وليد مرمر – «صدى الوطن»
في خضم الأزمة الاقتصادية والضغوط الخارجية والاستغلال السياسي للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، أطل شبح الحرب الأهلية برأسه على اللبنانيين، يوم الخميس الماضي، من نفس المكان الذي اندلعت منه شرارة حرب 1975. لكن رغم إراقة الدماء والاستفزاز والافتراء الإعلامي، حرصت القوى الوطنية وفي مقدمتها «حزب الله» وحركة «أمل» على عدم الانجرار إلى الفتنة وحماية السلم الأهلي الذي بات مهدداً بكل معنى الكلمة.
وسائل الإعلام «السيادية» الممولة من دول خليجية معروفة سارعت إلى تقديم الصورة التي تخدم الأجندة: حزب «السلاح» يدعو إلى التظاهر للإطاحة بالمحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، فحصلت اشتباكات بين عناصره وبين المدنيين من مناصري «السيادة وحصر السلاح بيد الدولة». فسقط ستة قتلى وعشرات الجرحى كلهم من حزب الـ… سلاح!
لم يكن هذا المنطق الذي حاولت وسائل الإعلام إلباسه لـ«أحداث الطيونة» مستغرباً رغم انطوائه على هرطقة منطقية لا يقبلها عقل. فهذا الإعلام أصبح أبطاله معروفين وجاهزين غب الطلب لتحوير الحقائق واختلاق الأكاذيب كلما تطلبت الأحداث ذلك.
هذه المرة كان واضحاً تناغم «السياديين» بشكل يشي بأنهم ينفذون أمر عمليات مشترك، بهدف استدراج «الثنائي الشيعي» إلى مستنقع الصراع الأهلي مرة أخرى. ولكن الجرة سلمت مرة أخرى رغم الثمن الباهظ.
سلمت الجرة، وأثبتت قيادتا حركة «أمل» و«حزب الله» مجدداً أنهما «أم الصبي» فعلاً لا قولاً، وأنهما الأشد حرصاً على الأمن والسلم الأهلي، من خلال ابتعادهما عن الشعبوية وتعاليهما على الجراح لتهدئة الغضب والاحتقان الشعبي المتراكم إزاء تساقط الشهداء في حادثة بعد أخرى.
وبالفعل نجح «الثنائي الشيعي» حتى الآن في تفادي حرف وجهة سلاح المقاومة عن إسرائيل إلى الداخل.
فبالعودة إلى الذاكرة، وتحديداً في فبراير 1987، ارتكبت القوات السورية تحت قيادة الثلاثي عبدالحليم خدام وحكمت الشهابي وغازي كنعان –الذين ثبت لاحقاً تعدد ولاءاتهم– ما عرف بـ«مجزرة ثكنة فتح الله» التي قتل فيها أكثر من 20 عنصراً من «حزب الله». ورغم ما يُروى عن أن القائد عماد مغنية أراد الرد انتقاماً على المجزرة إلا أن الحزب ارتأى عدم الرد منعاً لانحراف البوصلة.
وفي 13 سبتمبر 1993 وقعت مواجهة تحت «جسر المطار» عند مدخل الضاحية الجنوبية بين متظاهرين سلميين من بيئة «حزب الله» احتجاجاً على «اتفاق اوسلو». فأرسلت الحكومة حينها برئاسة رفيق الحريري، وحدات عسكرية من الجيش اللبناني لقمع المتظاهرين العزّل بالرصاص ما أدى حينها إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 40. عضت المقاومة على الجراح ولم ترد، رغم الغليان الشعبي وقتئذ.
وفي أغسطس الماضي قتل ما لا يقل عن خمسة عناصر مؤيدين لـ«حزب الله» في بلدة خلدة خلال تشييع جنازة استهدفها مسلحون ينتمون لبعض العشائر العربية في المنطقة. لكن المقاومة لم ترد رغم غضب مناصريها.
