ديربورن – «صدى الوطن»
عشية الانتخابات العامة في 6 تشرين الثاني (نوفمبر)، حث مسؤولون أكاديميون ومنتخبون تربويون ونشطاء سياسيون ناخبي مدينة ديربورن على التصويت لصالح مقترح انتخابي بالإبقاء على الضريبة العقارية (ميليج) المخصصة لتمويل «كلية هنري فورد» لمدة خمس سنوات إضافية.
وتضم الكلية التي تأسست عام 1938 ما يزيد عن تسعة آلاف طالب بدوام كامل، 35 بالمئة منهم مقيمون في ديربورن، كما أن أكثر من ٤٠ بالمئة من خريجي الثانويات العامة الثلاث في المدينة ينتسبون إلى الكلية لمواصلة تعليمهم.
وكان الناخبون في ديربورن وأحياء محدودة من ديربورن هايتس، قد صوّتوا في انتخابات 2013 بـ«نعم» لصالح زيادة الضريبة العقارية المخصصة لتمويل «هنري فورد»، لتصل إلى ٤ مل (المل الواحد يساوي واحداً بالألف من القيمة الضريبية للعقار) وهو ما يوفر نحو 16 بالمئة من الموازنة السنوية للكلية.
المقترح الانتخابي يحظى بدعم العديد من المسؤولين المحليين وقادة منظمات المجتمع المدني، إضافة إلى «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك)، التي حثت الناخبين على تجديد الضريبة. في المقابل، يدعو آخرون، ومن بينهم عضو مجلس ديربورن التربوي حسين بري، إلى التصويت ضد المقترح للتخلص من أعبائه الضريبية رغم الانعكاسات السلبية المتوقعة على الكلية التي بالكاد استعادت توزانها المالي في السنوات القليلة الماضية.
وتعتبر «هنري فورد» الكلية العامة الوحيدة في ولاية ميشيغن التي تتبع دائرة تعليمية، حيث يشرف أعضاء مجلس ديربورن التربوي على الكلية إلى جانب المدارس العامة في المدينة.
وخلال الأسابيع الماضية، واظب رئيس «هنري فورد» راسل كافالونا ورئيس نقابة المعلمين في الكلية جون ماكدونالد على تثقيف الناخبين حول أهمية تجديد الضريبة العقارية، والتأثير الذي يمكن أن تحدثه على عمليات التعليم والمستوى الأكاديمي، وكذلك على احتياجات الكلية الأخرى.
مرفق حيوي
رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي وأعضاء في المجلس البلدي، وكذلك رئيس غرفة التجارة، وإداريو المدارس، إلى جانب منظمات اجتماعية، ومشرعين في الولاية، أعلنوا عن تأييدهم لمقترح تجديد الضريبة لخمس سنوات إضافية، «لتوفير خيارات أكاديمية أوسع أمام الطلاب وتنمية مهارات اليد العاملة المطلوبة بشكل متزايد في سوق العمل، مثل التمريض وتكنولوجيا الحواسيب، والتصنيع، إضافة إلى توفير فرص تعليمية لطلاب الثانويات العامة في ديربورن وتمكينهم من مواصلة تحصيلهم العلمي في الكلية التي تُحتَسب صفوفها ضمن سنوات الجامعة، مما يوفر على العائلات المقيمة في المدينة عشرات آلاف الدولارات من الأقساط الجامعية.
في هذا السياق، أكد أورايلي: «الحفاظ على جودة التعليم والتدريب على الوظائف، اللذين توفرهما كلية هنري فورد لمجتمعنا، هما على المحك في 6 نوفمبر»، مضيفاً: «إن الكلية تعتمد على تمويلها المحلي لإعداد سكان ديربورن لوظائف الاقتصاد الجديد»، لافتاً إلى أن التمويل الضريبي للكلية «هو الأدنى، وبأشواط كبيرة، مقارنة بأية كلية عامة أخرى (في الولاية)».
ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى الحجم الصغير نسبياً للقاعدة الضريبية التي تمول «هنري فورد» على عكس كليات أخرى مثل «كلية مقاطعة وين» التي يتم تمويلها من قبل دافعي ضرائب الملكية في أنحاء متفرقة من المقاطعة.
