وكالات – «صدى الوطن»
استفاق العالم صباح التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٦ على مفاجأة من العيار الثقيل بفوز دونالد ترامب الكاسح في انتخابات الرئاسة الأميركية ليصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة في حدث تاريخي وصف بالزلزال السياسي الذي سينهي حقبة طويلة من حكم آل بوش وآل كلينتون للولايات المتحدة، كما سيهدد إرث الرئيس الحالي باراك أوباما الذي استضاف صباح الخميس الماضي الرئيس المنتخب في البيت الأبيض لتباحث انتقال سلس للسلطة.
ترامب خلال إلقاء خطاب النصر في نيويورك(رويترز) |
وحصد ترامب عدداً من الولايات الاساسية في وقت مبكر من السباق، ورغم ذلك تأخرت وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة عن الإعلان عن فوزه بالرئاسة حتى ساعات الصباح الأولى، رغم أن النتائج كانت تشير الى فوز كاسح للمرشح الجمهوري.
وقد يسبب القلق من فوز ترامب حالة من الغموض في الأوساط السياسية والاقتصادية العالمية وأحجم المستثمرون بالفعل عن الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم.
وقالت شبكات التلفزيون الأميركية في وقت متأخر إن ترامب تخطى العدد اللازم من أصوات المجمع الانتخابي وهي 270 صوتاً المطلوبة للفوز بفترة رئاسية مدتها أربع سنوات تبدأ في 20 كانون الثاني (يناير) بعد أن فاز في ولايات رئيسية عادة ما تحسم السباق الرئاسي.
وفي المحصلة الأولية، فاز ترامب في نورث كارولاينا ويوتا وأوهايو وتكساس وفلوريدا واوكلاهوما ولويزيانا وألاباما وميسيسيبي وجورجيا وكنساس واركنساس وتينيسي وساوث كارولاينا ونبراسكا وميزوري ووست فيرجينيا ووايومينغ وأيداهو وجورجيا وإنديانا وآيوا وكنتاكي ومونتانا وساوث داكوتا ونورث داكوتا وبنسلفانيا وميشيغن وأريزونا وألاسكا.
أما كلينتون ففازت في كولورادو ومينيسوتا وكونيتيكت وديلاوير وهاواي وإيلينوي وماريلاند وماساتشوستس ونيفادا ونيوجيرزي ونيويورك ونيومكسيكو وأوريغون ورود آيلاند وفيرمونت وفرجينيا ونيوهامبشير وواشنطن ومقاطعة كولومبيا، فيما اقتسمت ولاين ماين مع ترامب.
خطاب النصر
وظهر ترامب مع عائلته أمام حشد من أنصاره المبتهجين في قاعة فندق بنيويورك بعد تلقيه اتصال هاتفي من منافسته كلينتون أقرت فيه بهزيمتها بعد امتناعها عن إلقاء كلمة عقب صدور النتائج وفق التقاليد المتبعة.
وقال ترامب إن الوقت قد حان لرأب الانقسامات والوصول إلى أرضية مشتركة بعد حملة أظهرت خلافات عميقة بين الأميركيين.
وتعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بالقول إنه آن الأوان لأميركا للمّ شمل الديمقراطيين والجمهوريين والمستقلّين، مؤكداً العمل مع الجميع لإعادة بناء الأمة وتحقيق الحلم الأميركي.
ولفت إلى أنه سيعيد الاعتبار إلى المدن المهمّشة كما سيعمل على تحقيق النموّ، وسيحاول أن يجد أرضية مشتركة مع جميع الدول وسيسعى لتحقيق السلام.
وأكد ترامب في كلمة له أمام مناصريه اتصال كلينتون به وتهنئتها له وتعهّد بأن يكون رئيساً لكل الأميركيين والعمل سوياً من أجل أميركا.
وقال «سنضع مصلحة أميركا أولاً ولكن سنتعاطى بإنصاف مع الجميع» لافتاً إلى أنه «لن تكون هناك عداوات».
