رفع 5 أميركيون أفارقة من المتضررين بأزمة الرهن العقاري فـي ديترويت دعوى جماعية ضد «مورغان ستانلي» وهي من أكبر مؤسسات الإقراض فـي وول ستريت, تم فـيها كشف النقاب بالوثائق ورسائل البريد الألكترونية المتداولة بين كبار المسؤولين فـي المؤسسة, عن دعمهم لتمرير القروض العقارية المفترسة مع علمهم المسبق بعدم قدرة المقترضين على تسديد الدفعات, ما ساعد فـي إطلاق شرارة أزمة حبس الرهن التي ضربت ديترويت إبان الكساد العظيم.
وثائق ورسائل داخلية تدين كبار المسؤولين في «مورغان ستانلي» |
وجاء فـي الدعوى المرفوعة فـي 2012 بأن تلك القروض ذات معدلات الفائدة المرتفعة فـي الفترة 2004 – 2007 إتسمت بالإستهداف العنصري لأنها أثرت بشكل غير متناسب على الآلاف من سكان ديترويت من أصول أفريقية, وقال محامو المدعين الخمسة إن المراسلات الداخلية فـي بنك «مورغان ستانلي» تثبت أن المسؤولين فـي البنك تجاهلوا معايير الإئتمان العادية وحثوا مؤسسة نيو سنشري (المعلن إفلاسها) على قبول منح تلك القروض بهدف تجميع تلك القروض كإستثمارات وجني الرسوم المربحة, وطالبت الدعوى بتعويضات غير محددة. وكان «مورغان ستانلي» نفى فـي ردود مكتوبة تهمة الإستهداف العنصري فـي تلك القروض عالية المخاطر, بل إنه سبق للبنك الإتفاق مع الحكومة الفدرالية على دفع 1.5 مليار دولار تعويضات عن دوره فـي فضيحة القروض عالية المخاطر على المستوى الوطني. وأشار عاملون فـي البنك عبر رسائل بالبريد الألكتروني فـيما بينهم خلال الفترة من 2004 – 2007 الى ان تلك القروض «حفنة من القروض المخيفة» ووصفوها بالقمامة. وفـي تشرين الأول (أكتوبر) 2005 بعث موظف فـي «مورغان ستانلي» إسمه روب ترافس الى مدرائه رسائل بالبريد الألكتروني قال فـيها إنه غير مرتاح حيال منح قروض لأشخاص مستويات إئتمانهم ضعيفة ولم يقدموا مستندات لإثبات الدخل. وفـي 14 نيسان (إبريل) 2006 توقع مدير مكتب التداول فـي البنك ستيفن شابيرو تعاظم مشكلة الحبس العقاري «علينا توقع تنامي نسبة غير القادرين على سداد الدفعات» وفـي مطلع السنة التالية بعث شابيرو رسالة بالبريد الألكتروني للمسؤولين فـي «نيو سنشري» جاء فـيها «ما الذي يجري فـي هذه القروض»؟ وتم الرد عليه «تعني المقترضين غير القادرين على التسديد؟».
أشارت الوثائق والرسائل الى أن مسؤولي «مورغان ستانلي» كانوا يعرفون ما الذي كانوا يشترونه وكانوا حقيقة يحثون «نيو سنشري» على منح قروض عالية المخاطر برغم علمهم بتداعياتها. ظل «مورغان ستانلي» يشتري القروض حتى إنفجار الأزمة, وقد أعلنت «نيو سنشري» الإفلاس فـي 2007, وأدى تفجر أزمة الرهن العقاري الى مصادرة عشرات آلاف المنازل فـي ديترويت فـي 2008 وما تلاها. وجاء فـي الدعوى إقتباسا قول أحد المدراء فـي «مورغان ستانلي» عقب إنفجار فقاعة القروض المفترسة فـي 2008 «أشعر بأننا إرتكبنا خطأ فادحا ما كان ينبغي لنا الإقدام عليه».