أحداث الطيونة
يوم الخميس الماضي دعا «حزب الله» وحركة «أمل» لاعتصام أمام قصر العدل احتجاجاً على تسييس واستنسابية التحقيق في انفجار المرفأ من قبل القاضي طارق بيطار.
انطلقت التظاهرة من الضاحية وضمت العشرات من النخب الثقافية والنقابية تأكيداً على انتظامها وانضباطها. ولكن لدى مرور التظاهرة في منطقة الطيونة بمحاذاة عين الرمانة، تعرضت إلى كمين مدبر، وبدأ قناصة متمركزون على أسطح المباني، يعتقد بأنهم من ميليشيا «القوات اللبنانية» بإطلاق النار على المتظاهرين بشكل عشوائي ما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات، قبل أن يتدخل الجيش للسيطرة على الموقف إثر توجه أعداد كبيرة من المسلحين القادمين من الأحياء القريبة إلى موقع الاشتباك للرد على مصادر النيران.
ورغم حصول نوع من ردود الفعل العفوية العنيفة ضد مناطق موالية «للقوات اللبنانية»، لم تسقط من جرائها أية ضحايا، امتنعت المقاومة مرة أخرى عن الرد ولم تحرف بندقيتها!
الجيش اللبناني أكد هذه الرواية في بيانه الذي قال: «خلال توجه محتجين إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونةـبدارو» كما أعلنت «قناة «الميادين» نقلاً عن مصدر في الجيش عن توقيف عدد من عناصر حزب «القوات اللبنانية». وأكد المصدر أن عدد الموقوفين بلغ تسعة أشخاص لافتاً إلى أن منهم من اعترف بالتحضير لأحداث الطيونة.
وكان لسليمان فرنجية رئيس «تيار المردة» موقف متقدم من الأحداث التي جرت في الطيونة إذ صرح: «رحم الله الشهداء الذين وأدوا بدمهم اليوم الفتنة وكل التقدير للوعي وحسّ المسؤولية لدى حزب الله وحركة أمل اللذين حالا دون الانجرار إلى هذه الفتنة».
كما كان لوزير الداخلية بسام المولوي موقف مسؤول عندما سمى الأشياء بمسمياتها عقب ترؤسه اجتماعاً استثنائياً لمجلس الأمن المركزي في بيروت، عندما وصف ما حدث بأنه «اعتداء على كل الوطن وعمل إجرامي غير مسؤول». وأضاف المولوي «الإشكال بدأ باطلاق النار من خلال القنص وأصيب أول شخص في رأسه وهذا الأمر غير مقبول، وإطلاق النار على الرؤوس يعد أمراً خطيراً جداً». وتابع: «لقد اعتدنا على التجمعات لكن لم نعتد على إطلاق النار على الرؤوس».
وعلى عكس المتوقع جاء بيان رئاسة الجمهورية مبهَما ومجملاً ولم يضع الأمور في نصابها. ومما جاء فيه:
«لن نسمح بتكرار أحداث الطيونة تحت أي ظرف والقوى العسكرية والأمنية ستقوم بواجباتها وحماية الأمن والاستقرار والسلم الأهلي».
أما موقف رئيس الحكومة الرئيس نجيب ميقاتي فقد ساوى أيضاً بين الجلاد والضحية عندما قال لجريدة «النهار»: الأحداث التي جرت في الطيونة أكدت أننا لا نلقي النار سوى على أنفسنا.. نحن مريض ينزف، وبعد تشكيل الحكومة دخلنا غرفة الطوارىء، وفي غرفة العمليات تلقينا الرصاص والـ«آر. بي.جي».