وقال إنه تلقى اتصالا هاتفيا من كلينتون لتهنئته بالفوز وأشاد بالخدمات التي قدمتها للبلاد وبحملتها التي خاضتها بكل ضراوة.
واعتبر ترامب أن حملته الانتخابية لم تكن مجرد حملة بل «حركة تشمل كل الأطراف والأديان والمعتقدات والذين يتطلعون لحكومة تخدم الشعب الأميركي»
وتعهد بإعادة بناء الأمة الأميركية وتحقيق الحلم الأميركي، وقال: «كل أميركي سيكون لديه فرصة لتحقيق حلمه.. المنسيون لفترة طويلة لن يتم نسيانهم بعد الآن».
وفي تجمع حملة كلينتون في مركز غافيتس للمؤتمرات على مسافة قليلة من الفندق الذي يتحدث فيه ترامب خيمت أجواء قاتمة شيئاً فشياً بين أنصارها الذين كانوا يتوقعون الفوز.
وفضلت كلينتون إلا تظهر في الحدث وأرسلت بدلا منها مدير حملتها جون بوديستا ليطلب من أنصارها أن يعودوا لمنازلهم. وقال بوديستا «ليس لدينا المزيد لنقوله الليلة».
وسيكون ترامب (70 عاماً) أكبر رئيس أميركي سناً يتولى المنصب التنفيذي الأعلى في البلاد.
الجمهوريون يهرولون لمصالحة ترامب
وعلى عكس المتوقع، شكلت شعبية ترامب رافعة قوية للمرشحين الجمهوريين، الذين حافظوا على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، كما انتزعوا حاكمية ثلاث ولايات جديدة ليصبح عدد الولايات التي يحكمها الجمهوريون ٣٣. علماً بأن قادة الحزب امتنعوا عن دعم الملياردير النيويوركي الذي قاطعته عائلة بوش والمرشحان الرئاسيان ميت رومني وجون ماكين وآخرون من كبار السياسيين الجمهوريين وأكثرهم خبرة.
ولكن بعد فوز ترامب العريض، أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، بول راين، في مؤتمر صحفي، الأربعاء، أنه «يتطلع إلى العمل» مع الرئيس المنتخب، وذلك بعد علاقات بالغة التوتر مع ترامب الذي رفض دعمه للرئاسة.
وقال راين، في أول مداخلة له بعد فوز ترامب المفاجئ: «أجرينا أحاديث ممتازة بشأن كيفية عملنا معا للمرحلة الانتقالية». وأضاف زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي: «ترامب سمع صوتا في هذه البلاد لم يسمعه آخرون وتواصل مع الناس بشكل استثنائي».
وأوضح: «أعتقد أنه بعد هذه الحملة الصعبة، حان الوقت لتضميد الجراح والتوحد بعد مواقف متطرفة للناس من هذا الطرف أو ذاك».
ويتفق ترامب والقيادة الجمهورية في الكونغرس على سياسة رئيسية واحدة على الأقل هي إلغاء قانون الرعاية الصحية المعروف باسم «أوباماكير» الذي بدأ تطبيقه في 2010.
كلينتون بعد الهزيمة
قالت المرشحة الديمقراطية الخاسرة في انتخابات الرئاسة الأميركية، هيلاري كلينتون، الأربعاء، إنها عرضت العمل مع الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب.
ومن جهتها أوضحت كلينتون، خلال خطاب وجهته إلى أنصارها غداة خسارتها الانتخابات، أن نتيجة الانتخابات مؤلمة ومخيبة للآمال، وأنها «هنأت ترامب وعرضت العمل معه نيابة عن وطننا».
واعتبرت المرشحة الديمقراطية الأربعاء الماضي أن «الانتخابات أظهرت انقساما في الولايات المتحدة أكثر مما كنا نعتقد»، فيما عبرت عن أملها أن يكون ترامب رئيساً ناجحاً للبلاد. وأوضحت أن الديمقراطية تفرض الانتقال السلمي للسلطة إلى ترامب، مضيفة: «أؤمن بالولايات المتحدة ويجب أن نقبل بالنتائج».