من جانبه، أشار كافالونا إلى أن «كلية هنري فورد» توفر أكثر من 150 برنامجاً أكاديمياً من ضمنها برامج التعليم المهني والتقني، كما توفر فرصاً لتطوير اليد العاملة المطلوبة «لضمان قدرة الشركات المحلية على المنافسة». وقال: «نحن فخورون بالدور نلعبه في مجتمعنا.. نحن البوابة إلى الازدهار الذي يمكن أن يقدمه التعليم، أنت لا تستطيع مطلقاً تحقيق أي نشاط اجتماعي أفضل من توفير التعليم الأكثر جودة بأقل التكاليف مقارنة بالأقساط الجامعية في الولاية».
ولفت كافالونا إلى أن فرص التسجيل المزدوج (في الثانويات العامة وفي الكلية بالوقت ذاته) تمكن المئات من طلاب المدينة من إنهاء دراسة السنتين الجامعيتين، الأولى والثانية، بدون كلفة، مما يوفر الكثير من الوقت والمال على أسرهم، لافتاً إلى أن «كلية هنري فورد» تضم حوالي 2000 طالب من الطلاب المسجلين في المدارس الثانوية وفي الكلية، في آن واحد.
ودليل آخر على المنافع الاقتصادية لـ«كلية هنري فورد»، ودورها في تفعيل اقتصاد المدينة، استشهد كافالونا بدراسة أجراها متخصصون في النماذج الاقتصادية عام 2018، وجدت أن موظفي وطلاب «كلية هنري فورد» ضخوا حوالي 883 مليون دولار في عجلة الاقتصاد بين 2016–2017، وذلك عبر شراء البضائع والخدمات، مثل الترفيه والأغذية والتسوق والوقود وخدمات السيارات، مؤكداً أن تلك القيمة تعادل دعم 13,191 وظيفة.
احتياجات
ووفقاً لكافالونا، إذا وافق الناخبون على تجديد الضريبة، فإن «كلية هنري فورد» سوف تستخدم الإيرادات للحد من استهلاك الطاقة وتحديث التكنولوجيا في الصفوف الدراسية، وتحسين البنية التحتية لمباني وملحقات الكلية، إضافة إلى توظيف مدرسين جدد.
وتخطط الكلية لإنفاق 800 ألف دولار سنوياً من أجل تنفيذ خطة متكاملة لمشروع «إنرجي ماستر بلان» الذي سيقلل من استهلاك الطاقة في الكلية بنسبة تصل إلى 60 بالمئة، كما سيقلل من استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 40 بالمئة، إضافة إلى تطوير مناهج الطاقة بما يساعد الخريجين في الحصول على وظائف في مجال الطاقة المتجددة.
كذلك ستصرف الكلية حوالي 2 مليون دولار إضافية سنوياً لتوظيف مدرسين وتعزيز الوظائف المخصصة لنجاح الطلاب، وفي هذا السياق، أكد كافالونا أن «كلية هنري فورد تخطط لتوسيع برامج الدراسات العربية الأميركية».
أيضاً، سيتم استثمار 300 ألف دولار سنوياً في الفصول الدراسية، بما في ذلك شراء المعدات التي من شأنها تمكين تجارب التعليم التفاعلية التي تحاكي بيئات العمل الواقعية.
300 ألف دولار أخرى، ستصرف سنوياً لدعم وصيانة البنية التحتية المتهالكة، وإضافة المزيد من صفوف الدراسة وقاعات الطلاب.
وأشار رئيس نقابة المعلمين في «هنري فورد»، جون ماكدونالد، إلى أن مبنى «الفنون» في الكلية بُني عام 1962، وهو الأقدم في الحرم الجامعي، ويحتاج إلى الكثير من الصيانة والتحسينات في البنية التحتية وشبكة ومعدات الكهرباء والتدفئة.
مصادر الميزانية
إن ميزانية التشغيل السنوية لـ«كلية هنري فورد» تأتي من ثلاثة مصادر، هي: الرسوم والأقساط الجامعية (50 بالمئة)، والمعونات الحكومية (29 بالمئة) وعائدات الضريبة العقارية (16 بالمئة) التي يدفعها مالكو المنازل في المنطقة التعليمية.
