بعد الظهر من كل يوم جمعة، وفي القسم الغربي من مدينة ديربورن جنوب شارع ميشغن أفنيو، وبرعاية من البلدية يقام سوق عام لبعض المنتوجات المحلية والزراعية، وتشجيعاً لأصحاب الحرف اليدوية وأصحاب المهن البسيطة في عرض ما ينتجونه في أشكال صغيرة، يرتادها العديد من الزوار من ديربورن ومن المدن المجاورة.
والحقيقة أن هذه الأسواق تقام تقريباً في أغلب مدن مترو ديترويت وفي أيام مختلفة خلال فصل الصيف من كل السنة. من المهتمين بهذه الأسواق، الدكتور محمد ماجد. ابن بلدة خربة سلم في جنوب لبنان. مثل الكثيرين، لفت انتباهي الدكتور ماجد بما يعرضه من قناني زيت الزيتون، بأحجام مختلفة، وأكياس الزعتر والسماق وبعض البهارات البلدية والسمسم، المعلبة في أكياس بلاستيكية أنيقة وبعض الأعشاب القروية التي لا تجدها إلا في أسواق الضيعة، تعلوها سلتان من القصب في سقف الخيمة، والأجمل بين كل هذا هو بسمة ابنة الدكتور الجميلة وتواجدها معه بمساعدته في عرض المنتوجات وتسويقها وبيعها، رغم أنها مولودة في ديربورن، لكنها تتحدث العربية وفخورة بمساعدة أبيها.
سألت الدكتور محمد ماجد، وهو طبيب أسنان مشهور في ديربورن، ولديه عيادته الخاصة: من أين لك هذه المنتوجات البلدية، وكيف تجد الوقت لتعبئتها وتنسيقها وعرضها للمستهلك، وربما قد يكون عائدها المادي قليلاً مقارنة بمهنة الطب؟
عندما تسمع إجابة الدكتور ماجد وترى الشغف والفخر في عينيه تدرك أن مايسميه العلماء اللاوعي، هو وعينا الأكبر. هو الدفتر الذي تطبع عليه تجارب الحياة ومن بيوتنا ومن أهلنا نجمع تفاصيل صغيرة تتجمع بدورها حتى تصبح نهج حياة، فترانا نتحدث مثل أبائنا دون انتباه. هو يتحدث عن أرض وكروم جده وأبيه وكيف تعبوا في إصلاح جلولها وتعبوا في حرثها وغرس أشجارها وهو يسعى في الحفاظ عليها باستئجار من يعتني بها وفي كل موسم يسافر وغالباً معه ابنته الصبية الجميلة لجمع ماتبقى من المحصول ويشحنه إلى ديربورن.
لك التحية دكتور ماجد ولابنتك. ماتقومون به هو نادر بين شبابنا كما هو فخر لنا جميعاً.
Leave a Reply