تعمقت الصداقة بين العائلتين، وعندما دعتها صديقتها لزيارتها انبهرت بمسكنها الفاخر وأثاثه الثمين، والتحف الغالية الموزعة، وترددت هي في دعوتها وزوجها الى بيتهم المتواضع، لكنه لم يكن هناك مفر من رد الدعوة.
وجدت نفسها في دوامة الحسد والطمع. إن ما تعيشه صديقتها هو ما كانت تحلم به لنفسها: وما الميزة فيها لكي تفوز به دوني؟ إنني أجمل منها وبشهادة نظرات زوجها المعجبة بي منذ أول لقاء. ثم إن ظروف عائلتها مثل ظروفي. لم يكن والدها ثرياً وكل ما تنعم به عز وحياة مرفهة بفضل زوجها، رجل الأعمال.
نهشت الغيرة صدرها وزادت سخطها على زوجها فيما ازدادت نظرات زوج صديقتها لها جرأة ووقاحة. في لحظة ضيق أعطته الإشارة. وبدأت الاتصالات بينهما إلى آخر المعزوفة التي تعزفها كل امرأة تريد فتح الباب لطارق جديد. اعترف لها بحبه الشديد واعترفت هي أيضا. استمرت العلاقة بينهما لسنة كاملة. غمرها بالهدايا الغالية وكثرت المشاكل بين صديقتها وزوجها وانتهى الأمر بالطلاق الودي وبقاء الولدين مع أمهما في نفس المنزل الفاخر مع نفقة شهرية سخية، وبدأت هي معركتها للحصول على الطلاق من زوجها الذي استسلم في النهاية وطلقها.
بعد عدة شهور تزوجت زوج صديقتها، وبدأت تعيش الحياة التي طالما تمنتها وغرقت في المال والعز والمجوهرات. ولم ينغص عليها حياتها الجديدة إلا أمران اثنان: بعدها عن ولديها فكانت تراهما في مناسبات بعيدة كرفع العتب. وضعف زوجها الشديد أمام الجميلات وغيرتها الشديدة عليه وخوفها من أن تسرقه منها امرأة أخرى، كما أخذته هي من زوجته.
صارت حياتها مطاردة مستمرة له بالتلفون والسيارة والانترنت وزيارات مفاجئة لمكتبه أو النادي والمطاعم حتى تحولت حياتهما الى جحيم. وفي كل مرة تصرخ فيه: تخونني وأنا التي تركت زوجي وأولادي لأجلك؟ وتكون أجابته لها بأنها تركتهم من أجل المال وليس من أجله.
بعد تبادل الاتهامات والإهانات والشتائم، تهدأ هي وتبدأ في مصالحته، وفي صدرها مرارة تسع سنوات عاشتها مع زوجها الأول لم يرفع خلالها صوته مرة واحدة عليها ولم يجرحها بكلمة. عوضت قهرها بشراء المزيد من الذهب والألماس وآخر الأزياء وزيارة ابنها وابنتها اللذين ازدادا نفورا منها وجفاء صامتا ولوما صريحا لها.
وازدادت حياتها تعقيدا فقد تزوج زوجها السابق من فتاة لم يسبق لها الزواج، وتزوجت صديقتها، زوجة زوجها الأول، من رجل ممتاز وسافرت معه الى مقر عمله في إحدى الدول العربية، فأصبح لزاما عليها، وبأمر من زوجها، أن تعتني بولديه لينشئ مع أخيهما الذي أنجبته منه، وكان الولدان وخاصة البنت تكن لها كراهية صامتة.
فجأة تعثرت أعمال زوجها ونقصت السيولة المادية بين يديه فأخذ منها السيارة وباع معظم مجوهراتها وباع كذلك البيت الفاخر والتي كانت تتطلع للانتقال اليه لكي يتسع للأولاد الثلاثة.
وجدت نفسها، بعد مدة، تكاد تعيش في نفس ظروف زوجها الأول مع اختلاف جوهري مهم هو أنها كانت معه موضع الاعتزاز والحب والتكريم وطلب رضاها، في حين أنها مع زوجها الثاني موضع السخط واللوم والغضب في أغلب الأحيان.
وتعلقت بالأمل في تحسن أحوال زوجها وتجاوزه لأزمته المالية، كما يحدث دوما لرجال الأعمال، حتى فوجئت ذات يوم بعشرة ضباط ومخبرين دخلوا وفتشوا الشقة وأخذوا زوجها معهم. وتنفيذا لأحكام نهائية بالسجن في قضايا شيكات بدون رصيد يقبع الآن في السجن يقضي فترة العقوبة لمدة عشر سنوات.
حالياً، هي تعيش مع ابنها في شقة بسيطة وبمبلغ زهيد كانت تنفقه أيام العز في سهرة واحدة ويعيطها إياه شقيق زوجها رميا في وجهها، ولسان حاله يقول إنها قدم السوء على أخيه.
وفي هذه الظروف الكئيبة وخلال مرورها أمام نادي الرياضي ومعها طفلها الصغير لمحت عن بعد صديقتها السابقة، زوجة زوجها الأول تنزل، هي وزوجها، من سيارة “كاديلاك” فاخرة أمام النادي ورجل الأمن يقف احتراما لهما، ويتبادل معهما الابتسام والتحية بحرارة. عادت الى البيت ساخطة ومكتئبة وسؤال ابنتها القاسي يرن في رأسها ماذا جنيت من الركض وراء المال؟
Leave a Reply