مشهد خروج الضباط اللبنانيين الأربعة الذين سجنوا ما يقارب الأربع سنوات، في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان له الأثر الأكبر على الساحة اللبنانية، وسيترك آثارا لن تقف عند حدود الانتخابات النيابية اللبنانية.الشارع اللبناني كان توقع خروج الضباط منذ أسابيع، وقيل كلام في السياسة أن قوى الأكثرية النيابية قلقة من تأثير ذلك على مناصريها، وقيل اكثر من ذلك… ولكن مشهد خروج الضباط بعد قرار القضاء الدولي وعدم وجود أي اتهام وجلاء القضية، احدث زلزالا في الشارع اللبناني بدأ منذ لحظة الخروج ويتوالى مع حديث الضباط عن ما حدث معهم، ويتوقع أن يمتد مع الأيام المقبلة وصولا إلى الانتخابات النيابية، خصوصاً أن كلاماً عاطفياً بدأ يحاكي مشاعر اللبنانيين عن “ظلم وخديعة وأوهام مارستها قوى ١٤ آذار”، ما دعا أحد السياسيين للقول أن خروجهم يعطي للمعارضة مادة دسمة تسجل فيها نقاطا عدة في الانتخابات، وقد بدأت منذ اللحظة الأولى من خلال استقبال نواب “حزب الله” للضباط في منازلهم، و حديث المسؤول في الحزب إبراهيم أمين السيد على منبر اللواء السيد أمام منزله، بنبرة عالية عن مسؤولية ومحاسبة، توجها الوزير سليمان فرنجية بالدعوة للمحاسبة واستقالة رأس الهرم القضائي وقضاة مسؤولين والوعد بالتغيير في حال فازت المعارضة بالانتخابات…هذه هي ردة الفعل الأولى التي لم تستطع قوى “١٤ آذار” استيعابها رغم حديث النائب سعد الحريري لحظة خروج الضباط، فلم يترك كلامه صدى واسعاً إلا بين أنصاره، ويتوقع أن تتوالى التداعيات، خصوصاً أن الحملات الانتخابية ناشطة، و كلام الحريري كان يرتكز على “القتلة”، فماذا سيقول بعد تبرئة القضاء الدولي للضباط؟ و هل سيتهم بعد، ولا متهمين؟؟أحد رؤساء مراكز استطلاع الرأي و الإحصاءات قال بعد الإفراج عن الضباط: النتائج تغيرت والإحصاءات يجب أن تجري مجدداً في كل دوائر لبنان الانتخابية.إذا قوى المعارضة اللبنانية استفادت سياسياً من خروج الضباط الأربعة، وقد بدا حجم الاستفادة، منذ اللحظة الأولى، فكيف ستتصرف قوى ١٤ آذار؟النائب الحريري حاول استيعاب الموضوع، لم ينجح، فقد كانت الأنظار تتجه إلى مشهد إطلاق سراح الضباط وكلامهم ، وتبريرات الأكثرية لم تقنع شارعها، حتى أن شوارع بيروت ليل الأربعاء خلت من زحمة اعتاد عليها المواطنون ولف الصمت معظم مناطق محسوبة على قوى “١٤ آذار”، حتى أن الشارع المسيحي تأثر بكلام العميد ريمون عازار عن “الظلم” و”المسامحة”.عملياً في لبنان للأبعاد الطائفية تأثيرات واضحة على كل محطة، معطوفة على الأبعاد السياسية، فانتماء الضباط الأربعة الطوائفي أو السياسي اساسي في معرفة مسار التحول.اولا : اللواء علي الحاج والعميد مصطفى حمدان ينتميان الى الطائفة الاسلامية السنية، وفي مسيرتهما العسكرية بُعدٌ عربي النهج، معطوف على بعد مناطقي (الاثنان من اقليم الخروب في جبل لبنان).اللواء الحاج كان مقرباً من الرئيس الحريري، وله علاقاته وخدماته خلال فترة توليه القيادة في قوى الامن الداخلي اللبناني، وقد ابتعد مقربون منه -وهم كثر- عند اتهامه سياسياً ودخوله السجن، و عاد اليه المقربون منذ اعلان البراءة، وهذا ما عبر عنه افراد عائلته الذين ذهلوا بحجم الاستقبال الجماهيري له.العميد حمدان و هو مقرب من شخصيات تيار “المرابطون” الذي خف وهجه في السنوات الاخيرة رغم تاريخه العريق، ليأخذ تيار المستقبل (الحريري) هوى مناصريه، وبخروجه عاد التيار لينشط وقد بدا ذلك من خلال شخصياته التي تجمهرت لاستقبال حمدان في منزله دون ان تتواعد، و خصوصا ان “المرابطون” بدخول حمدان الى السجن قُيدوا سياسياً.ثانياً: العميد عازار ماروني، عبر عن مارونيته من خلال مصطلحاته المسيحية التي استعملها في تصريحاته، التي استحوذت عطفاً مسيحياً بالدرجة الاولى، عندما تحدث تاريخياً عن ظلم المسيح ومسامحته.ثالثاً: اللواء جميل السيد، الشيعي الذي اهتم باستقباله “حزب الله” بدرجة لافتة جداً، وحشد له المناصرين، باحتفال خطب فيه السيد بالحشود ووجه رسائل سياسية، فحواها :ها قد عدت لأتابع.والسيد معروف بعلاقاته وتعاطيه السياسة من خلال وظيفته…اما السؤال في الداخل اللبناني: هل انتهى عهد “١٤ اذار” قبل الانتخابات النيابية؟مراقبون يردّون ايجاباً ويعتبرون خروج الضباط من السجن محطة من جملة محطات لبنانية واقليمية ودولية تأتي لصالح المعارضة اللبنانية، ستخلط حكماً اوراق الانتخابات النيابية التي يستعد الافرقاء في لبنان لخوضها بعد شهر وبضعة ايام، ويزيدون: انتهى عهدا ٨ و١٤ اذار ونستعد لتموضعات جديدة، الوسطية بطلتها.
Leave a Reply