عبارات سياسية صريحة للغاية على الجدران في الشوارع بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية وهو الأمر الغريب على السعودية.
“فلتسقط الحكومة” و”الموت للخونة” تلك هي الرسائل المكتوبة على الجدران ببلدة العوامية وهي بلدة صغيرة بالمنطقة الشرقية الواقعة على ساحل الخليج حيث تعيش معظم الاقلية الشيعية في البلاد السنية المحافظة.
ويحول الخوف من السجن في المعتاد دون أحاديث من هذا النوع لكن المزاج الآن في المنطقة التي يغلب على سكانها الشيعة ملتهب اكثر منه طبيعياً.
وخرج مئات الشيعة في احتجاجات في الاسابيع الاخيرة حيث قامت الشرطة بعمليات تفتيش دون جدوى بحثا عن رجل الدين نمر النمر الذي انتهك احد المحظورات في خطبة ألقاها حين قال ان الشيعة بوسعهم ذات يوم السعي الى الحصول على دولة منفصلة خاصة بهم.
والتهديد الذي يقول دبلوماسيون انه لم يسبق له مثيل منذ أثارت الثورة الايرانية التي قامت عام ١٩٧٩ احتجاجات مناهضة للسعودية جاء في أعقاب اشتباكات بين أفراد من هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وزوار شيعة قرب قبر النبي محمد (ص) في المدينة المنورة بالمنطقة الغربية من السعودية.
وقال نصر الله الفرج وهو شيعي من العوامية بين مئات ممن وقعوا عريضة تطالب الشرطة بوقف بحثها عن النمر ان شعارات مثل هذه “تشير الى مدى فقدان الشيعة المعتدلين تأثيرهم على الرأي العام”.
وأضاف “ما قاله النمر يعكس لسان حال الأغلبية… خيار الانفصال ليس مطروحا لكن لا يمكن أن تمنع (السلطات) الناس من التفكير به”.
ويقول مسؤولون سعوديون ان الشيعة يمثلون اقل من عشرة في المئة من السكان غير أن دبلوماسيين يعتقدون أن النسبة اقرب الى ١٥ في المئة، ويعيش معظمهم في المنطقة الشرقية بالسعودية وهي ملكية مطلقة لا تمنح اي حقوق سياسية.
وعاد زعماء الشيعة الذين تم نفيهم بعد احتجاجات عام ١٩٧٩ الى البلاد في التسعينات بموجب اتفاق تاريخي مع الحكومة.
لكن كثيرين يقولون ان الطائفة لم تحقق مكاسب من الاتفاق ويشتكون من استمرار وضعهم كمواطنين من الدرجة الثانية في البلاد التي ينظر اليهم مذهبها السني على أنهم زنادقة.
ويقول محللون ان تصاعد نفوذ ايران الشيعية بعد غزو العراق عام ٢٠٠٣ خول الاغلبية الشيعية بالعراق السلطة وأعاد احياء المخاوف الرسمية من أن يصبح الشيعة طابوراً خامساً ضد الدولة السعودية.
ويمكن أن تكون هناك اضطرابات بالمنطقة الشرقية اذا قامت اسرائيل او الولايات المتحدة بمهاجمة ايران بسبب برنامجها النووي، وقد يصبحون اكثر صخباً بشأن وضعهم إذا وصلت ايران الى اتفاق مع واشنطن.
وقال محمد آل زلفة وهو عضو سني بمجلس الشورى السعودي “ما يخيف المجتمع السعودي برمته هو أن يستعمل هؤلاء كجسر لقوى خارجية بدعوى الدفاع عن الحقوق”.
ويبدو واضحاً ان المنطقة التي يسكنها الشيعة اقل ثراء من اجزاء أخرى من السعودية اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم التي تمتعت بعائدات ضخمة من النفط في الأعوام الأخيرة.
وحالة الطرق أسوأ وعدد المدارس والمستشفيات أقل.
ومن المفارقات أن معظم حقول النفط تقع في المنطقة الشرقية.
ويقول شيعة ان عملاق النفط الحكومي ارامكو اكبر مستخدم بالمنطقة الشرقية لم تعد تعين نفس العدد من الشيعة الذي كانت تعينه من قبل.
ولم يتسن الوصول الى مسؤولين بوزارة الداخلية وامارة المنطقة الشرقية للتعقيب.
وتقول الحكومة انها بدأت تحذف الاشارات التي تنتقص من الشيعة من الكتب المدرسية.
ويقول آل زلفة ان على الشيعة التوجه الى اماكن أبعد للعثور على عمل بدلا من البقاء في منطقتهم.
وأضاف “المواطن السعودي العادي يبحث الان عن فرصة عمل في كل البلد. انا لا أريد أن يبقى الشيعة متقوقعين في منطقة واحدة”. وأضاف أنه بدون تحقيق هذا فانهم يقومون بالتمييز ضد حق الاشخاص الآخرين في الحصول على عمل بالمنطقة الشرقية.
وحاول العديد من علماء الدين وقادة المجتمع الشيعة بينهم الشيخ حسن الصفار تهدئة التوتر اذ أصدروا بياناً يرفضون فيه نداء النمر بالانفصال.
وقالوا عقب الاجتماع مع وزير الداخلية الامير نايف الشهر الماضي “كما نكرر تأكيدنا والتزامنا بوحدة الوطن الحبيب ورفض اي دعوة او تهديد لوحدة الوطن وتماسكه. لنقف صفاً واحداً مع قيادتنا الرشيدة”.
وفي العوامية قال سكان ان الوضع بدأ يهدأ. وقالت شابة طلبت عدم نشر اسمها “لقد غادرت قوات مكافحة الشغب. الوضع احسن الآن بكثير”.
Leave a Reply