تلك هي الدولة الفلسطينية العتيدة، اقترب موعد ميلادها ويبحثون لها عن اسم وعنوان وهوية، اختار لها نتنياهو اسم الدولة “المؤقتة”، التي لا حدود لها ولا عاصمة ولا مساحة ولا سكان، وهي دولة بلا جيش يحميها ولا اقتصاد تقوم عليه، باستثناء فتات معونات تقدمها لها “الاونروا” والولايات المتحدة واوروبا والخليج العربي.
يقال ان هذه الدولة ستقوم على 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية وكامل قطاع غزة، وانها سوف ينتزع قلبها من بين ضلوعها، بعد ان يظل الفلسطينيون محرومين من دخول المدينة المقدسة، وبعد ان تقتطع من هذه الدولة اجزاء تضم الى الدولة اليهودية، في صفقة لتبادل الاراضي، يأخذ فيها الاسرائيليون مناطق بجوار القدس وبيت لحم والخليل، ويعطون للفلسطينيين ممرا عبارة عن اراض قاحلة غير مأهولة بين غزة والضفة الغربية.
ثم ان المفاوضات غير المباشرة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، المنتظر عقدها قريبا بمساندة اميركية وعربية، والتي ستولد من رحمها الدولة “المسخ”، ستعترضها ازمات ربما تفضي الى تقويضها، من بينها السيطرة على المعابر مع كل من الاردن ومصر، اذ كيف لدولة مستقلة وعضو في الامم المتحدة، ان تتولى دولى اخرى السيطرة على منافذها، وكيف للقاهرة، وعمان ان تسمحان أصلا ان يقف على ثغورها “جيش” دولة لم تبلغ بعد سن الرشد. يتحدثون عن دولة تضم شطري الوطن الفلسطيني,
الضفة وغزة، غير آخذين في الحسبان الشروخ والصدوع بين الشطرين، وكأن ما يفصلهما مسائل تقنية تقتصر على ممر آمن او زيادة في حصة هذا الشطر أوذاك من اموال المعونات الاقتصادية.
حددت مدة المفاوضات غير المباشرة بأربعة أشهر لتؤتي أكلها وتسفر عن ميلاد دولة فلسطينية، وإلا يتعهد الرئيس الاميركي باراك اوباما بالضغط على اسرائيل وسوقها الى مؤتمر دولي للسلام بشأن القضية الفلسطينية، وقد فرح المسؤولون في رام الله لهذا التعهد، وكأن اسرائيل كان يهمها يوما ان تعقد مؤتمرات او تنظم قمما، فهي دولة خارج نطاق القانون الدولي لا تعبأ بالسياسة ولا بالدبلوماسية الفارغة، وبدلا من ذلك تؤمن بالقوة وتعرف ان مناطق نفوذها هي حيث تستطيع ان تصل جنازير دباباتها وبساطير جيشها، فهي لذلك مطمأنة لهذا الجانب، ودلالة ذلك انها صنعت حروبا على مقاسها على مدى ستين عاما الماضية، أمكن لها بموجبها اقامة دولة مزدهرة وقوية، لا تجاريها في ذلك دزينتان من دول الجوار العربية.
Leave a Reply