سامر حجازي – «صدى الوطن»
قضت محكمة الإستئناف الفدرالية السادسة بمدينة سنسيناتي، فـي ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لصالح أفراد «جماعة تبشيرية» مسيحية، كانت الشرطة قد قامت بطردهم من المهرجان العربي الأميركي فـي ديربورن عام 2012، بسبب رفعهم لرأس خنزير طافوا به أرجاء المهرجان وهم يرددون هتافات معادية للإسلام والنبي محمد ويتوعدون معتنقي هذا الدين بنار جهنم.
وإستندت المحكمة فـي قرارها على التعديل الأول من الدستور الأميركي الذي ينص على إحترام حرية التعبير، وهو -بحسب المحكمة- ما خرقته شرطة مقاطعة وين عندما قامت بطرد أفراد المجموعة من المهرجان بحجة حفظ الأمن.
وكان عناصر مكتب الشريف فـي المقاطعة أمروا أفراد الجماعة المثيرين للشغب بمغادرة المكان، وذلك بعد رشقهم من الصبية فـي المهرجان بالحجارة والبيض وعبوات المياه الفارغة إحتجاجا على إهانتهم للمسلمين والعقيدة الإسلامية واستفزازهم برأس الخنزير إياهم.
وكانت الجماعة التبشيرية «المؤمنين بالإنجيل»، ومقرها كاليفورنيا، قد رفعت دعوى قضائية ضد مكتب الشريف بتهمة عدم تقديم عناصر المكتب الحماية لهم وبدلاً من ذلك قاموا بطردهم ومنعهم من ممارسة حقهم فـي التعبير.
وقد فشلت دعوى الجماعة مرتين. المرة الأولى كانت فـي المحكمة الفدرالية بديترويت، والمرة الثانية فـي محكمة الإستئناف نفسها فـي سنسيناتي، وذلك أمام لجنة مكونة من ثلاثة قضاة، حيث وجد اثنان منهم ما يبرر قرار الشرطة بطردهم.
لكن القضية أعيدت الى محكمة الاستئناف -بكامل هيئتها- ليأتي القرار هذه المرة فـي صالح الجماعة باعتبار أن الحقوق الدستورية لأفرادها قد تم انتهاكها فـي مهرجان ديربورن، ما يدفع الى إمكانية طلب الجماعة لتعويضات مالية.
وجاء فـي قرار المحكمة أن «التنوع فـي وجهات النظر وبين الثقافات ليس أمراً سهلاً دائماً، كما أن عدم القدرة أو عدم الرغبة العامة بفهم آراء جديدة أو وجهات نظر مختلفة قد تولد الخوف والريبة وحتى الإشمئزاز». وأضاف القرار أن التعديل الأول يشمل كل أنواع الكلام حتى عندما يكون الخطاب مليئاً بالتعصب ويهدف إلى الإساءة للآخرين وإثارة النقمة وردود الفعل العنيفة.
وقد رحب محامي الجماعة روبرت مويس بالحكم مؤكداً أن القرار لو جاء فـي الإتجاه المعاكس لكان يبرر العنف فـي مواجهة حرية التعبير.
المدعى عليهم فـي القضية هم شريف مقاطعة وين بيني نابليون وإثنين من عناصر المكتب، وهؤلاء برروا سلوكهم بضرورة حفظ الأمن فـي المهرجان خاصة وأن أفراد الجماعة الإنجيلية تسببوا بإثارة الشغب والفوضى فـي أعوام سابقة وقد طلبوا مزيداً من الحماية للقيام باستفزازاتهم فـي مهرجان ٢٠١٢.
وبموجب حكم الاستئناف، تعود القضية الى المحكمة الفدرالية فـي ديترويت لتقرير حجم التعويضات المستحقة لأفراد الجماعة.
وتعليقاً على قرار المحكمة أكد المدير التنفـيذي للرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية (ACRL) نبيه عياد، لـ«صدى الوطن»، أنه «أمرٌ مثير للقلق أن تقرر المحكمة الوقوف الى جانب التعديل الأول للدستور فـي ظل ظروف تسودها إمكانية تهديد السلامة العامة.
وأضاف أن «مسألة التعديل الأول يجب أن لا تأخذ الأسبقية عندما يتشكل خطر واضح وقائم على سلامة الناس، وفـي هذه الحالة لم يكن هناك خطر واضح وقائم فقط بل كان هناك هجوم قد وقع فعلا. وكان الشغب على وشك ان يندلع. وبالتالي فقرار المحكمة يعني كمن يقول لا يمكن اتخاذ أي إجراء حتى تنشب أعمال الشغب. هل فكر أحد كم يبدو مستهجناً هذا التفكير؟».
وأشار عياد الى أن قرار محكمة الاستئناف جاء بهامش ضيق حيث صوت لصالحه ثمانية قضاة مقابل معارضة سبعة، إذ تتشكل هيئة المحكمة من ١٥ قاضياً وقد «وجدوا صعوبة فـي اتخاذ القرار».
واستطرد «كان الشريف كبالع الموسى، ملعون إذا تصرف وملعون اذا لم يتصرف وهذا بحدِّ ذاته يشكِّل عبئاً غير عادل على وكالات إنفاذ القانون». وأضاف «كيف إذا كان القضاة أنفسهم قد انقسموا حول ما كان يفترض بعناصر الشرطة فعله والقيام به».
وأردف عياد «أن اعضاء جماعة «المؤمنون بالإنجيل» كانوا على الأرجح سيقيمون دعوى قضائية ضد المقاطعة فـي جميع الأحوال، فحتى لو سمح لهم مكتب الشريف بإكمال تظاهرتهم، كانوا سيقاضون شرطة وين بحجة إصابة أحدهم بجروح» ولهذا طالبوا بتعزيزات أمنية لممارسة حقهم فـي التعبير عن الرأي.
ويؤكد الكثيرون أن الحادث الذي وقع فـي المهرجان العربي فـي عام 2012 هو الذي قصم ظهره وأدى إلى إيقافه نهائياً. وخلال السنوات السابقة للحادث، بدأ المهرجان يكتسب سمعة سيئة باعتباره أرضاً خصبة فـي تسعير الخلافات الدينية والتوترات الملتهبة. ولهذا خشيت بلدية ديربورن من المسؤولية القانونية فقامت بالضغط على المقاطعة للتدخل لإدارة الأمن فـي هذا المهرجان فـي السنوات التي سبقت إلغاءَه.
ولم تصدر مقاطعة وين بياناً حول ما إذا كانت تخطط لاستئناف قرار محكمة الاستئناف. إذا قررت المقاطعة السير فـي هذا الطريق، فإن القضية ستذهب إلى المحكمة العليا.
Leave a Reply