خليل إسماعيل رمَّال
ها هو العام يقفل على شبه الوطن والوضع فـيه من سيء إلى أسوأ وسط عدم اكتراث ولا مبالاة، عزَّ نظيرهما بين دول العالم، من قبل وحوش السياسة فـيه. وقد حان الوقت للخوض فـي ما يُسمَّى مبادرة سعد الحريري التي ابتدعها ليروِّج لنفسه ويعود إلى السراي الحكومي فـي بلد الخردة مقابل إنتخاب الزعيم الوطني المقاوِم سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية المتهالكة.
يكفـي أنْ تكون «الفكرة» قد اختمرت فـي رأس السفـير الاميركي الذي طرحها على آل سعود فحملها الحريري وتلقفها سمسار الصفقات وليد جنبلاط، لكي تحقق الأهداف التالية:
١- فرط حركة «٨ آذار» التي تغط أصلاً فـي سبات عميق، من خلال ضرب الحليفـين الوثيقين العماد عون وسليمان بيك لحرقهما معاً والتوجه لانتخاب شخص ثالث لا طعم له ولا فكاهة ويشبه ميشال سليمان.
٢- إحراج المقاومة واخراجها من خلال إرغامها على اختيار أحد الحليفـين، ذلك انها رغم تفويض أمر الرئاسة للعماد عون، يبقى الزعيم فرنجية الرئيس الأمثل للمقاومة من حيث إخلاصه وتفانيه وثباته بل ان مستشارته ڤيرا يَمِّين هي التي تستحق أنْ تكون رئيسة للجمهورية لأنها أفضل من كل «الريال» الذين احتلوا قصر بعبدا منذ الإستقلال حتى اليوم، باستثناء العماد المقاوم أميل لحُّود.
٣- ضمان عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة وهو فـي وضعٍ مزرٍ مادياً رغم الكسوة المالية السعودية الأخيرة له والتي لن تنفعه طويلاً وهي كمن يمنع بالعلكة تسرُّب الماء من السد.
٤- تقليل الاضرار فالمناخ فـي المنطقة مقبل على دحر قوات الاٍرهاب التكفـيري وانتصار محور المقاومة مما يعني أنَّ ١٤ آذار إذا لم تتمكن من اغتنام الفرصة الآن وتقلل الأضرار التي ستلحق بها فـي المقبل من الأيام فستخسر رئاسة الجمهورية والحكومة معاً.
لقد أُثيرت التساؤلات الكثيرة حول اختيار فرنجية وليس عون فالأول له أسبقية فـي التحالف مع المقاومة وسوريا والثاني وصل به الأمر لمحاربة سوريا فـي لبنان؟ وكذلك أثير الكلام عن مصداقية مبادرة الحريري الذي لا يحمل صدقية وتراجع عن كل التزاماته السابقة ولا يجرؤ على الإستقلال قيد أنملة عن آل سعود، وعن تناقضاته الكبيرة من مصالحته مع دمشق والنوم فـي سرير الرئيس الأسد الى مشاركة المقاومة فـي الحكومة الخ. لكن السر فـي عدم اختيار عون هو كسر كلمة السيِّد حين نصرالله الذي جهر بإعلان ترشيح العماد وهنا بيت القصيد. إلا أنَّ هذه المبادرة فاشلة كغيرها للأسباب التالية:
١- ليس هناك من حليف وفـي وموثوق مثل المقاومة ولا يوجد أكثر منها احتراماً للمسيحيين باعتراف قادتهم المتحالفـين مع «المستقبل»، وشتان ما بين تعامل التيَّار الأزرق مع حلفائه المسيحيين وبين المقاومة. فسمير جعجع مازال مصدوماً حتى هذه اللحظة من تجاهل الحريري له تماماً بعد ان كان مرشَّح «١٤ آذار» الرسمي لذلك بقيت المقاومة على إخلاصها وتعهدها مع الجنرال مما جمّد المبادرة.
٢- الوقت يلعب لغير صالح المحور السعودي فلمَ تنصيب الحريري وآل سعود مرجعية فـي رئاسة الجمهورية ولما منحهم هذا الامتياز كمكافأة لهم على حربهم المسعورة ضد سوريا والمقاومة؟
٣- تبيَّن من أسئلة وشروط الحريري لفرنجية أنه مهتم بمصلحته الشخصية لا إنقاذ البلد من الفراغ، فلماذا يعود لرئاسة الحكومة لمدة ست سنوات وما البرنامج الذي وضعه لنشل البلد من نفاياته المتعددة؟ ولماذا يريد بقاء الهيئة العليا للإغاثة بعيدة عن المحاسبة المالية؟! وهل هذا يعني عودة فؤاد بابا والأربعين سنيورة؟! بل لماذ يُعاد انتاج النظام البائد البائس الذي خلقه الطائف؟!
٣- السعودية تبحث عن انتصار يحفظ ماء وجهها بعد فشلها المدوِّي فـي اليمن وبدء الخيارات الاستراتيجية للجيش اليمني واللجان الشعبية، ولذلك أعلنت عن تأسيس قوات إسلامية فولكلورية مدعيةً محاربة الإرهاب من دون علم دزِّينة من الدول من بينها لبنان، ولم يكن ينقصها إلا تنصيب البغدادي خليفة لهذه القوات والتلي رئيساً لأركانها. لذلك إذا حصلت تسوية فـي لبنان حسب رغبة السعودية تريح حلفائها، فقد يقرٍّشها اَل سعود فـي سوق قطع العملات السياسية التفاوضية التي تجري مع اليمن وسوريا.
طبعاً الذين ربتهم السعودية كل شبر بريال، لا يمكنهم مخالفة الرغبة الملكية لكن الشرفاء والوطنيين لن يقبلوا الدخول فـي تحالف مشبوه يغطي الاٍرهاب والفتن لا محاربتهما وقد اثبت التاريخ الحديث أنَّ من أكبر المخاطر على المنطقة هي سياسة الأحلاف، لكن بأحلاف أو بدونها لن يُنقِذ العام الجديد آل سعود من ورطتهم.
Leave a Reply