دمشق – تشير تطورات الأوضاع الميدانية في سوريا ومستجدات السياسة الدولية الى أن الدولة السورية المدعومة بتحالفها مع روسيا والصين وإيران قد صمدت وتتجه إلى تحقيق انجازات أمنية وسياسية، وسط فشل المعارضة السياسية والمسلحة في تحقيق أي تقدم يذكر.
فبعد خطاب دار الأوبرا للرئيس بشار الأسد وإعلان برنامج الحل الذي تسير وفقه دمشق دعا وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مقابلة تلفزيونية، «من حمل السلاح من اجل الإصلاح أو المال» إلى الحوار، لكنه رفض أي حديث عن تنحي الرئيس، معتبرا أن من يتمسك بهذا الطرح يريد استمرار العنف في سوريا.
الأسد يصلي في مسجد الأفرم بدمشق بمناسبة عيد المولد النبوي الخميس الماضي، نقلاً عن التلفزيون السوري. |
وقد دعت وزارة الأوقاف السورية، الأسبوع الماضي، المواطنين إلى المشاركة في مليونية «الصلاة على الرسول محمد»، يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد)، وذلك لمناسبة المولد النبوي الشريف. وقال وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، في تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا)، إن «جميع أبناء الوطن صامدون ومتمسكون بمبادئ سوريا وأخلاقها وقيمها، ويقفون بجميع أطيافهم صفاً واحداً في وجه المؤامرة القذرة التي حولت أخوة الدين إلى خونة للحق والدين والأصدقاء إلى أعداء». وقال السيد إن «ما تتعرض له سوريا اليوم إنما هو حرب رعناء أعلنتها إسرائيل على سوريا، وجندت لها بالوكالة عنها عبيدها الأقربين من حولنا وخدامها الأباعد القابعين وراء البحار وعلى رأسهم الفكر الوهابي التكفيري».
وفيما تتواصل عمليات الجيش السوري باستهداف المجموعات المسلحة في بؤر متفرقة من البلاد، شهدت مياه البحرين الأسود والأبيض المتوسط، أكبر مناورات للقوات البحرية الروسية خلال العقود الأخيرة، تحت إشراف هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، في رد واضح على نشر حلف «الناتو» لمنظومة صواريخ باتريوت في تركيا وهي خطوة قوبلت بمظاهرة معارضة في العديد من المدن التركية اتهمت رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بتسليم البلاد للحلف الأطلسي.
ومن جانبه قال المعلم، في مقابلة مع التلفزيون السوري، إن «اللجنة الوزارية المصغرة التي شكلتها الحكومة بدأت اتصالاتها مع مختلف مكونات المجتمع السوري تمهيدا للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الذي يفترض به، بحسب مبادرة الأسد، أن يبحث في وضع ميثاق وطني جديد يطرح على الاستفتاء الشعبي»، متوقعا أن «تستغرق المرحلة التحضيرية للمؤتمر حوالي شهرين الى ثلاثة أشهر وقد تعهدت الدولة السورية بعدم التعرض لأي من المعارضين الراغبين بالعودة الى البلاد للمشاركة بالحوار. وقال المعلم، رداً على سؤال عن البند الأول في طرح الأسد وهو التزام الدول التي تمول وتسلح «المجموعات الإرهابية» بوقف العنف، «ليست لدينا أوهام أن العنف سيتوقف، لكن إذا لم يتوقف العنف لا يعني انه لن يكون هناك حوار وطني شامل»، مؤكدا أن الحكومة ستقدم «لمن يشاء الاشتراك في الحوار الوطني ضمانات بدخول سوريا ومغادرتها من دون أي مشكلة».
وأعلن المعلم أن الأميركيين والروس لم يتوصلوا إلى اتفاق خلال لقائهم الأخير في جنيف حول سوريا، بسبب عدم وجود «فهم مشترك للمرحلة الانتقالية الغامضة» التي يبحثون فيها. وقال إن «الجانب الأميركي يتمسك بان المنطلق (في المرحلة الانتقالية في سوريا) هو التغيير في النظام السياسي بمعنى تنحي سيادة الرئيس. إنهم يتجاهلون حقيقة أن قبطان السفينة عندما تهتز لن يكون أول من يغادر». وأضاف «طالما الأميركي وأطراف المؤامرة، ومنهم بعض السوريين، يتمسكون بهذا الشرط، فهذا يعني أنهم يريدون استمرار العنف وتدمير سوريا، والسير بالمؤامرة» عليها.
وانتقد المعلم المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، قائلا إن «الإبراهيمي لم يأت إلى دمشق بمشروع للحل.. ولكنه تبنى موقفا يطابق الموقف الأميركي والموقف الخليجي المتآمر على سوريا، الذي ليس هو موقف كل دول الخليج». وأكد أنه «من غير المسموح لأحد أن يتطاول على مقام الرئاسة، ومع ذلك فسوريا جاهزة لاستمرار التعاون مع الإبراهيمي، ومهمته المقبلة أصبحت الآن أغنى لأن لديها برنامجا سياسيا، يستطيع أن يساعد في إنجازه ولكن ليس بتبني موقف منحاز».
ونقلت صحيفة «السفير» اللبنانية عن «الذين زاروا الرئيس الأسد في الأيام الأخيرة» «مفاجأتهم بحجم الاطمئنان عنده». وقال الزوّار حسب الصحيفة «يتحدث الرئيس من قصره (الذي لم يغادره خلافاً لما قيل) عن الوضع الحالي من منطلق أن المعادلة انقلبت. يقول إن الدولة ستستمر بترسيخ أقدامها حتى ولو طالت الحرب. يشرح أن المعركة ما عادت بين سلطة ومعارضة وإنما بين الدولة و إرهابيين وان القتال سيستمر حتى القضاء عليهم مهما كلف الأمر».
وفيما اتسمت المواقف الأميركية باتريث بالشأن السوري شنّت موسكو هجوما على المعارضة والداعمين لها، معتبرة أن أي حل للأزمة السورية يصطدم «بهوس» المعارضة في الإطاحة بنظام الأسد، فيما دول عربية وغربية تطيل أمد الصراع عبر دعم المسلّحين، مؤكدة رفضها أي تأويل أو تحريف لبيان جنيف الصادر في 30 حزيران (يونيو) الماضي.
عربياً، أعلن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل انه لا يمكن التفاوض مع الحكومة السورية مطالبا مجلس الامن الدولي بالتدخل، متحدثا عن شعور سعودي بـ«مأزق كبير» مع سير التطورات في سوريا لصالح النظام، فيما توقع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بعد لقائه الفيصل ان يتواصل النزاع لمدة عامين.
في الوقت نفسه، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي «القوى الخارجية» التي تسلح الحكومة السورية والمعارضة. واستبعدا حل الأزمة السورية قريبا حيث ان «الهوة لا تزال كبيرة بين الحكومة والمعارضة في سوريا»، لكن بان كي مون أكد أن الإبراهيمي سيواصل عمله، معربا عن تفاؤله بامكان التوصل الى تسوية.
Leave a Reply