ديترويت – «صدى الوطن»
بدا رئيس بلدية ديترويت مايك داغن شديد الواقعية في خطابه الرابع عن حال المدينة، وذلك قبل أشهر من خوضه الانتخابات للاحتفاظ بمنصبه.
ووضع داغن في خطابه، الثلاثاء الماضي أهدافاً محددة سيعمل على تحقيقها هذه السنة بعد سلسلة الانجازات التي تحققت في ديترويت خلال ولايته، مؤكداً أن جهود البلدية ستتركز في الفترة القادمة على إنعاش أحياء المدينة التي لا تزال تعاني من آفات مزمنة.
وتعهد داغن في خطابه أمام حشد من المسؤولين وسكان المدينة في معهد «هوب» (أمل) للتأهيل المهني»، الواقع على شارع أوكمان، شمال غربي المدينة، بالعمل على توفير التأهيل المهني والإسكان الرخيص لمحدودي الدخل وإعادة إحياء الشرايين التجارية في الأحياء التي تعاني من البطالة والخراب والجريمة.
قبل ثلاث سنوات، وعندما كان داغن يلقي خطابه الأول عن حال المدينة، مستعرضاً «ألف شيء وشيء» يريد إنجازه، بدت أقواله حلماً صعب المنال. ولكن منذ ذلك الوقت، نجح داغن -الذي أعلن قبل نحو أسبوعين عن نيته الترشح لرئاسة البلدية لولاية ثانية- بالإيفاء بالعديد من وعوده التي ساهمت في تحسين سمعة المدينة على المستوى المحلي والوطني، مثل إنارة الشوارع وإصلاح النقل العام وإعادة افتتاح الكثير من المنتزهات المغلقة وغيرها من المنجزات التي تسجل لأول رئيس بلدية أبيض للمدينة منذ السبعينات.
إنعاش الأحياء
ولكن السؤال المطروح هذا العام، أين الأحياء من النهضة السكانية والتجارية والعمرانية التي تحققت في عهد داغن خلال السنوات الماضية؟، وهو ما حاول داغن الإجابة عليه بمجموعة من المبادرات التي تستهدف الأحياء أبرزها تخصيص صندوق برأسمال أولي بقيمة 30 مليون دولار (تبرعات من القطاع الخاص) لتعزيز النشاط التجاري في أنحاء ديترويت وتشجيع افتتاح محلات وشركات جديدة.
وأضاف داغن «أمامنا شوط طويل وعلينا اجتيازه سوياً»، مشيراً إلى أن مبلغ الـ30 مليوناً ليس إلا البداية، مؤكداً أنه في حال أثبتت الخطوة فعاليتها «فسوف نعود ونستثمر 30 مليوناً ثانية وثالثة، وسوف نستمر في ذلك حتى نغطي جميع أحياء المدينة». وما إن أنهى داغن كلماته تلك، حتى التهب حماس الحاضرين الذين علت أصواتهم مهللين، المرة تلو الأخرى، مرة حين أشار إلى أن البلدية ستباشر هذا العام بتقديم خدمات كنس الشوارع التجارية والسكنية، وأخرى حين أعلن عن خطته لإعادة افتتاح قسم الشرطة المغلق منذ العام 1954 على شارع غراند، والذي يغطي الدائرة الثامنة، في شمال غربي المدينة.
ويتمتع داغن بمصداقية خاصة في تحقيق وعوده، رغم أنه لم ينجح في حل مشكلة ارتفاع أسعار التأمين على السيارات كما وعد سابقاً، حيث ما يزال سكان ديترويت يؤمنون على مركباتهم بأسعار تبلغ حوالي ثلاثة أضعاف الأسعار التي يدفعها أقرانهم من سكان المدن الأخرى، ولكنه أكد مجدداً في خطابه أنه سيواصل العمل لمواجهة هذه المشكلة وإيجاد حلول لها، في حال تمت إعادة انتخابه لمنصب رئاسة البلدية الذي يتسابق عليه 25 مرشحاً يتطلعون لخلافته.
كما تضمن الخطاب عدداً من المبادرات الأخرى، التي تصلح لأن تكون شعارات انتخابية وتصب أيضاً في إطار جهود إنعاش الأحياء، بينها:
– برنامج جديد لتأهيل سكان ديترويت مهنياً لتولي الوظائف المتاحة في المدينة بدلأ من إعدادهم لوظائف نظرية.
– توسيع برنامج منح «وعد ديترويت» Detroit Promise الذي يوفر رسوم الدراسة في الكليات (سنتان) والجامعات (أربع سنوات). وقد وعد داغن في خطابه بأن الدراسة الجامعية ستكون موفرة لجميع ديترويت مجاناً، مؤكداً أن ذلك سوف يكون من محفزات العيش في المدينة.
وفي سياق آخر، احتفل داغن بما اعتبر حدثاً تاريخياً، إذ أنه لأول مرة منذ 40 عاماً ستلعب جميع فرق ديترويت الرياضية على ملاعب المدينة، مع قرار عودة البيستونز (كرة سلة) إلى الداونتاون، حيث سيتشارك الفريق ملعب «ليتل سيزرز» قيد الإنشاء، مع نادي ريد وينغز للهوكي، ابتداء من الموسم القادم.
مسائل ملحة
خطاب داغن الذي ركز في معظمه على الأعمال، تطرق بوضوح إلى بعض المسائل الملحة، حيث أعلن عن معارضته الشديدة لإغلاق 25 مدرسة، مبرراً ذلك بالقول «لدينا 110 آلاف طفل بحاجة إلى تعليم نوعي وإغلاق تلك المدارس لا يضيف النوعية إلى التعليم”».
وعبر عن دعمه القوي لمجتمعات المهاجرين في المدينة، قائلا «ديترويت سوف تقف كمدينة داعمة للاجئين».
كما عبر عن تطلعه نحو توفير الإسكان لمحدودي الدخل في جميع أنحاء المدينة، قائلاً «لا معنى أن تكون رئيس بلدية هذه المدينة إذا لم تتمكن من الوقوف مع الناس الذي يتم إبعادهم إلى خارج المدينة». وكشف داغن عن خطط لتوظيف المزيد من عناصر الشرطة وشراء المزيد من عربات الإطفاء، إضافة الى العمل على تخفيض أسعار التأمين على المنازل.
ولم يستثن الخطاب موضوع هدم المنازل المهجورة الذي يخضع لقوانين ونظم فدرالية ومحلية، وفي هذا الإطار، أعاد داغن التأكيد على أهمية إزالة المنازل المهجورة بشكل سريع، وقال «إن الأجهزة الفدرالية أوقفتنا عن العمل الصيف الماضي، لمدة 60 يوماً، وكانت محقة في ذلك»، ولكنه أشار إلى أنه وفريقه صمموا نظاماً سيكون من شأنه إيجاد طريقة لهدم 10 آلاف منزل خلال السنوات العشر القادمة دون الحاجة الى التمويل الفدرالي الذي سمح حتى الآن بهدم عشرة آلاف منزل مهجور في أحياء المدينة، ولكنها أثارت شكوك السلطات بعد الارتفاع الكبير في أسعار الهدم.
Leave a Reply