عواصم – دخلت الحملة الأميركية-الأوروبية على سوريا الأسبوع الماضي مرحلة جديدة، بتوجيه الدعوة التي طال التلويح بها في الاسابيع الماضية، للرئيس السوري بشار الأسد الى التنحي، في خطوة تعتبر بمثابة انتهاك واضح لسيادة سوريا واستقلالها كدولة عربية. وجاءت هذه التطورات على المستوى الدولي في ظل انكفاء للتظاهرات في البلاد تحت وطأة حملة أمنية عسكرية في مناطق مختلفة من البلاد.
وجاءت الدعوات التي انطلقت من العواصم الاربع (واشنطن وباريس ولندن وبرلين) بشكل متزامن ومنسق، في حين كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ألمح الى “السيناريو الليبي في سوريا” بشكل مفاجئ مطلع الأسبوع الماضي، فيما بدا لافتا تركيز الكلام الاميركي على ان العقوبات التي ستتصاعد في المرحلة المقبلة، ستأخذ بالاعتبار تجنب الحاق الاذى بالمواطنين السوريين، ما يعيد الى الاذهان ايضا “ذكاء” ما فرض من عقوبات على العراقيين قبلهم وما الحقته بحياة الملايين منهم طوال سنوات.
وافتتح الرئيس الأميركي باراك أوباما، الحملة على الرئيس السوري قائلا إن على الأسد أن “يتنحى لمصلحة الشعب السوري” ليلحقه بعد دقائق زعماء أوروبا، وسبقهم نشر المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقريرا اعتبرت فيه أن “حملة القمع السورية ضد الاحتجاجات قد ترقى لمستوى جرائم ضد الإنسانية”، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى إحالة المسألة على المحكمة الجنائية الدولية.
وتأتي هذه الدعوات بالرغم من أن الأسد ابلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن عمليات الجيش والشرطة ضد المحتجين قد انتهت، وموافقته على استقبال بعثة إنسانية تابعة للأمم المتحدة، وتأكيده أن هذه البعثة ستتمكن من دخول “مواقع مختلفة في سوريا”.
وقال دبلوماسي في الأمم المتحدة إن منسقة الشؤون الإنسانية فاليري أموس أبلغت مجلس الأمن الدولي، خلال جلسة مغلقة، بأن دمشق سمحت لفريق يقوده مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بزيارة سوريا غدا. وأضافت إن الزيارة يجب ألا تكون عرضا تقدمه دمشق مرة واحدة وأن فريقها سيحتاج لدخول كل المناطق في سوريا من دون إعاقة.
وكررت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي ما جاء في تقرير مجلس حقوق الإنسان حول أن “جرائم ضد الإنسانية قد حصلت في سوريا”، وأنه قد يكون “على مجلس الأمن دراسة إحالة قضية سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
وقال المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن الولايات المتحدة تشن “حرباً دبلوماسية” ضد سوريا بالاشتراك مع دول أخرى أعضاء في مجلس الأمن. وأكد ما كان أعلنه الأسد عن توقف العمليات العسكرية. وقال “إنها بالفعل حقيقة على الأرض. عمليات الجيش والشرطة توقفت في سوريا”.
وأعلنت بريطانيا وفرنسا والبرتغال أنها تسعى لاستصدار قرار في مجلس الأمن يفرض عقوبات على النظام السوري. وقد تتضمن الإجراءات المقترحة تجميد ودائع ومنع من السفر بحق مسؤولين سوريين وكذلك فرض حظر على الأسلحة.
ومن ناحيتها اعتبرت مسؤولة العلاقات الخارجية في وزارة الإعلام السورية ريم حداد ان الدعوة التي وجهها اوباما وبعض الزعماء الغربيين الى الاسد للتنحي تؤدي الى “تأجيج العنف” في سوريا. وقالت “ان ذلك يؤكد ان سوريا مستهدفة من جديد”.
وقال أوباما، في بيان له، إن “مستقبل سوريا يجب أن يحدده شعبها، لكن الرئيس بشار الأسد يقف في طريقه. دعواته للحوار والإصلاح فارغة فيما يسجن ويعذب ويذبح شعبه. لقد قلنا على الدوام إن على الرئيس الأسد قيادة المرحلة الانتقالية الديموقراطية أو التنحي. ولم يقد هذه المرحلة، فمن اجل الشعب السوري الوقت قد حان لتنحي الرئيس الأسد”.
وأضاف “الولايات المتحدة لا يمكنها ولن تفرض هذه المرحلة الانتقالية على سوريا. يعود إلى الشعب السوري اختيار قادته ولقد سمعنا رغبتهم القوية بألا يكون هناك تدخل أجنبي في تحركهم. ما ستدعمه الولايات المتحدة هو جهد للتوصل إلى سوريا ديموقراطية وعادلة تشمل كل السوريين. سندعم هذه النتيجة عن طريق الضغط على الرئيس الأسد للابتعاد عن هذه المرحلة الانتقالية”.
ورأى أوباما أن “استخدام النظام السوري القوة المفرطة ضد شعبه كشف لسوريا والمنطقة والعالم عدم احترام حكومة الأسد الصارخ للشعب السوري”، مشيرا إلى تصاعد ضغوط المجتمع الدولي بالقول “لقد تمت إدانة حكومة الأسد من بلدان في كل أنحاء العالم، ويمكنها النظر فقط إلى إيران لدعم حملة القمع الوحشية والظالمة”.
عقوبات غير مسبوقة
ووقع أوباما قرارا تنفيذيا شمل عقوبات أميركية جديدة غير مسبوقة على سوريا، تم بموجبها بشكل فوري تجميد كل أرصدة الحكومة السورية على الأراضي الخاضعة للسلطات الأميركية. وحظر فيه على كل الأشخاص الأميركيين التعامل مع الحكومة السورية، كما يحظر القرار الواردات الأميركية من المواد النفطية التي مصدرها سوريا ويحظر أي تعامل على الأفراد الأميركيين مع شركات النفط السورية أو على الاستثمار داخل سوريا. واعتبر أوباما أن هذه الإجراءات تهدف إلى “تعميق عزلة النظام السوري المالية والمزيد من العرقلة لقدرته على تمويل حملة العنف ضد الشعب السوري”.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن واشنطن حظرت التعامل التجاري مع خمس من شركات النفط السورية في إطار عقوبات واسعة تشمل أيضا تجميد كل أرصدة الدولة السورية في الأراضي الأميركية. وقال بيان للوزارة إن أوباما أمر بفرض عقوبات على المؤسسة العامة للنفط، والشركة السورية للنفط والشركة السورية للغاز، وشركة “سترول”.
وبرغم دعوة أوباما الاسد الى التنحي الا ان البيت الابيض اعلن انه “لا يعتزم” استدعاء السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد. وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي تومي فيتور “نحتاج الى ان يبقى (السفير) هناك
Leave a Reply