ديترويت – في وقت تشق فيه ديترويت طريقها نحو الخروج من الإفلاس وتتضافر حولها جهود الولاية والحكومة الفدرالية الى جانب رجال أعمال وشركات كبرى من أجل إعادة بريق الماضي، تبدو آفاق المدينة مفتوحة على الكثير من الفرص والإحتمالات، خاصة مع تمسك رئيس البلدية مايك داغن، بخططه الطموحة ليس بعدم الإكتفاء بازدهار الوسط التجاري فقط بل العمل على إنعاش الأحياء ومناطق الجوار بالإستفادة من النجاح الذي تحقق في مناطق وسط المدينة مثل «داونتاون» و«ميدتاون» و«نيوسنتر» و«كوركتاون».
داغن وشيلشتنغ |
فقد أعلن داغن الأسبوع الماضي، عن إنشاء «منطقة ابتكارية» تشمل «داونتاون» و«ميدتاون» هدفها تعزيز المناخ التجاري في باقي أحياء المدينة عبر دعم الأعمال الصغيرة ورواد الأعمال (انتربنور)، وهو ما اعتبره داغن عنواناً للنصف الثاني من عامه الأول على رأس أكبر مدينة في ميشيغن والـ١٨ على مستوى أميركا.
ويأتي هذا الإعلان في أعقاب صدور تقرير عن معهد «بروكينغز» في نيويورك، صنف فيه ديترويت واحدة من حوالي دزينة مدن أميركية تشهد ازدهاراً تجارياً لافتاً في مناطق حيوية مترابطة ما اعتبره المعهد النيويوركي نوعاً جديداً من التنمية الإقتصادية للمدن أطلق عليه اسم «المناطق الإبتكارية».
وقال داغن «إن كل شيء نفعله موجه لخلق فرص عمل وتنمية تجارية في مناطق الجوار بمدينتنا». وأضاف أول رئيس بلدية أبيض لديترويت منذ السبعينات أنه سيعمل على تفعيل هذا المقترح خلال الشهور القادمة، حيث قام بتعيين مجلس استشاري مؤلف من ١٧ عضواً برئاسة الرئيسة التنفيذية لمجموعة «هنري فورد» الطبية، نانسي شليشتنغ، لمتابعة المشروع، كما ضم داغن الى إدارته، المستشارة جيل فورد، للإشراف على المشروع وتنفيذه، مؤكداً أن البلدية سترعى عبر «المنطقة الإبتكارية» دعم المشاريع التجارية الصغيرة وستخصص لهذا الغرض صندوقا خاصاً لدعم رواد الأعمال وتأمين كافة أنواع المساعدة المطلوبة من أجل إحياء الحركة التجارية في المدينة.
ومن أبرز المعضلات التي تواجه نهضة «مدينة السيارات» هي عدم قدرتها حالياً على جذب ما يكفي من المصالح التجارية الى الأحياء، خاصة مع تفشي الجريمة والمخدرات إضافة الى تدهور مستوى المدارس العامة. ولكن داغن يراهن على أن الخطة الجديدة بالترافق مع الجهود الأخرى ستحدث تغييراً كبيراً في ديترويت كما فعلت في مدن مثل بوسطن وأتلانتا وحتى برشلونة (إسبانيا).
وأكد داغن في المؤتمر الصحفي، الذي خصصه للإعلان عن «المنطقة الإبتكارية»، أنه ركز في الشهور الستة الأولى من عهده على تحسين الخدمات البلدية في ديترويت: مثل تحسين أداء الحافلات العامة وتنظيم مواعيدها، إضافة الى تسريع وصول سيارات الإسعاف، والعمل على إنارة الشوارع وغيرها من الخدمات… مؤكداً أنه سيصب اهتمامه خلال الأشهر الستة التالية على خلق المناخ المناسب لجذب المشاريع والأعمال التجارية الصغيرة الى الأحياء عبر «حاضنات تجارية» موجودة في وسط المدينة كما سيتم إنشاء صندوق تمويلي مدعوم من البلدية مخصص لصالح رواد الأعمال (انتربنور) سيعلن عن تفاصيله خلال شهر آب (أغسطس) المقبل.
ولفت داغن إلى أن المنطقة الإبتكارية المستحدثة ستكون مركزاً لنقل التجربة التجارية الناجحة في «ميدتاون» و«داونتاون» الى مناطق الجوار في المدينة، مع الإشارة الى أن ٥٥ بالمئة من الوظائف المتوفرة في مدينة ديترويت موجودة في هاتين المنطقتين اللتين تغطيان حوالي ٣ بالمئة من مجمل مساحة ديترويت فقط، بحسب مجلة «كراين».
ومن جانبها، قالت شيلشتنغ إن «الإبتكار يساعدنا في العديد من نواحي مجتمعنا، بمناطق الجوار، في الاعمال وجميع مناحي الحياة.. وهذا ما نسعى الى تحقيقه.. هذا هو نوع التغيير الذي سيصنع فرقاً في ديترويت».
يذكر أن معهد «بروكينغز» و«مبادرة الإقتصاد الجديد» في جنوب شرق ميشيغن (أن إي آي)، شريكان مع بلدية ديترويت في مبادرة «المنطقة الإبتكارية» التي ستستفيد من وجود شركات عملاقة فيها لرعاية ودعم مصالح تجارية صغيرة في مختلف أنحاء ديترويت.
ومن جانبه، اعتبر المدير التنفيذي لـ«أن إي آي»، ديفيد أغنر، أن مبدأ المنطقة الإبتكارية يصيب أربعة عصافير بحجر واحد، فهو يؤمن الدعم المطلوب لرواد الأعمال الى جانب تعزيز السوق العقاري والبنى التحتية إضافة الى وضوح السياسات ومصادر التمويل. وتابع أغنر بالقول إنه لا يتوقع «أن يكون الأمر شبيهاً بحديقة منمقة، بل على العكس إنه يتوقع نتائج أشبه بغابة استوائية، حيث تنمو النباتات في كل مكان» بحسب ما نقلت مجلة «كراين».
Leave a Reply