وبعد انتهاء التوتر صدر عن حركة «أمل» و«حزب الله» بياناً جاء فيه:
«على أثر توجه المشاركين في التجمع السلمي أمام قصر العدل استنكاراً لتسييس التحقيق في قضية المرفأ، وعند وصولهم إلى منطقة الطيونة تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قناصين متواجدين على أسطح البنايات المقابلة وتبعه إطلاق نار مكثف أدى إلى وقوع شهداء وإصابات خطيرة حيث أن إطلاق النار كان موجهاً على الرؤوس». وأضاف البيان: «إن هذا الاعتداء من قبل مجموعات مسلحة ومنظمة يهدف إلى جر البلد لفتنة مقصودة يتحمل مسؤوليتها المحرضون والجهات التي تتلطى خلف دماء ضحايا وشهداء المرفأ من أجل تحقيق مكاسب سياسية مغرضة». وأضاف البيان أن «أمل» و«حزب الله» يدعون «الجيش اللبناني لتحمّل المسؤولية والتدخل السريع لايقاف هؤلاء المجرمين، كما يدعون جميع الأنصار والمحازبين إلى الهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة الخبيثة».
قناة «المنار» عرضت تحقيقاً نشرت فيه معلومات عن مجريات الأحداث والمشاركين فيها. وأورد التحقيق أن «القناصين القتلة عمدوا إلى استهداف المدنيين في منازلهم وعلى الطرقات ما أدّى إلى استشهاد وجرح العديد من السكان الآمنين». والقتلة –حسب «المنار»– «معروفون بالأسماء بدءاً بمن أصدر الأوامر وحرّض، وانتهاء بمن خطّط ونفّذ، وقد عُرِف منهم جورج توما الذي كان يقود جيب (رانغلر) أسود اللون، وابنه رودريك الذي كان يتواجد بين الأبنية ويطلق النار باتجاه المشاركين من عين الرمانة إلى الطيونة. وعرف أيضاً من العناصر الذين شاركوا في القتل والقنص الأسماء التالية: نسيب توما، رودني أسود، نجيب حاتم وتوفيق معوض». ومن بين القياديين القواتيين برز– ودائما حسب «المنار»– «أربعة أسماء هم: بيار جبور (مسؤول الأمن لسمير جعجع)، توفيق سيمون معوض، الياس ميشال نخلة، وشكري بوصعب».
وأضاف التقرير أن هؤلاء القياديين قاموا بتنفيذ الجريمة من أوّلها إلى آخرها حيث كان بيار جبور يتفقد نقاط القنص والتواجد العسكري لانتشار عناصر «القوات» في عين الرمانة ومحيطها ويحثّ العناصر على خوض الجريمة بالصورة التي انتهت اليها». وقد أشارت قناة «المنار» إلى أنّ الجيش اللبناني أوقف مجموعة من حزب القوات في منطقة جبل لبنان وأنّ المجموعة كانت منتشرة مع ذخيرتها وكامل عتادها استناداً إلى أوامر قيادتها بالبقاء على أعلى جهوزية عسكرية.
الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية» والتي عزت كل ما جرى اليوم إلى «السلاح المتفلت» نفت نفياً تامّاً «كامل الرواية التضليليّة والمفبركة» وأكدت في بيان: «أنّ هذه الرواية من مخيّلة المطابخ التابعة لهذه الوسائل الإعلاميّة (المنار والميادين) ولا صحّة لها إطلاقاً والأفضل انتظار التحقيقات بدلاً من فبركة الأخبار الملفّقة وتعميمها، خصوصاً أنّ القاصي والداني يعلمان، بالصوت والصورة والوقائع، ما حصل على أرض الواقع من انتشار مسلح لحزب الله والتعرّض للمواطنين الآمنين بهدف إسقاط العدالة».
من جانبها، سارعت وزارة الخارجية الأميركية للتعليق على أحداث الطيونة، متهمة «حزب الله» بـ«تقويض أمن لبنان واستقراره وسيادته».
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، خلال مؤتمر صحفي: «نحن نعارض الترهيب والتهديد بالعنف ضد القضاء في أي بلد. وندعم استقلال القضاء في لبنان. يجب أن يكون القضاة في مأمن من العنف والتهديدات، ويجب أن يكونوا في مأمن من الترهيب، بما في ذلك الترهيب من قبل حزب الله».
