اعتدنا في العراق أن تأتي الأخبار السيئة المفزعة، ثم تعقبها الأخبار الحسنة المطمئنة!
آخر الأخبار السيئة هي عن سلسلة تفجيرات الأسبوع الماضي، التي حصدت أرواح وأجساد المئات من العراقيين.
وتوقعنا، كالعادة، الأخبار الطيبة، بأن هذه ليست سوى ضربات الاحتضار لوحش الارهاب الذي دخل نفق نهايته وموته! وأن لجنة تحقيقي ستتشكل، وأن القوات الأمنية ألقت القبض على بعض المنفذين!
هذا لتجفيف عرق الفزع وليرتد على جبهتنا برد الأمان. إلا أن خبر التفجيرات السيء، أعقبه خبر سيء آخر، على لسان رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، الذي قال بكل وضوح وبصريح العبارة إن هذه التفجيرات هي تفجيرات سياسية بامتياز.
أي يراد منها تعطيل العملية السياسية، التي أوشكت أن تصل خط نهاية سباق تشكيل الحكومة وتسمية رئيس الوزراء، أي المالكي نفسه.
ولكن أي جهة سياسية في الساحة، هذه التي تقترف الجريمة لتحقيق غاياتها؟! لم تطل حيرة السؤال حتى أجاب القيادي العسكري المقرب من المالكي وهو عدنان الأسدي، الذي أشار إلى القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، دون تسميتها، إذ قال إن قائمة مشاركة في العملية السياسية سبق وأن هددت باستشراء العنف في البلاد إن لم تصل الى سقف مطالبها المرتفع، الذي تتصوره متناسيا مع استحقاقها الانتخابي، ولا يخفى أن هذه هي عودة إلى أرشيف التصريحات، حيث صرح، سابقا، صالح المطلك أحد قياديي القائمة العراقية بمثل هذا!
مع أن أخباراً تسربت عن لقاء ممثلين للمالكي بالمطلك في بيروت لاستحالته.. دون جدوى!
وزاد إعلام الرئيس المالكي تمليح التصريحات بأن هذه التفجيرات في حقيقتها هي محاولة انقلاب سياسي وعسكري!!
هكذا إذن؟! دخلنا مرحلة الصراع المكشوف بعد طول ترقب للحوار الخفي لتأسيس حكومة شراكة وطنية.
إنه الخبر السيء بنعي (الشراكة السياسية) المستحيلة – التي ولدت لتقتل نفسها بنفسها. والحديث الصريح عن (انقلاب عسكري)! مقدمته هذه التفجيرات، يشجع على توقع حركة ردع أو انقلاب مقابل، سيشجع عليه حصول المالكي على أغلبية في التحالف الوطني. خصوصا بعد اصطفاف مصادر القوة معه (التيار الصدري وقوات بدر).
وثمة تصريح استفزازي للمقرب من المالكي، عزة الشابندر، يطالب أياد علاوي الوفاء بوعده والانسحاب من الشراكة في السلطة الى لعب دور المعارضة، وقد خسر الفرصة في حيازة كرسي رئاسة الوزراء.
لقد وصلنا، هكذا، الإقرار في فشل مشروع الشراكة الحقيقية في بناء العراق. لانعدام الوازع الوطني في التنافس على البناء، لا على الاستيلاء على مقاليد السلطة.
إنه خبر سيء لمن يحلم بالشراكة لبناء العراق، وخبر سيء لمن يحلم باستعادة السلطة الديمقراطية المركزية!
Leave a Reply