السناتور مانشين يوجه «ضربة قاصمة» لأجندة بايدن الاقتصادية
واشنطن
وجه السناتور الديمقراطي، جو مانشين، «ضربة قاصمة» لأجندة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الاقتصادية الاجتماعية، عبر اصطفافه مع الجمهوريين ضد مشروع «إعادة البناء بشكل أفضل» الذي أصبح في حالة موت سريري، بسبب عدم قدرة الديمقراطيين على تمريره في مجلس الشيوخ المنقسم بالتساوي بين الحزبين.
وأثار موقف مانشين موجة انتقادات واسعة داخل الحزب الديمقراطي، وسط اتهامات له بخذلان البيت الأبيض والشعب الأميركي، رغم محاولات بايدن المستمرة منذ أسابيع لإقناعه بالتصويت لصالح الخطة البالغة قيمتها نحو 1.8 تريليون دولار والتي تتضمن إصلاحات ضخمة في مجالات الرعاية الصحية وسياسة الهجرة والمناخ والتعليم وغيرها من المجالات.
وقال مانشين، السناتور عن ولاية وست فيرجينيا ذات الغالبية الجمهورية، لقناة «فوكس نيوز» الأحد الماضي: «لا يمكنني التصويت لصالح هذا التشريع» في خضم تضخم اقتصادي متفاقم، مؤكداً أنه لن يمنح صوته لمشروع قانون لا يستطيع تبريره أمام الناخبين في ولايته.
وأبدى مانشين اعتراضه على الكلفة الباهظة لخطة الإنفاق الاجتماعية المدعومة من قبل الرئيس بايدن، معرباً عن تخوفه من انعكاساتها السلبية على الدين العام ومعدل التضخم الذي بلغ مستويات غير مسبوقة منذ عقود.
وقال مانشين في بيان نشره على «تويتر»: «زملائي الديمقراطيون في واشنطن مصممون على إعادة تشكيل مجتمعنا بشكل كبير بطريقة تجعل بلادنا أكثر عرضة للتهديدات التي نواجهها»، لافتاً إلى أن الخطة المقترحة تنطوي على تحولات هائلة.
وأضاف: «لا يمكنني تحمل هذه المخاطرة بدين مذهل يزيد على 29 تريليون دولار وضرائب ملموسة وضارة تفرض على كل أميركي يعمل بكد».
في المقابل، يقول بايدن إن خطة «إعادة البناء بشكل أفضل» ستضع الولايات المتحدة على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها المناخية، بالإضافة لخلق ملايين من الوظائف وتنمية الاقتصاد.
وينص مشروع القانون على إنفاق مئات مليارات الدولارات الفدرالية على الدعم الحكومي لدور رعاية الأطفال والطبابة ودعم القوة الشرائية للأسر والاستثمار في التحول إلى الطاقة النظيفة.
وتقترح الخطة تمديد الإعفاء الضريبي الحالي على الأطفال للأسر التي تكسب أقل من 150 ألف دولار سنوياً وتوفير خدمات رياض الأطفال للجميع وتوسيع برنامج الرعاية الصحية (أوباماكير)، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتعامل مع الظواهر المناخية المتطرفة مثل حرائق الغابات والجفاف والأعاصير.
وكان الديمقراطيون قد نجحوا بتمرير نسخة مشروع القانون في مجلس النواب في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، رغم المعارضة الجمهورية الشاملة، إلا أن الانقسام الحزبي الحاد في مجلس الشيوخ (50 مقابل 50) يجعلهم بحاجة إلى كل أصوات الأعضاء الديمقراطيين لتمرير الخطة.
وبقراره، وجه مانشين «ضربة قاصمة» لبايدن الذي بذل الكثير من رصيده السياسي لتأمين إقرار هذا المشروع الذي يُنظر إليه على أنه الإنجاز الرئيسي لولايته الرئاسية.
ورغم ذلك أبدى الرئيس الأميركي استعداده للعودة إلى طاولة المفاوضات مع السناتور مانشين. وقال في تصريحات صحفية إنه ما زال يأمل في تمرير الخطة و«إنجاز العمل» مع مانشين بعد أن أصيب المشروع بالشلل.