في خضم الأزمة الاقتصادية والضغوط الخارجية والاستغلال السياسي للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، أطل شبح الحرب الأهلية برأسه على اللبنانيين، يوم الخميس الماضي، من نفس المكان الذي اندلعت منه شرارة حرب 1975. لكن رغم إراقة الدماء والاستفزاز والافتراء الإعلامي، حرصت القوى الوطنية وفي مقدمتها «حزب الله» وحركة «أمل» على عدم الانجرار إلى الفتنة وحماية السلم الأهلي الذي بات مهدداً بكل معنى الكلمة.
وسائل الإعلام «السيادية» الممولة من دول خليجية معروفة سارعت إلى تقديم الصورة التي تخدم الأجندة: حزب «السلاح» يدعو إلى التظاهر للإطاحة بالمحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، فحصلت اشتباكات بين عناصره وبين المدنيين من مناصري «السيادة وحصر السلاح بيد الدولة». فسقط ستة قتلى وعشرات الجرحى كلهم من حزب الـ… سلاح!
لم يكن هذا المنطق الذي حاولت وسائل الإعلام إلباسه لـ«أحداث الطيونة» مستغرباً رغم انطوائه على هرطقة منطقية لا يقبلها عقل. فهذا الإعلام أصبح أبطاله معروفين وجاهزين غب الطلب لتحوير الحقائق واختلاق الأكاذيب كلما تطلبت الأحداث ذلك.
هذه المرة كان واضحاً تناغم «السياديين» بشكل يشي بأنهم ينفذون أمر عمليات مشترك، بهدف استدراج «الثنائي الشيعي» إلى مستنقع الصراع الأهلي مرة أخرى. ولكن الجرة سلمت مرة أخرى رغم الثمن الباهظ.
سلمت الجرة، وأثبتت قيادتا حركة «أمل» و«حزب الله» مجدداً أنهما «أم الصبي» فعلاً لا قولاً، وأنهما الأشد حرصاً على الأمن والسلم الأهلي، من خلال ابتعادهما عن الشعبوية وتعاليهما على الجراح لتهدئة الغضب والاحتقان الشعبي المتراكم إزاء تساقط الشهداء في حادثة بعد أخرى.
وبالفعل نجح «الثنائي الشيعي» حتى الآن في تفادي حرف وجهة سلاح المقاومة عن إسرائيل إلى الداخل.
فبالعودة إلى الذاكرة، وتحديداً في فبراير 1987، ارتكبت القوات السورية تحت قيادة الثلاثي عبدالحليم خدام وحكمت الشهابي وغازي كنعان –الذين ثبت لاحقاً تعدد ولاءاتهم– ما عرف بـ«مجزرة ثكنة فتح الله» التي قتل فيها أكثر من 20 عنصراً من «حزب الله». ورغم ما يُروى عن أن القائد عماد مغنية أراد الرد انتقاماً على المجزرة إلا أن الحزب ارتأى عدم الرد منعاً لانحراف البوصلة.
وفي 13 سبتمبر 1993 وقعت مواجهة تحت «جسر المطار» عند مدخل الضاحية الجنوبية بين متظاهرين سلميين من بيئة «حزب الله» احتجاجاً على «اتفاق اوسلو». فأرسلت الحكومة حينها برئاسة رفيق الحريري، وحدات عسكرية من الجيش اللبناني لقمع المتظاهرين العزّل بالرصاص ما أدى حينها إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 40. عضت المقاومة على الجراح ولم ترد، رغم الغليان الشعبي وقتئذ.
وفي أغسطس الماضي قتل ما لا يقل عن خمسة عناصر مؤيدين لـ«حزب الله» في بلدة خلدة خلال تشييع جنازة استهدفها مسلحون ينتمون لبعض العشائر العربية في المنطقة. لكن المقاومة لم ترد رغم غضب مناصريها.
