينه علينا أن نعرف بأن هذا أمر سيكون علينا مواجهته”.
وجاءت مواقف رامزي في نفس اليوم الذي كانت فيه المدينة تشهد تحركاً ضم المئات من معارضي توسعة المسجد، الذين نظموا مسيرة باتجاه مقر المحكمة المحلية للاعتراض على المشروع، بينما كانت مجموعة موازية من حيث العدد تعتصم في الموقع نفسه للدفاع عن الخطوة.
Leave a Reply