واشنطن – نشرت «جامعة جورج واشنطن» الاثنين الماضي دراسة حول «الجهاديين الأميركيين» في العراق وسوريا تفيد بأنهم أقل ميلاً لتنفيذ اعتداءات إرهابية بعد عودتهم إلى بلادهم مقارنة مع المتطرفين الأوروبيين الذين يفوقونهم عدداً وخبرة.
وأوردت الدراسة التي أعدها البرنامج حول التطرف، في الجامعة أن شبكات التواصل الاجتماعي كان لها دور أساسي في تمكين الأميركيين من بلوغ سوريا أو العراق إذ غالباً ما تكون علاقاتهم الشخصية محدودة.
وتابعت الدراسة أن هؤلاء الأميركيين وبعد التحاقهم بالجهاديين غالباً ما يشعرون بخيبة الأمل وبالصدمة إزاء الثقافات المختلفة ويحاولون العودة بشكل سريع إلى بلادهم رغم أنهم يواجهون احتمالاً «شبه مؤكد» بإيداعهم السجن في الولايات المتحدة.
خيبة وصدمة
وجاء في الدراسة الواقعة في 116 صفحة بعنوان «المسافرون»: أن «الحياة في الأماكن الخاضعة لسيطرة الجهاديين لم تكن بمستوى توقعات عدد كبير من العائدين»، مضيفة أن «ظروف العيش كانت أكثر قسوة مما شاهدوه على الانترنت وتسجيلات الفيديو كما أن وعود الأخوة والصداقة نادراً ما تحققت»، إذ «يسود –على العكس– صدام حضارات وخلافات داخلية شرسة وشكوك بين المجندين والقيادة. كما أن العديد من الأميركيين لم تكن لديهم خبرات ميدانية وبالتالي أوكلت اليهم مهام أقل شأناً كتنظيف المخابئ أو الطهي أو العناية بالجرحى والمرضى»، وفق الدراسة.
عدد قليل نسبياً
وتتناول الدراسة تجربة 64 من أصل 300 أميركي قاتلوا في صفوف تنظيم «داعش» أو مجموعات إرهابية أخرى مثل «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة».
وهذا العدد بسيط بالمقارنة مع نحو 5 إلى 6 آلاف شخص سافروا من أوروبا للقتال من بينهم 900 من فرنسا و750 من بريطانيا.
وتستند الدراسة إلى وثائق قضائية ومقابلات وقاعدة بيانات ضخمة من تعليقات على الانترنت ونحو مليون تغريدة لمجاهدين. وبالكاد عثرت على روابط بين الجهاديين الأميركيين أنفسهم فهم من بيئات مختلفة وولايات مختلفة وبشكل عام أبناء أسر مسلمة أفضل اندماجاً ومن مستوى اجتماعي أفضل مقارنة مع نظرائهم الأوروبيين.
وكان متوسط العمر بين 64 جهادياً أميركياً، 27 عاماً وكان 89 بالمئة من الرجال و70 بالمئة من المواطنين الأميركيين أو المقيمين بشكل دائم. 22 منهم على الأقل قتلوا في المعارك في سوريا و12 عادوا طوعاً أو بعد توقيفهم ولا يزال الباقون «مفقودي الأثر» وقسم منهم «قُتل ربما».
ميّز معدو الدراسة بين ثلاثة أنواع من المجندين، وهم: «الرواد» الذين تطوعوا مبكراً وبدوافع شخصية بعد اطلاع، و«المسافرون ذوو الروابط» الذين لديهم دعم من أسر أو أصدقاء، و«المنفردون» الذين تم تجنيدهم عبر التواصل الالكتروني.
تقول الدراسة إن أحد أسباب العدد المتدني نسبياً من «الجهاديين الأميركيين» هو أن القوانين الأميركية تسهّل تدخل الشرطة في مرحلة مبكرة بمجرد التعبير عن تأييد مجموعة متطرفة محظورة.
السبب الآخر بحسب الدراسة هو صعوبة إقامة علاقات شخصية بالمقارنة مع أوروبا. فقد عثرت السلطات على «خلية» واحدة فقط في مينيسوتا رغم العدد الكبير من المسلمين المقيمين في هذه الولاية. كانوا 15 مسلماً أميركياً تجمعهم روابط شخصية يحاولون من خلالها الانضمام إلى تنظيم «داعش»، بحسب الدراسة.
في الولايات الأخرى، كان هؤلاء يواجهون صعوبات ولا يتلقون المساعدة سوى من صديق أو قريب واحد ويعتمدون بشكل أكبر على إرشاد الموجهين عبر الإنترنت.
موجة جديدة!
بعد انتقالهم إلى سوريا نجح بعض المجندين الأميركيين بالصعود في تراتبية التنظيم الجهادي خصوصاً «الرواد» منهم.
لكن القسم الأكبر كان مصيره أشبه بمحمد جمال خويس الذي جند عبر الانترنت «وبعد قدومه سئم الأعمال الوضيعة وخاب أمله من عدم تلقيه أي تدريب عسكري». ما حمله في النهاية على الهرب والعودة إلى الولايات المتحدة حيث حكم عليه بالسجن عشرين عاماً.
يقول معدو الدراسة إن عدم وجود نمط أو نموذج للمجند الإسلامي لا يزال يعرقل جهود مكافحة الإرهاب.
وختمت الدراسة بالقول «إن العبرة التي يمكن أن نتعلمها من التاريخ هو أننا سنشهد موجة جديدة من التعبئة الجهادية في المستقبل. وعلى الولايات المتحدة تطوير استراتيجية استباقية وشاملة من أجل التصدي إلى سفر الجهاديين».
Leave a Reply