وتابعت كلينتون: «لا زلت أؤمن بأننا أقوى معاً عبر احترام اختلافاتنا»، مضيفة أن «الإخفاق جزء من الحياة لكن يجب الدفاع عما نؤمن به».
وأضافت: «أنا ممتنة للأبد للفريق المتفاني والرائع الذي عمل معي في حملتي»، وقالت أيضاً: «أشكر كل من دعمني وترشيح الحزب الديمقراطي لي هو فخري العظيم».
وتابعت: «أتوجه للشابات والنساء اللواتي وضعن ثقتهن بي وأقول إنني فخورة لأن أكون بطلتكن».
وعبرت كلينتون خلال كلمتها عن شكرها لدعم الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما وزوجته، مشيرة إلى أنه «يجب الاستمرار في دورنا لبناء أميركا أقوى وأكثر عدلا».
صدق ترامب وكذبت الاستطلاعات
ورغم استطلاعات الرأي التي رجحت فوز كلينتون، وحملات التهويل الإعلامية، وخطابٍ مثير للقلق وغامض لمستقبل أميركا، تمكن ترامب، من الوصول إلى البيت الأبيض، مخترقاً جدار المنظومة السياسية والإعلامية والهوليوودية، بإرادة شعبية افتتنت بخطابه الداعي إلى التغيير الحقيقي تحت شعار «أميركا أولاً».
صدق ترامب الذي لطالما ردد أنه سيفوز بالولايات المتأرجحة من فلوريدا الى ميشيغن وويسكونسن مروراً بنورث كارولاينا وبنسلفانيا وأوهايو التي فاز بها بفارق كبير على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون. وكذبت استطلاعات الرأي التي كانت تشير قبل ساعات من الانتخابات الى فوز متوقع لكلينتون.
وبحسب نتائج استطلاع أجرته شبكة «أن بي سي»، ونشرت نتائجه، تقدمت كلينتون على ترامب بفارق ست نقاط مئوية، فيما أظهر استطلاع لوكالة «بلومبرغ» تقدم كلينتون بفارق ثلاث نقاط، واستطلاع آخر لصحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «أي بي سي» بفارق أربع نقاط.
والجدير بالذكر أن هذه الاستطلاعات أجريت قبل إعلان مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، الأحد الماضي، قراره النهائي بعدم محاكمة هيلاري كلينتون في إطار التحقيق في قضية استخدامها بريد إلكتروني خاص خلال تولّيها منصب وزير الخارجية الأميركي، الأمر الذي كان يعتبر انتهاكا لقواعد التعامل مع المعلومات السرية الخاصة بمصالح الولايات المتحدة القومية.
وأحدث فوز ترامب، هزة في سوق المال المحلية والعالمية، إذ انخفضت الاسواق الاميركية اكثر من خمسة بالمئة، فيما سجلت اسواق المال العالمية تراجعا حادا مع اقترابه من جمع الاصوات اللازمة للفوز بالبيت الابيض، اذ خسرت بورصة طوكيو اكثر من 5 بالمئة، في حين انهار سعر العملة المكسيكية الى مستوى تاريخي امام الدولار الذي تهاوى بدوره امام الين واليورو.
لكن بورصة وول ستريت خالفت غالبية التوقعات عبر تسجيل الأسهم الأميركية ارتفاعاً واضحاً صبيحة انتخاب ترامب رئيساً، حتى أنها كادت تحطم رقماً قياسياً. وسجل مؤشر «داو جونز» ارتفاعاً بنسبة 1.39 بالمئة، فيما سجل مؤشر ناسداك ارتفاعاً بنسبة 1.11 بالمئة.
أما العملة المكسيكية فتدهورت الى مستوى تاريخي غير مسبوق أمام الدولار ليبلغ سعر الدولار الواحد أكثر من 20 بيزو.
لست رئيسنا!
