صخر نصر
كنت أقود سيارتي على طريق «التلغراف» متجها شمالا نحو طريق «الميل الخامس» فسمعت جلبة عظيمة التفتُّ إلى المرآة لأرى مصدر الصوت فلم أتبينه، فنقلت نظري للمرآة الثانية فلم أر شيئا إلا عبارة عن شاحنة تمشي ببطء على جهتي اليمنى، مرت الثواني بطيئة فظهر مصدر الصوت عبارة عن قافلة من الدراجات النارية الضخمة تحمل على متن كل منها رجلين أو رجل وإمرأة فيما تصدح الموسيقا الصاخبة من بعضها بشكل يصم الآّذان.
عشرون دراجة أو أكثر، لا أعرف بالضبط عددها وكل ما شاهدته أن الدراجات التي كانت منطلقة بسرعة تقارب الخمسين ميلا بالساعة «ضمن حدود السرعة القانونية» قد توقفت على أول شارة مرور ضوئية وتابعت سيرها بنفس الوتيرة والجلبة العظيمة.
بالأمس وعلى شارع «وارن» كان أحد الشبان «ويبدو من سحنته أنه عربي الأصل» يمتطي دراجة نارية ضخمة وكان يسير بها بسرعة عالية جدا، أرعبت مستخدمي الطريق بسبب حركته الإلتوائية بين شارعي «غرين فيلد وتشيس»، ثم مالبث أن انعطف باتجاه «تشيس» محدثا ضوضاء عالية من دراجته التي اختفت في الشارع الممتد نحو «فورد» واختفى صوت الدراجة شيئا فشيئا.
ربما يكون الحديث عن خطورة الدراجات النارية بغير أوانه، فقد كاد موسم ركوب الدراجات النارية أن ينقضي، فالشتاء على الأبواب ولا دراجات نارية في شتاء ميشيغن القاسي فالثلوج كافية لمنع تحرك الدراجات النارية، ومن الطبيعي أن يمارس الشبان هوايتهم في ركوب الدراجات صيفا، والإنطلاق بها في رحلات عبر المدن وإلى الأماكن السياحية الجميلة من جبال وسهول خضراء التي تذخر بها ولايتنا، لكن من غير الطبيعي أن يمارس هؤلاء هوايتهم بالانطلاق بدراجاتهم بين شوارع ديربورن وأحيائها السكنية حيث يلهو الأطفال على دراجاتهم الصغيرة ويلعبون أمام أبواب بيوتهم، فقبل أيام مرت دراجة نارية من حينا مساء بسرعة جنونية لفتت أنظار كل من كان في الشارع، ولمحاسن الصدف أن الأطفال لم يكونوا في الشارع حينها وإلا لكان وقع حادث لاقدر الله بسبب طيش شاب وقيادته لدراجته برعونة وإستهتار.
وإذا كان لابد من ركوب الدراجات في شوارع ديربورن الفرعية أو الرئيسية، فمن الضروري التقيد بقانون السير، خاصة فيما يتعلق بحدود السرعة المسموحة، سواء في الشوارع الفرعية المحددة بخمسة وعشرين ميلا بالساعة أو بالشوارع الرئيسية والمحددة السرعة فيها بنحو أربعين ميلا بالساعة.
نعرف أن لاشيء يعادل متعة الانطلاق بالدراجة إلا متعة الإنطلاق من على صهوة الحصان وكلا المتعتان لهما مكانهما، لكن ليس داخل الأحياء السكنية، وإلا حولت متعة الراكب إلى مأساة له أو للآخرين وقد تكون سبباً في موت أو إصابة أحدهم.
Leave a Reply