كان جيلنا قليل الهموم، قليل الرفاه، ربما لقلة التواصل مع العالم الواسع حوله. إذ
لا كان في تلفون ولا سلفون ولا انترنت ولا فيسبوك ولا تكست مسج ولا هيفا ولا إليسا
ولا فيديو كليب ولا ستار أكاديمي ولايدي غاغا وكل هذه المغريات التافهة التي تملأ
سمع وعيون الناس هذه الأيام.
لا كان في تلفون ولا سلفون ولا انترنت ولا فيسبوك ولا تكست مسج ولا هيفا ولا إليسا
ولا فيديو كليب ولا ستار أكاديمي ولايدي غاغا وكل هذه المغريات التافهة التي تملأ
سمع وعيون الناس هذه الأيام.
ولد جيلنا بعد سنوات من الاستقلال عن الفرنسيين، وارثا ثقافة وشعورا بالاستقلال عن
الأتراك. حكايات وقصص من هجرة الأجداد بعد المجاعات والانكشارية وثورة وتحدي عبر
أبيات العتابا التي تبدأ بالـ”آه” وأبيات أبو الزلف التي كانت تبدأ بالأوف، ترددها
أصوات عذبة شجية، ودوما بنغم حزين يخفف من تعب النهارات الطويلة.
الأتراك. حكايات وقصص من هجرة الأجداد بعد المجاعات والانكشارية وثورة وتحدي عبر
أبيات العتابا التي تبدأ بالـ”آه” وأبيات أبو الزلف التي كانت تبدأ بالأوف، ترددها
أصوات عذبة شجية، ودوما بنغم حزين يخفف من تعب النهارات الطويلة.
كان ذلك في القرية ذات البيوت الحجرية الفقيرة والزواريب الصغيرة، وفي أفق واسع
ورحب مليء بالحكايات والحب والنسيم. لم تكن الكهرباء قد وصلت بعد. كان هناك مذياع
كبير الحجم يمشي بالبطارية العزيزة الثمن. لذلك كان يشغل الراديو فقط لسماع نشرة
الأخبار. كانت دهشة كبيرة تدور في رؤوس الرجال الطيبين الأنقياء بعد سماع نشرات
الأخبار، دهشة وتساؤلات ماذا في هذه الدنيا من أشياء خارج القرية المتعلقة
بسندياناتها وخارج أزقتها الترابية الضيقة؟
ورحب مليء بالحكايات والحب والنسيم. لم تكن الكهرباء قد وصلت بعد. كان هناك مذياع
كبير الحجم يمشي بالبطارية العزيزة الثمن. لذلك كان يشغل الراديو فقط لسماع نشرة
الأخبار. كانت دهشة كبيرة تدور في رؤوس الرجال الطيبين الأنقياء بعد سماع نشرات
الأخبار، دهشة وتساؤلات ماذا في هذه الدنيا من أشياء خارج القرية المتعلقة
بسندياناتها وخارج أزقتها الترابية الضيقة؟
كان من المؤكد أن عالما كبيرا واسعا يقع خارج القرية الصغيرة ودروبها الضيقة وخارج
الوطن الصغير، السريع العطب لبنان. تغيرت الدنيا وتغير العالم. ملأ المهاجرون
العالم. أكثرهم ذاب في المهاجر، لكنه لم ينسوا الأوف وأبو الزلف والعتابا والدبكة
اللبنانية القروية، والتي تتشابك فيها الأيدي والأكتاف في فن جميل راق، تنتقل فيه
الأقدام الهدارة بعز ورجولة وتملأ النفس بالفرح.
الوطن الصغير، السريع العطب لبنان. تغيرت الدنيا وتغير العالم. ملأ المهاجرون
العالم. أكثرهم ذاب في المهاجر، لكنه لم ينسوا الأوف وأبو الزلف والعتابا والدبكة
اللبنانية القروية، والتي تتشابك فيها الأيدي والأكتاف في فن جميل راق، تنتقل فيه
الأقدام الهدارة بعز ورجولة وتملأ النفس بالفرح.
حقيقة شعرت بالفرح والحزن في أيام المهرجان العربي الذي جرت فعالياته في ديربورن في
الأسبوع الماضي.
الأسبوع الماضي.
شعرت بالفرح عندما رأيت العديد ربما العشرات من الشباب العربي بكل انتماءاته،
رأيتهم يحاولون وبجدية إحياء الدبكة في حلقات عديدة غير منظمة، لكنها عفوية وصادقة
في الحفاظ على هذا التراث الرائع وهي الدبكة سواء اللبنانية أو العراقية أو
اليمنية أو الفلسطينية. كانوا شبابا في العشرينات. أطفأوا السليللورات وألعاب
التفاهة وحاولوا قدر ما استطاعوا إمتاع الحاضرين بالقيام بالدبكة بدل الرقص الغربي
الخليع.
رأيتهم يحاولون وبجدية إحياء الدبكة في حلقات عديدة غير منظمة، لكنها عفوية وصادقة
في الحفاظ على هذا التراث الرائع وهي الدبكة سواء اللبنانية أو العراقية أو
اليمنية أو الفلسطينية. كانوا شبابا في العشرينات. أطفأوا السليللورات وألعاب
التفاهة وحاولوا قدر ما استطاعوا إمتاع الحاضرين بالقيام بالدبكة بدل الرقص الغربي
الخليع.
في الوقت ذاته حزنت لهؤلاء الشباب وهذا الجيل كونه جاء في وقت الكل فيه مشغول وفي
لهاث نحو لاشيء، نحو فراغ، نحو المادة لتأمين نفقات رفاه زائف وبارد. هذا الشباب
الذي لا يعرف ما هي القرية وكيف كانت تقام الدبكة في مواسم الخير والفرح.
لهاث نحو لاشيء، نحو فراغ، نحو المادة لتأمين نفقات رفاه زائف وبارد. هذا الشباب
الذي لا يعرف ما هي القرية وكيف كانت تقام الدبكة في مواسم الخير والفرح.
بدا لي في المهرجان أن البعض منهم يملك في جيناته حسا فنيا، فحبذا لو أن لجان
المهرجان انتبهت لهذا الشيء ولهؤلاء الشباب ونمت لديهم هذه الهواية الفنية
الجميلة، اذ لعل وعسى لا تفقد الجالية هذا التراث الجميل، وتكون الدبكة جامعا لهذا
الجيل الكثير الهموم والرفاه.
المهرجان انتبهت لهذا الشيء ولهؤلاء الشباب ونمت لديهم هذه الهواية الفنية
الجميلة، اذ لعل وعسى لا تفقد الجالية هذا التراث الجميل، وتكون الدبكة جامعا لهذا
الجيل الكثير الهموم والرفاه.
Leave a Reply