وفي اليوم التالي من الانتخابات شهد عدد من المدن الأميركية حركة احتجاجات على فوز ترامب حيث عمد المحتجون في بعض الولايات لقطع الطرقات وإعاقة حركة المرور، وهم يهتفون «ترامب ليس رئيسنا».
أقوى الاحتجاجات وأعمال العنف سجلتها وسائل الإعلام الأميركية في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا، حيث خرج مناصرو هيلاري كلينتون إلى الشوارع معبرين عن رفضهم للرئيس الجديد، وقاموا بأعمال شغب وحرق حاويات القمامة. وكانوا يهتفون: «شوارعنا»، «ليس رئيسنا».
كذلك شهدت مدن نيويورك وشيكاغو وسياتل وأوستن وواشنطن العاصمة وسان فرانسيسكو وبورتلاند وريتشموند في فرجينيا احتجاجات كبيرة منددة بفوز ترامب.
وقامت الشرطة الأميركية باعتقال عدد من المتظاهرين المحتجين على فوز ترامب.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر المحتجين في طرقات مختلف المدن الأميركية، وكان من بين الصور الأكثر تداولاً صورة للمغنية الأميركية لايدي غاغا أمام «مبنى ترامب» في مدينة نيويورك تعبيراً عن رفضها لانتخابه.
.. وخلال الاحتجاجات تكررت تكهنات وتجددت دعوات مطالبة بالانفصال وخاصة في ولاية كاليفورنيا وتكساس.
وذكرت تقارير إعلامية أن 15 ولاية أميركية قدمت طلباً للانفصال من الوطن الأم لإقامة حكومات منفصلة وكيان متقل وتضم هذه القائمة: كل من ولاية لويزيانا وتكساس ومونتانا وداكوتا الشمالية وأنديانا وميسيسيبي وكنتاكي وكارولينا الشمالية وألاباما وفلوريدا وجورجيا ونيوجرزي وكولورادو وأريغون ونيويورك، علماً أن هذه الطلبات قدمت بعد مضي بضع أيام فقط من انتهاء الانتخابات الرئاسية لهذا العام.
من هو مايك بنس؟
مع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، يصبح حاكم إنديانا مايك بنس نائبا للرئيس.
بنس الذي ولد في السابع من حزيران (يونيو) 1957 تولى منصب حاكم إنديانا عام 2013، وقام بتمثيل الدائرة الانتخابية الثانية والسادسة للولاية من 2001 إلى 2013.
وبنس من الجمهوريين المحافظين. ومن أهم المواقف السياسية التي اتخذها، رفضه الشرس لتقنين الإجهاض، إذ عمل في 2007 على تقديم قانون يهدف إلى إغلاق أي منظمة تقدم خدمات للنساء اللواتي يرغبن في إجراء عمليات إجهاض، ومنعها من الحصول على تمويل.
وعارض بنس أيضاً منح حق الحصول على الجنسية الأميركية لمن يولد لأبوين لا يقيم أحدهما على الأقل بطريقة شرعية في الولايات المتحدة. وقدم تشريعا آخر يهدف إلى تحديد شروط منح الجنسية للمهاجرين.
ويعارض بنس المواقف البيئية التي يدافع عنها العديد من السياسيين والناشطين بشأن التغير المناخي، إذ يرى أن الأنشطة البشرية ليست مسؤولة عن التغير المناخي أو انبعاثات غاز الكربون.
وأيد المسؤول الأميركي تدخل الولايات المتحدة في العراق عام 2003، ودعم أيضا المشاركة في التحالف الدولي لإطاحة نظام معمر القذافي في ليبيا عام 2011.
ويعد بنس أحد الداعمين للتجارة الخارجية، إذ صوت لصالح جميع القوانين في هذا الصدد في الكونغرس.
ويعارض هذا الجمهوري مواقف ترامب في بعض القضايا، ففي كانون الأول (ديسمبر) 2015، صرح بنس بأن الدعوات إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة «غير مقبولة وغير دستورية».
Leave a Reply