وبسبب المعارضة الجمهورية المطلقة للمشروع، يحتاج بايدن إلى إقناع مانشين بالموافقة على الخطة الطموحة التي تواجه –أيضاً– معارضة شرسة من السناتور الديمقراطية عن ولاية أريزونا، كريستن سينيما.
ويجمع الجمهوريون على رفض خطة بايدن «السيئة» للأسر الأميركية، ويقولون إنها ستؤدي إلى مفاقمة أزمة الدين العام وارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة الضرائب على الأسر والشركات ذات الدخل المرتفع، كما يرفضون بنداً بتعيين 87 ألف موظف جديد في مصلحة الضرائب الأميركية على مدى العقد القادم، بهدف تعزيز الجباية ومكافحة التهرب الضريبي.
وحتى الأعضاء الجمهوريون الذين دعموا مشروع بايدن للبنى التحتية قالوا إنهم لن يدعموا مشروع «إعادة البناء بشكل أفضل»، لأنه «سيدفع الولايات المتحدة نحو الاشتراكية».
وفي ظل موقف مانشين المعلن، وامتناع جميع الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ عن دعم الخطة، أقر البيت الأبيض بأنه ربما لن يكون قادراً على المضي قدماً في مشروع القانون بالسرعة التي كان يأملها بعد المحادثات الصعبة الأخيرة مع مانشين، ما بدد الآمال في إجراء تصويت نهائي قبل نهاية العام.
وفي حين آثر بايدن الصمت، أصدرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي بياناً لاذعاً انتقدت فيه مانشين واتّهمته بـ«الإخلال بالتعهدات التي قدّمها للرئيس» وبـ«تغيير موقفه بشكل مفاجئ وغير مبرر».
ومع تراجع شعبيته إلى نحو 40 بالمئة، بات الرصيد السياسي لبايدن في الحضيض بعد أقل من عام على توليه الرئاسة وقبل أقل من عام من انتخابات منتصف الولاية التي من الممكن جداً أن يخسر فيها الديمقراطيون الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ.
وكان الاهتمام الذي أغدقه البيت الأبيض على مانشين المعتدل لكسب صوته دون طائل، قد أثار غضب الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي. واتخذ السناتور بيرني ساندرز موقفاً حاداً في رده على مانشين، قائلاً إن الديمقراطيين سيطرحون القانون على التصويت «رغم التصلب والعناد». وأضاف لشبكة «سي أن أن» قائلاً: «آمل طرح مشروع القانون على مجلس الشيوخ بأسرع ما يمكن، وليشرح السيد مانشين للناس في وست فيرجينيا لماذا لا يملك الشجاعة للوقوف بوجه المصالح الخاصة النافذة».
بدوره، سعى زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى رفع معنويات أعضاء حزبه، متعهداً عرض المشروع الذي يشكل أحد أركان أجندة سيد البيت الأبيض، على التصويت في المجلس.
وقال شومر «سنصوّت على نسخة منقّحة من مشروع قانون «إعادة البناء بشكل أفضل» الذي أقرّه مجلس النواب، وسنستمر بالتصويت إلى أن يتحقق شيء ما».
وأخبر شومر أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين في مكالمة فيديو خاصة مدتها 90 دقيقة أن يتوقعوا تصويتاً على الحزمة في كانون الثاني (يناير) القادم.
وأقر شومر بالإحباط السائد بين الديمقراطيين، لكنه أخبر أعضاء المجلس أن الحزب «لم يتنازل» عن الاقتراح.
وتقول وكالة «أسوشيتد برس» إن مانشين وحزبه متباعدان حالياً ويشعران بالإنهاك بعد شهور من المحادثات الفاشلة، ومن غير الواضح كيفية العودة إلى طاولة المفاوضات، وإعادة إحياء أكثر من 2,100 صفحة من مشروع القانون.
في المقابل، دعا زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، السناتور مانشين، إلى الانضمام إلى الحزب الجمهوري الذي يتشاطر معه الآراء حول معظم القضايا الرئيسية، وفق تعبيره.
Leave a Reply