دعوته لفتح ملفات الفساد والمقابر الجماعية رفعت درجة العداء له
ودعمه للمقاومة ومواجهته لتوطين الفلسطينيين سببان للحملة عليه
الجنرال عون |
قطعت الادارة الاميركية اي اتصال مع العماد ميشال عون، فلم يعد يزره الموفدون الاميركيون وكان آخرهم نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش الذي حرّض على عون واتهمه بتقسيم المسحيين في دعوة مباشرة ضده للانقلاب عليه من قبل الرأي العام المسيحي، وفي الفترات التي كان يلتقي فيها رئيس التيار الوطني الحر مع مسؤولين اميركيين، كان الصدام يقع معهم، لافتراق بينه وبينهم حول نظرتهم الى لبنان والقضايا المتعلقة به. ففي اثناء خدمته في الجيش، يروي العماد عون، كيف انه منع قوات الاحتلال الاسرائيلي الاقتراب من المواقع العسكرية التي كان مسؤولاً عنها، وانه لم يقبل وحاول منع دخول ميليشيات «القوات اللبنانية» الى صبرا وشاتيلا، وكذلك منع دخولها الى الضاحية الجنوبية.
وهذا الموقف للعماد عون، يسرده امام زواره ليؤكد ان وقوفه مع المقاومة وتفاهمه مع «حزب الله» ليس بالأمر الجديد عليه، بل هو نابع من قناعات لديه بأن اسرائيل هي عدو، وعند دخولها الى لبنان، يجب ان تقاوم، وهذا ما مارسه عندما كان في الجيش ورفض اللقاء مع ضباط اسرائيليين وتدخل الاميركيون ولم يفعل ذلك.
ويعتبر عون ان الحملة عليه، والعداء الاميركي له، هو بسبب موقفه الايجابي من المقاومة، وعدم الانخراط في المواجهة مع سوريا بعد انسحابها من لبنان، واستمرار الحملة عليها، والتدخل بشؤونها.
لهذه الاسباب يرى رئيس «التيار الوطني الحر»، ان واشنطن تصعد حملتها عليه، وتعتبر انه تراجع عن مواقفه عندما كان يذهب الى الكونغرس الاميركي للإدلاء بإفادات ضد سوريا، وانخرط في قانون محاسبتها، حيث يرد عون على ذلك، بأنه لم يقم بعمل سري، بل كان واضحاً انه يريد اخراج القوات السورية من لبنان، وعندما تخرج ستصبح سوريا جارة ونقيم معها افضل العلاقات، وهذا ما كان يعلنه في عز المعارك ضد القوات السورية وهو ما نفذه .
فمن هم في الادارة الاميركية تفاجئهم مواقف عون، وفق ما يؤكدون، وهو يشير الى انه لم تكن له علاقة مع المسؤولين الاميركيين، بل مع اعضاء في الكونغرس، تم التعامل معهم على اساس الانسحاب السوري فقط.
وهذه المواقف لعون، اقلق اميركا وحلفاءها في لبنان، بعد ان كان ركناً اساسياً في 14 آذار، وقد تبين لهم ان عودته الى بيروت ستكون بمثابة «تسونامي» وهو ما اعلنه وليد جنبلاط في حينه، وجرت محاولات مع المسؤولين الفرنسيين لتأخير عودته الى لبنان، للانفراد في الانتخابات النيابية، وقد تم ابعاده عن التحالفات فيها، لحصد المقاعد النيابية، لكن النتائج خذلت «مسيحيي السلطة»، وجاءت على حسابهم، حيث بدأت الحملة عليه، منذ ذلك الوقت، والعمل على تهميشه وتهشيمه، فتم ابعاده عن الحكومة، فلجأ الى المعارضة، في الوقت الذي بدأت عملية تقوية خصومه المسيحيين وتحديداً «القوات اللبنانية» من قبل تيار المستقبل بإعطائها حصة في الحكومة وتوظيفات في ادارات الدولة وتقديم الخدمات لها، لتسحب البساط السياسي والشعبي من تحت اقدام «التيار العوني».