ومن شأن تجديد الضريبة تأمين حوالي 4.2 مليون دولار سنوياً، أي ما يعادل حوالي 5 بالمئة من الميزانية التشغيلية البالغة قرابة 90 مليون دولار سنوياً، بحسب كافالونا.
وبموجب مقترح أقره الناخبون عام 2013، يدفع أصحاب المنازل في ديربورن نحو ٥٤ دولاراً بالمتوسط لتمويل الكلية.
ولدى مقارنة «كلية هنري فورد» مع الكليات العامة الأخرى في ولاية ميشيغن، تشير الأرقام إلى أنها تتلقى أقل دعم مالي من ضرائب الملكية العقارية، مقابل نفس المستوى من تمويل المساعدات الحكومية التي تتلقاها الكليات الأخرى، منذ 2013، بحسب بيانات اتحاد المعلمين الأميركيين.
ففي عامي 2016 و2017، فإن ضرائب الملكية أمّنت لـ«كلية هنري فورد» ما يقارب 13 مليون دولار، بينما حصلت كليتا وين وواشطنو على أكثر من 72 مليون و50 مليون على التوالي، بالرغم من أن أعداد الطلاب فيهما أقل بكثير مقارنة بأعداد الطلاب في كلية هنري فورد.
وفي هذا الإطار، قال كافالونا: «إن منطقتنا التعليمية صغيرة، عندما أسست «هنري فورد» كانت كلية لديربورن، التي كانت بطبيعتها منطقة صغيرة ذات عدد قليل من المنازل، أما تلك الكليات الأخرى فبإمكانها الاستفادة من المزيد من ضرائب العقارات».
لهذا السبب، تحتاج «كلية هنري فورد» تجديد ضريبة الـ٤ مل التي قد تبدو مرتفعة لدى مقارنتها بالضريبة التي تحصل عليها «كلية وين كاونتي» (3,24 مل)، ولكنها ليست كذلك إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن عدد طلابها يقدر بحوالي 700 طالب فقط مقابل حوالي تسعة آلاف في «هنري فورد».
وفي هذا الصدد، قال ماكدونالد: «إن دافعي الضرائب في ديربورن يدفعون فعلياً أقل مما كانوا يدفعون للكلية قبل 10 سنوات». لافتاً إلى أن «كلية وين كاونتي» توظف 66 مدرساً فقط بدوام كامل، وأن لديها حرماً جامعياً في العديد من المدن، مما يمكنها من الحصول على المزيد من ضرائب الملكية.
أما «كلية هنري فورد» فهي توظف حوالي 180 مدرساً بدوام كامل، وهي بحاجة إلى توظيف 200 بحلول العام 2021.
وتطرق كافالونا إلى مخاوف السكان من أن دولاراتهم الضريبية سيستفيد منها للطلاب الذين يعيشون خارج ديربورن، مؤكداً أن «العكس هو الصحيح»، لافتاً إلى أن الطلاب المقيمين في المدينة يدفعون 99 دولاراً لكل «كريدت» دراسي، مقابل 172 دولاراً للطلاب المقيمين خارج المدينة.
وأكد كافالونا على أن إيردات الكلية من الطلاب غير المقيمين في ديربورن تبلغ 60 بالمئة من إجمالي الأقساط، وأنها أكبر من مجموع أقساط الطلاب المقيمين والضرائب العقارية معاً.
أما إذا قرر الناخبون التصويت ضد تجديد الضريبة، فسوف تضطر إدارة الكلية إلى النظر في تقليص البرامج التي تقدمها، بحسب كافالونا الذي أضاف: «بدون الإيرادات الضريبية المرتجاة، ستواجه الكلية عجزاً في الميزانية، من شأنه أن يقلل بشكل كبير من الخطط المستقبلية والتأثير سلباً على التوظيف والمرافق وخدمات دعم الطلاب والتطوير التكنولوجي في جميع أنحاء الحرم الجامعي».
Leave a Reply