خليل إسماعيل رمَّال
حال سعد الحريري وتياره بالويل في هذه الأيام الرمضانية. فبعد قطع الإمداد السعودي والرواتب عن موظفي «سعودي أوجيه» وموظفي «المستقبل» منذ ثمانية أشهر، مما تسبَّب بأزمة مادية خانقة أجبرت البعض منهم على العمل في الشارع لإعالة عوائلهم ومنع طردهم من بيوتهم ومدارسهم، يأتي قرار صرف الحراس والأمنيين لكي يزيد من أزمة الحريري المتفاقمة. حتى أن الجسم السياسي بات غير متماسك بعد معركة طرابلس الطاحنة، التي كان «أطحن» ما فيها بالنسبة للحريري لا الخسارة بحد ذاتها أمام أشرف ريفي بل اتصال سفير عائلة آل سعود بالأخير وتهنئته على النجاح الباهر، ثم جاء تصريح المشنوق حول إجبار السعودية للحريري على التقارب مع دمشق من غير إرادته ليزيد الطين بلة. ولم يسعف الحريري تصريح الرادار الجنبلاطي بضرورة وحتمية تواصله مع العماد عون للتفاهم على انتخابه للرئاسة، كما نصحه أيضاً بذلك رئيس فرنسا المتوتر فرانسوا هولاند، الذي رغم خطر الدواعش على بلده وقارته يمعن في تسهيل مرورهم عبر فرنسا وتركيا.
١- الحقيقة أنَّ سعد الحريري اليوم أمام مفترق طرق خطير وعليه أنْ يقرر بسرعة. فآل سعود يلعبون معه بعد أنْ أوصلوه لنصف البئر وقطعوا الحبل فيه وهم حتى ولو أرادوا دعمه من جديد (رغم كره محمد بن نايف له لوصفه إياه بالسفاح في «ويكيليكس») فلن يستطيعوا لأنهم هم أنفسهم بحاجة إلى دعم بعد أنْ أنهكهم عدوان اليمن وقتل أطفاله (ويا عيب الشوم على الأمم غير المتحدة لسحبها هذا الإتِّهام ضد آل سعود) ووقعوا في عجز مالي لأول مرة في تاريخهم بسبب انخفاض أسعار النفط. وكل يوم يمر يقضم من نفوذ الحريري ويخسِّره جمهوره بسبب تخبُّط سياسة السعوديين تجاهه وتجاه لبنان. ورغم كل ما قيل عن الحقبة السورية تبقى أشرف ألف مرة من الحقبة السعودية وتهوراتها فعلى الأقل لم يتخلَّ السوريون عن حلفائهم في أحلك الظروف بينما آل سعود يبيعون ويشترون وإلا كيف يمشون بالقرار البريطاني الأميركي بترشيح الزعيم سليمان فرنجية صاحب الحيثية السورية والمقاوِمة ويضعون فيتو على عون؟
٢- الاعتراف بالخطأ فضيلة وعلى الحريري أنْ يُصحِّح المسيرة التي اختطها والده ويعلم أنَّ الذين التفوا حوله (جعجع والجميل وقرطة «قرنة شهوان» مثلاً) لم يريدوا له الخير وأنْ يعود إلى الأساسيات في التعامل مع المقاومة وشعبها ويمضي برئاسة عون ولا يلتفت إلى آل سعود فهم أتخذوا قرارهم، وبهذا يعتنق فعلاً شعار «لبنان أولاً».
٣- لا يستقيم لبنان إلا بكل طوائفه الكبرى ووجود الحريري على رأس السنة المعتدلين يدفع عن لبنان خطر الدواعش وخطر تفكيك لبنان من خلال استفراد المصارف ورياض سلامة، هذا «المستقتل» في سبيل الرئاسة بأي ثمن، لشريحة واسعة من اللبنانيين بحجة انتمائهم لحزب الله وهم من أصحاب رؤوس الأموال الشيعة الذين كغيرهم من المواطنين بنوا أموالهم بالتعب والكد والعرق. وإذا استمرت حرب المصارف الملكية أكثر من الملك هذه فلن تكون العواقب سليمة على البلد.
قد يكون ما تقدَّم حلماً جميلاً لكن خيارات الحريري تضيق وعليه التقاط اللحظة التاريخية المناسبة للحل وهي اللحظة التي يُعرَف عندها القادة الحقيقيون.
Leave a Reply