خرج الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع للاحتجاج على العنصرية المخيفة فـي فلسطين المحتلَّة التي يتصاعد جبروتها حيث أتت هذه المظاهرات بعد حرق الصهاينة المتعمَّد لمنزل فلسطيني مما أسفر عن استشهاد الطفل علي الدوابشة الذي لم يتعد عمره الـ١٨ شهراً وإصابة والديه وشقيقه البالغ من العمر أربع سنوات، بجروح خطيرة.
الإسرائيليون، الذين تحمي حكومتهم وترعى المستوطنين الصهاينة الحاقدين، احتجوا على قتل الطفل علي الدوابشة بهذه الطريقة الاجرامية المقززة للنفس البشرية على الطريقة الداعشية. ولكن هنا فـي جنوب شرقي ميشيغن حيث الثقل العربي، لم يُحرِّك العرب الاميركيون ساكناً حيث لم يتم تنظيم ولو احتجاج واحد فقط من قبله لإدانة الجريمة المروعة التي أثارت موجة شجب واستنكار فـي جميع أنحاء العالم، حتى من القادة الأكثر عنصرية فـي إسرائيل.
ان جريمة قتل الفلسطينيين والإفلات من العقاب يجب ألاَّ تمر دون رد فعل عربي، ومن العار أن تبدو جاليتنا، التي كانت عبر تاريخها نصيرةً للحق والشعوب المظلومة، وكأنها تخلَّتْ عن القضية الفلسطينية المقدَّسة والمبدئية التي تآمرت عليها الأنظمة العربية.
الأميركيون العرب مختلفون حول السياسة فـي الشرق الأوسط. وهم منقسمون حول اليمن والعراق ولبنان وسوريا ومصر لكن هناك نوعٌ من الموافقة والإجماع فـي جاليتنا على دعم حق الشعب الفلسطيني فـي تقرير مصيره بنفسه واستعادة أرضه السليبة وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم المغتصبة وبناء الدولة الفلسطينية بما فـيها القدس المحتلَّة.
الأمر يدعو إلى الذهول والحيرة عندما نرى أنفسنا لا نحرك ساكناً إزاء الجرائم الوحشية العنصرية ولا نهتم بفلسطين وقضية شعبها، وهي القضية التي تكاد تكون الوحيدة التي تجمعنا كعرب فـي هذه الأيام الحرجة من تاريخنا.
الطفل علي الدوابشة هو واحد من آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين قتلهم التعصب الإسرائيلي والاستهتار بالحياة الفلسطينية والنفس البشرية. وهو رمز لكل طفل عربي شهيد على طول الأرض العربية من مصر ومجزرة مدرسة «بحر البقر»، إلى اطفال سوريا والأردن والعراق واطفال قانا خصوصاً الطفلين بيطار من ديربورن الذين صفَّتهما آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية بدمٍ بارد وعن سبق اصرار وترصُّد.
التظاهر أو الاعتصام من أجل علي الدوابشة هو واجب قومي ضميري من أجل دعم اطفال وأبناء الأمة العربية ولكن للأسف نرى اللامبالاة هي السائدة فـي أيامنا هذه حيث فقدت الغيرة وضاعت البوصلة الحقيقية عند الكثيرين.
كان الأجدر بنا ان نحول شهادة علي الى مناسبة جامعة للتذكير بأن هناك دولة عربية اسمها فلسطين، شعبها يعاني من الموت والاضطهاد من ظلم الاحتلال البغيض الذي يواصل قضم الأرض والإستحواذ عليها بالمستوطنات مزهواً بقوته الاستعمارية الاجرامية.
إن التظاهر من أجل القضية الفلسطينية ضروري لنشر الحقيقة لدى مواطنينا الأميركيين عن الفظائع الرهيبة التي يرتكبها الإحتلال فـي فلسطين. ولإرسال رسالة تطمين ودعم للشعب الفلسطيني فـي معاناته اليومية القاسية وهو يواجه أعتى الظالمين.
شهادة الطفل علي استدرَّت العطف والرحمة من قبل كل الناس فـي جميع أنحاء العالم. وكجالية تملك قلباً شفوقاً وعاطفـياً وتتبع أدياناً سماوية سمحة وتعتبر نفسها صاحبة القضية وأم الصبي، كان الأجدر بنا أنْ نعبر عن غضبنا واستنكارنا وأنْ نتصدَّر موجة التحركات الشعبية السلمية لكشف طبيعة الاحتلال العدوانية بدلاً أنْ ننأى بأنفسنا عن قضيتنا، قضية الحق والعدالة.
Leave a Reply