لم يكن «مورغان ستانلي» ليتحمل وحده وزر إنفجار الفقاعة الذي أدى الى إنهيار سوق المال الأميركي وما أسفر عنه من الكساد العظيم, فقد توصلت وزارة العدل الأميركية الى تسويات مع «بنك أوف أميركا», «جي بي مورغان تشايس», «سيتي غروب» وغيرها من مؤسسات وول ستريت ودفعت مليارات الدولارات لتسوية تحقيقات ناشئة عن تأييدهم السندات المدعومة بالرهن العقاري للمستثمرين. وهناك أدلة جديدة كشف عنها النقاب فـي الدعوى تجيب عن سؤال محوري: هل كان كبار المدراء فـي البنوك يعلمون حقا بالمخاطر الفادحة الناشئة عن القروض عالية المخاطر والتي أدت الى وباء حبس الرهن العقاري فـي ديترويت ومدن أخرى؟ إذ أن بعض أصحاب المنازل فـي ديترويت حصلوا على قروض عقارية من «نيو سنشري» بمعدلات فائدة قابلة للتعديل 8% لكنها إرتفعت إلى 17% فـي غضون 5 سنوات, وأشارت الدعوى الى وجود 4633 من المدعين فـي ديترويت المحتمل إنضمامهم للدعوى الجماعية.
أظهرت سجلات المحكمة بأن «نيو سنشري» باعت عدداً متساوياً تقريبا من القروض لأهالي ديترويت من السود والبيض فـي الفترة من 2004 – 2007 ولكن 90% من القروض للسود كانت عالية الفوائد فـي مقابل 79% للبيض, كما أن 40% من القروض عالية الفوائد قد بيعت فـي أحياء ديترويت 70% من سكانها من السود.
فـي حال أقر القاضي فـي محكمة منهاتن هذه الدعوى بإعتبارها جماعية حينها ستتحمل «نيو سنشري» تعويضات بملايين الدولارات, وغير ذلك سيضطر المشتكون الى رفع قضايا فردية. وقالت مارلين مولان من «ميشيغن ليغال سيرفـيسز» والتي رفعت بالتعاون مع «إتحاد الحريات المدنية الأميركية» الدعوى نيابة عن المتضررين إن القروض عالية المخاطر التي دمرت ديترويت كانت من تدبير وول ستريت, ولم يكن المتسبب بها المقترضون من أصحاب الدخول المتدنية.
وكان تسرب من الدعوى تصريح لنائب رئيس شركة «نيو سنشري» السابق وليام مكاي قال فـيه إنه ما دامت الشركة قادرة على بيع تلك القروض المفترسة وتحقيق الأرباح من خلال الرسوم فهي قروض ليست سيئة بغض النظر عن مدى قوة الإئتمان عند أصحابها, والمعروف أن «نيو سنشري» وكذلك «مورغان ستانلي» كان لهما معايير لمنح القروض عالية المخاطر ولو كانت طبقت لما حصل معظم الزبائن على تلك القروض ولكن هذه المعايير نحيت جانبا من كلتا الشركتين.
هذا ما حصل مثلا مع روبي ماكوي (40 عاما) أم لـ 6 أطفال كانت تقيم فـي منزل بالقرب من مستشفى هنري فورد وقال لها صاحب المنزل فـي 2006 إما أن تشتريه أو ترحلي, وقالت إنها ذهبت معه الى مكتب فـي ساوثفـيلد تابع لـ«نيو سنشري» ووقعت بعض الأوراق ومن ثم لمكتب آخر وهكذا أصبح المنزل ملكا لها وبدأت الفوائد بـ 10.5% وفـي يضع سنوات تصاعدت إلى 17.5% ولم تكن الضرائب مشمولة بالدفعات مما أدى الى إرسال إشعار بالمصادرة ولكنها تمكنت أخيرا من إعادة جدولة ديون الضرائب والإحتفاظ بالمنزل.
Leave a Reply