رون بول
احتفل الرئيس دونالد ترامب –الأسبوع الماضي– بإطلاق أكثر من 100 صاروخ توماهوك على سوريا، وغرد عبر صفحته على موقع «تويتر» قائلاً: «المهمة أنجزت!».
يقولون إذا لم تكن قادراً على التعلم من أخطاء التاريخ، فسوف تقوم على الأرجح بتكرارها، وعلى ما أعتقد فنحن نقوم بتكرار تلك الأخطاء اليوم.
جميعاً يتذكر أن عبارة «المهمة أنجزت» كانت قد ظهرت خلف الرئيس (الأميركي جورج دبليو) بوش حين كان جالساً على متن سفينة تابعة للبحرية الأميركية، لإعلان نهاية الحرب في العراق. لكن بعد «انتصار» بوش المزعوم ذاك، قتل حوالي 4 آلاف عسكري أميركي، وربما قتل مليون عراقي، ودمرت البنية التحتية ومزّق النسيج الاجتماعي في البلاد لدرجة لا يمكن معها إصلاح ذلك أبداً.
في حالة العراق، بدأت الولايات المتحدة بالقصف قبل أن ينتهي المفتشون الدوليون من مهمتهم بالتحقق فيما إذا كان صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل أم لا. ولو سمح لهم بإكمال مهمتهم والتحقق من أن العراق لا يمتلك تلك الأسلحة، فلنتخيل مقدار المعاناة والدمار والموت الذي كان يمكن تجنبه في تلك الحالة.
في سوريا، قررت الولايات المتحدة، البدء بالقصف الصاروخي قبل السماح للمفتشين الدوليين بالبدء في التحقق من المزاعم القائلة بأن الأسد قد قام بقصف شعبه في دوما، لماذا؟ ما الذي دفعنا إلى التسرع في ذلك؟ هل كانت واشنطن خائفة من اكتشاف أن الأسد غير مذنب؟
من ذا الذي يستفيد حقاً من الهجمات الأميركية على الحكومة السورية؟ كانت هناك تقارير تفيد بأن «داعش» قد بدأت على الفور باتخاذ خطوات هجومية بعد الضربة الجوية.. هل نريد فعلاً أن نكون الذراع الجوية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»؟ وهل هذا السلوك سيحقق لنا الأمن؟ في الواقع أتذكر أن «القاعدة» تعتبر عدواً، وليست حليفتنا في إسقاط آخر حكومة علمانية في الشرق الأوسط.
هل سيكون المسيحيون في سوريا أفضل حالاً بعد الهجوم الأميركي الأخير؟ منذ أسبوع مضى، احتفل المسيحيون بعيد الفصح في حلب للمرة الأولى منذ سنوات.. ما الذي تغير؟ ما تغير هو أن الجيش السوري طرد تنظيم «القاعدة» الذي كان يحتل الجزء الشرقي من المدينة. لذا.. سيكون المسيحيون أسوأ حالاً فيما إذا سيطر «الإرهابيون المعتدلون» على سوريا.
إذا كانت سوريا تمتلك بالفعل غاز السارين ولديها مصانع أسلحة كيميائية أخرى، فهل يعقل أن تقوم الولايات المتحدة بقصف المباني وتخاطر بقتل الآلاف عن طريق نشر السموم على نطاق واسع؟ هل يعقل أن تقتل المدنيين السوريين بالأسلحة الكيماوية رداً على مزاعم بأن الحكومة السورية قتلت مدنيين بأسلحة كيماوية؟
لا.. يبدو الأمر أقرب إلى مختبرات أسلحة الدمار الشامل المزيفة، التي قيل لنا أن صدام حسين بناها في العراق.
إذا كانت الولايات المتحدة تعلم بأن سوريا تصنّع أسلحة كيميائية في المباني التي قصفتها، فلماذا لم تُخبر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية؟ علماً بأن المنظمة الأممية قد تحققت منذ فترة ليست بالبعيدة من البناء ذاته الذي قصفته الولايات المتحدة بوصفه مصنعاً للأسلحة الكيميائية، فلماذا لم تدعُ الولايات المتحدة المنظمة الدولية للتحقق من المكان؟
الأنكى من ذلك، أن موظفي المنظمة كانوا قد بدأوا للتو بالوصول إلى سوريا، عندما بدأت أميركا (وفرنسا وبريطانيا) بشن القصف الجوي.
هناك العديد من الأسئلة حول قرار الرئيس ترامب الرهيب بشن الحرب مرة أخرى على سوريا. على سبيل المثال، أين الكونغرس؟ لقد كان من المشين رؤية رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان وهو يخبر الرئيس بأنه لا يحتاج إلى تصريح من الكونغرس لمهاجمة سوريا. ألم يقسم جميع أعضاء الكونغرس على الدفاع عن الدستور الذي يقول بأن الكونغرس وحده هو الذي يمكنه إعلان الحرب، فهل يعني هذا القسم أي شيء هذه الأيام؟
سوف يندم الرئيس ترامب على ذلك اليوم الذي ترك فيه المحافظون الجدد يسيطرون على سياسته الخارجية. إن سجل هؤلاء مخز، ومن الواضح أن هجوم ترامب على سوريا كان غير قانوني، وإذا خسر حزبه الأغلبية في مجلس النواب في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، فسرعان ما سيجد أصدقاءه الجدد من الديمقراطيين ينقلبون عليه، عند أول منعطف.
عضو جمهوري سابق في مجلس النواب الأميركي عن ولاية تكساس
Leave a Reply