أحداث الطيونة
يوم الخميس الماضي دعا «حزب الله» وحركة «أمل» لاعتصام أمام قصر العدل احتجاجاً على تسييس واستنسابية التحقيق في انفجار المرفأ من قبل القاضي طارق بيطار.
انطلقت التظاهرة من الضاحية وضمت العشرات من النخب الثقافية والنقابية تأكيداً على انتظامها وانضباطها. ولكن لدى مرور التظاهرة في منطقة الطيونة بمحاذاة عين الرمانة، تعرضت إلى كمين مدبر، وبدأ قناصة متمركزون على أسطح المباني، يعتقد بأنهم من ميليشيا «القوات اللبنانية» بإطلاق النار على المتظاهرين بشكل عشوائي ما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات، قبل أن يتدخل الجيش للسيطرة على الموقف إثر توجه أعداد كبيرة من المسلحين القادمين من الأحياء القريبة إلى موقع الاشتباك للرد على مصادر النيران.
ورغم حصول نوع من ردود الفعل العفوية العنيفة ضد مناطق موالية «للقوات اللبنانية»، لم تسقط من جرائها أية ضحايا، امتنعت المقاومة مرة أخرى عن الرد ولم تحرف بندقيتها!
الجيش اللبناني أكد هذه الرواية في بيانه الذي قال: «خلال توجه محتجين إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونةـبدارو» كما أعلنت «قناة «الميادين» نقلاً عن مصدر في الجيش عن توقيف عدد من عناصر حزب «القوات اللبنانية». وأكد المصدر أن عدد الموقوفين بلغ تسعة أشخاص لافتاً إلى أن منهم من اعترف بالتحضير لأحداث الطيونة.
وكان لسليمان فرنجية رئيس «تيار المردة» موقف متقدم من الأحداث التي جرت في الطيونة إذ صرح: «رحم الله الشهداء الذين وأدوا بدمهم اليوم الفتنة وكل التقدير للوعي وحسّ المسؤولية لدى حزب الله وحركة أمل اللذين حالا دون الانجرار إلى هذه الفتنة».
كما كان لوزير الداخلية بسام المولوي موقف مسؤول عندما سمى الأشياء بمسمياتها عقب ترؤسه اجتماعاً استثنائياً لمجلس الأمن المركزي في بيروت، عندما وصف ما حدث بأنه «اعتداء على كل الوطن وعمل إجرامي غير مسؤول». وأضاف المولوي «الإشكال بدأ باطلاق النار من خلال القنص وأصيب أول شخص في رأسه وهذا الأمر غير مقبول، وإطلاق النار على الرؤوس يعد أمراً خطيراً جداً». وتابع: «لقد اعتدنا على التجمعات لكن لم نعتد على إطلاق النار على الرؤوس».
وعلى عكس المتوقع جاء بيان رئاسة الجمهورية مبهَما ومجملاً ولم يضع الأمور في نصابها. ومما جاء فيه:
«لن نسمح بتكرار أحداث الطيونة تحت أي ظرف والقوى العسكرية والأمنية ستقوم بواجباتها وحماية الأمن والاستقرار والسلم الأهلي».
أما موقف رئيس الحكومة الرئيس نجيب ميقاتي فقد ساوى أيضاً بين الجلاد والضحية عندما قال لجريدة «النهار»: الأحداث التي جرت في الطيونة أكدت أننا لا نلقي النار سوى على أنفسنا.. نحن مريض ينزف، وبعد تشكيل الحكومة دخلنا غرفة الطوارىء، وفي غرفة العمليات تلقينا الرصاص والـ«آر. بي.جي».
