بيروت – اعلن “حزب الله” الاثنين الماضي وثيقته السياسية الجديدة التي خفف فيها من خطابه الاسلامي لكنه اصر على انتهاج خط صارم ضد اسرائيل والولايات المتحدة. ولم تأت الوثيقة الجديدة التي أقرها المؤتمر السابع للحزب على ذكر الجمهورية الاسلامية في لبنان مما يؤكد ان هناك تغييرا كبيرا في تفكير “حزب الله” بشأن الحاجة الى احترام التعددية والتنوع في لبنان.
وقرأ الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في مؤتمر صحفي “الوثيقة السياسية” الجديدة التي جاءت في 32 صفحة، وهي الثانية في تاريخه، واعتبر ان الوثيقة امر طبيعي “الناس تتطور والعالم كله تغير خلال 24 عاما. لبنان تغير. العالم تغير”.
وقال “تمثل اسرائيل تهديدا دائما للبنان -الدولة والكيان- وخطرا داهما عليه لجهة اطماعها التاريخية في أرضه ومياهه وبما هو أنموذج لتعايش أتباع الرسالات السماوية في صيغة فريدة ووطن نقيض لفكرة الدولة العنصرية التي تتمظهر في الكيان الصهيوني”.
وقال ان الغطرسة الأميركية تمنع “حزب الله” من نسج علاقات صداقة مع الولايات المتحدة حليفة اسرائيل الرئيسية. واضاف “الخطر الأميركي ليس خطرا محليا أو مختصا بمنطقة دون أخرى وبالتالي فان جبهة المواجهة لهذا الخطر الأميركي يجب أن تكون عالمية أيضا”.
ومضى يقول “لم يترك الاستكبار الأميركي لأمتنا وشعوبها من خيار الا خيار المقاومة من أجل حياة أفضل” مشيرا الى ان “حزب الله” يحتاج الى الابقاء على سلاحه على الرغم من معارضة قوى سياسية اخرى في لبنان مدعومة من الغرب. وأضاف “إن الإرهاب الأميركي هو أصل كل إرهاب في العالم وإن الولايات المتحدة الأميركية دولة تزرع الفتن والانقسامات”. وأوضح أن مشروع الهيمنة باسم المسؤولية التاريخية لأميركا شهد مسارا تصاعديا وبلغ ذروته مع المحافظين وإدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش التي اتخذت من أحداث 11 سبتمبر فرصة للهيمنة المنفردة تحت شعار الحرب الكونية على الإرهاب. وقال إن هذه الإدارة عملت على عسكرة علاقاتها والانفراد باتخاذ القرارات الإستراتيجية وحسم الحرب في أفغانستان بسرعة للتفرغ للعراق التي تعتبرها النقطة الرئيسية للهيمنة على الشرق الأوسط.
وقال نصر الله “ان هذا الدور (المقاومة) وهذه الوظيفة ضرورة وطنية دائمة دوام التهديد الاسرائيلي ودوام أطماع العدو في أرضنا ومياهنا ودوام غياب الدولة القوية القادرة”. واوضح نصر الله ان الوثيقة السياسية الجديدة للحزب ضرورية للتعامل مع الاحداث التي استجدت منذ البيان الاخير الذي صدر في عام 1985 عندما كان “حزب الله” أقرب الى جماعة مقاومة مسلحة تقاتل قوات الاحتلال الاسرائيلي.
وقال نصر الله “ان نجاح تجربة المقاومة في التصدي للعدو وفشل كل المخططات والحروب للقضاء عليها أو محاصرة خيارها ونزع سلاحها من جهة واستمرار الخطر الاسرائيلي على لبنان وعدم زوال التهديد عنه من جهة اخرى يفرض على المقاومة السعي الدؤوب لامتلاك أسباب القوة وتعزيز قدراتها وامكاناتها بما يساعد على تأدية واجبها والقيام بمسؤولياتها الوطنية”.
وتقول اسرائيل ان ايران وسوريا تسلحان “حزب الله” بما يتعارض مع القانون الدولي. وتؤكد الوثيقة على ضرورة الحفاظ على علاقات وثيقة مع الدولتين. واكد نصر الله ان “حزب الله” اصبح يشكل نموذجا عالميا حول كيفية محاربة الاحتلال ووصف المقاومة بانها قيمة عالمية.
واعتبر نصر الله ان “التهديد الاسرائيلي الدائم يفرض على لبنان تكريس صيغة دفاعية تقوم على المزاوجة بين وجود مقاومة شعبية تساهم في الدفاع عن الوطن في وجه أي غزو اسرائيلي وجيش وطني يحمي الوطن ويثبت أمنه واستقراره في عملية تكامل أثبتت المرحلة الماضية نجاحها في ادارة الصراع مع العدو وحققت انتصارات للبنان ووفرت سبل الحماية له”.
واكد نصر الله ان لا تهاون مع ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي كان قد ابدى استعداده للعمل مع المسلمين. وقال “ان دعم الادارة الأميركية اللامحدود لاسرائيل ودفعها للعدوان وتغطية احتلالاتها للاراضي العربية بالاضافة الى هيمنة الادارة الأميركية على المؤسسات الدولية وازدواجية المعايير في اصدار وتنفيذ القرارات الدولية، يضع الادارة الأميركية في موقع المعادي لامتنا وشعوبنا”. ودعا نصر الله الاتحاد الاوروبي الى ان ينأى بنفسه عن الولايات المتحدة واتخاذ ما وصفه بانه موقف اكثر عدلا تجاه القضية الفلسطينية مشيرا الى تاريخ الاستعمار الاوروبي في الشرق الاوسط.
ورأى محللون ان اعلان “حزب الله” صراحة في وثيقته السياسية انتماءه الى النادي السياسي اللبناني “شكلي” لانه لم يمس بتمسكه بالسلاح او الولاء لايران بينما اعتبره آخرون “خطوة متقدمة” اقترب فيها الحزب الشيعي من سائر القوى السياسية.
Leave a Reply