ولكن المفاجأة جاءت من خلال ورقة التفاهم بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، والتي اعطت حجماً وطنياً لعون، مما ازعج الادارة الاميركية، التي فتحت النار عليه، ووضعت «فيتو» على ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وزادت من الهجوم عليه بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان في صيف 2006،حيث تعرض عون لانتقادات كثيرة بسبب موقفه المؤيد للمقاومة والمحتضن لجمهورها وابناء الجنوب، وتم تدارس خطة لقيام اسرائيل بضرب مقر عون في الر ابية وقتله، لكنها تراجعت عنها، واستبدلتها بعمليات تهديم للجسور والطرقات في كسروان، جبيل والمتن الشمالي، لرفع النقمة الشعبية المسيحية ضد عون، بانه يغطي «حزب الله» حيث شنت حملة اعلامية وسياسية عليه، لكنها لم تؤثر على شعبيته كثيرا بسبب الانتصار الذي حققته المقاومة وكان عون تنبأ به ، كما ارتفعت الحملة ضده مع اعتصام المعارضة في ساحة رياض الصلح، لتحميلها وتحميله مسؤولية اقفال بعض المؤسسات في الوسط التجاري القريبة من الاعتصام ومسؤولية الازمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، والتي هي سابقة لتحرك المعارضة وتعود الى سنوات، وكانت بدأت عام 1995 في عهد الرئيس الياس الهراوي وحكومات الرئيس رفيق الحريري وارتفاع الدين العام وخدمته.
هذه الحملة تصاعدت ايضا مع بدء الاستحقاق الرئاسي، حيث تم التحريض على عون بأنه يعطله لانه يريد الرئاسة له، وقد شاركت بكركي به، وهو ما اعتبره رئيس «التيار الوطني الحر» انه يستهدفه لاسقاطه مسيحياً بغطاء البطريرك صفير، فرد على الحملة ومعه الوزير السابق سليمان فرنجية، واعتبرا صفير منحازاً الى فريق مسيحي سياسي، وهذا ليس جديداً عليه، بعد ان رعى «لقاء قرنة شهوان» واخذ بالتوجهات الاميركية.
فالتركيز على عون ايضا، لانه تصدى لمجيئ رئيس للجمهورية يعمل عند آل الحريري كما يقول ويريدون رئيسا موظفا، كما ان الحملة عليه، ازدادت بعد ان اسقط امين الجميل في معركة المتن الفرعية، فإعتبر عمله انه تجاوز للخط الاحمر بإسقاط عائلة سياسية تقليدية وعائلات اخرى في كسروان وجبيل مثل كارلوس اده وفارس سعيد ومنصور غانم البون وفي المتن الشمالي نسيب لحود.
لذلك تبدو المعركة مع عون متعددة الرؤوس، خارجية تقودها اميركا، وداخلية يترأسها سعد الحريري ووليد جنبلاط لانه توعدهما بفتح ملفات الفساد وعودة المهجرين.
وارتفعت الوتيرة ضده، عندما اعلن عن نبش «المقابر الجماعية» لمعرفة مصير المفقودين، مما اثار حفيظة «القوات اللبنانية» وقائدها سمير جعجع المتهم بأنه من الذين فتحوا مقابر في المناطق الشرقية ورمى فيها جثثاً اضافة الى طمر نفايات نووية في منطقة كسروان.
الا ان ما جمّع الاطراف الدولية والعربية ضد عون، مع حلفائهما اللبنانيين، انه كشف عن مشروع توطين الفلسطينيين، وهذا ما دفع بالادارة الاميركية الى زيادة الضغوط عليه، لانه يفشل مشروعاً اميركياً-اسرائيلياً، يحاول بعض اطراف في السلطة اللبنانية تمريره داخلياً، وهو ما يؤكد عليه عون، بأن دعم اميركا للسنيورة يقع في هذا الاطار.
Leave a Reply