وبعد انتهاء التوتر صدر عن حركة «أمل» و«حزب الله» بياناً جاء فيه:
«على أثر توجه المشاركين في التجمع السلمي أمام قصر العدل استنكاراً لتسييس التحقيق في قضية المرفأ، وعند وصولهم إلى منطقة الطيونة تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قناصين متواجدين على أسطح البنايات المقابلة وتبعه إطلاق نار مكثف أدى إلى وقوع شهداء وإصابات خطيرة حيث أن إطلاق النار كان موجهاً على الرؤوس». وأضاف البيان: «إن هذا الاعتداء من قبل مجموعات مسلحة ومنظمة يهدف إلى جر البلد لفتنة مقصودة يتحمل مسؤوليتها المحرضون والجهات التي تتلطى خلف دماء ضحايا وشهداء المرفأ من أجل تحقيق مكاسب سياسية مغرضة». وأضاف البيان أن «أمل» و«حزب الله» يدعون «الجيش اللبناني لتحمّل المسؤولية والتدخل السريع لايقاف هؤلاء المجرمين، كما يدعون جميع الأنصار والمحازبين إلى الهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة الخبيثة».
قناة «المنار» عرضت تحقيقاً نشرت فيه معلومات عن مجريات الأحداث والمشاركين فيها. وأورد التحقيق أن «القناصين القتلة عمدوا إلى استهداف المدنيين في منازلهم وعلى الطرقات ما أدّى إلى استشهاد وجرح العديد من السكان الآمنين». والقتلة –حسب «المنار»– «معروفون بالأسماء بدءاً بمن أصدر الأوامر وحرّض، وانتهاء بمن خطّط ونفّذ، وقد عُرِف منهم جورج توما الذي كان يقود جيب (رانغلر) أسود اللون، وابنه رودريك الذي كان يتواجد بين الأبنية ويطلق النار باتجاه المشاركين من عين الرمانة إلى الطيونة. وعرف أيضاً من العناصر الذين شاركوا في القتل والقنص الأسماء التالية: نسيب توما، رودني أسود، نجيب حاتم وتوفيق معوض». ومن بين القياديين القواتيين برز– ودائما حسب «المنار»– «أربعة أسماء هم: بيار جبور (مسؤول الأمن لسمير جعجع)، توفيق سيمون معوض، الياس ميشال نخلة، وشكري بوصعب».
وأضاف التقرير أن هؤلاء القياديين قاموا بتنفيذ الجريمة من أوّلها إلى آخرها حيث كان بيار جبور يتفقد نقاط القنص والتواجد العسكري لانتشار عناصر «القوات» في عين الرمانة ومحيطها ويحثّ العناصر على خوض الجريمة بالصورة التي انتهت اليها». وقد أشارت قناة «المنار» إلى أنّ الجيش اللبناني أوقف مجموعة من حزب القوات في منطقة جبل لبنان وأنّ المجموعة كانت منتشرة مع ذخيرتها وكامل عتادها استناداً إلى أوامر قيادتها بالبقاء على أعلى جهوزية عسكرية.
الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية» والتي عزت كل ما جرى اليوم إلى «السلاح المتفلت» نفت نفياً تامّاً «كامل الرواية التضليليّة والمفبركة» وأكدت في بيان: «أنّ هذه الرواية من مخيّلة المطابخ التابعة لهذه الوسائل الإعلاميّة (المنار والميادين) ولا صحّة لها إطلاقاً والأفضل انتظار التحقيقات بدلاً من فبركة الأخبار الملفّقة وتعميمها، خصوصاً أنّ القاصي والداني يعلمان، بالصوت والصورة والوقائع، ما حصل على أرض الواقع من انتشار مسلح لحزب الله والتعرّض للمواطنين الآمنين بهدف إسقاط العدالة».
من جانبها، سارعت وزارة الخارجية الأميركية للتعليق على أحداث الطيونة، متهمة «حزب الله» بـ«تقويض أمن لبنان واستقراره وسيادته».
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، خلال مؤتمر صحفي: «نحن نعارض الترهيب والتهديد بالعنف ضد القضاء في أي بلد. وندعم استقلال القضاء في لبنان. يجب أن يكون القضاة في مأمن من العنف والتهديدات، ويجب أن يكونوا في مأمن من الترهيب، بما في ذلك الترهيب من قبل حزب الله».
Leave a Reply