يستمر مسلسل تحري المخالفات بشكل مفرط من قبل شرطة ديترويت بحق اصحاب محطات الوقود والمتاجر فـي المدينة والتي يملك معظمها عرب وكلدان أميركيون، مما يفاقم من الصعوبات التي يعانيها هؤلاء، وأكثرهم من أبناء الجالية الذين صمدوا فـي أصعب الأوقات من عمر المدينة التي ظلت مهملة لعقود طويلة وتسعى اليوم الى النهوض من جديد.
مرة أخرى، يتلقى أصحاب الأعمال صفعة تذاكر المخالفات المتعددة لعدم وجود تراخيص سليمة فـي مقار عملهم، أو فقدان الفواتير وغيرها من الانتهاكات الطفـيفة، وهي مسألة ظلت مهملة بشكل أو بآخر من قبل السلطات البلدية الغارقة فـي العجز والفساد على مدى السنوات السابقة.
اليوم، يتفاجأ أصحاب المحطات فـي ديترويت بالصحوة المفاجئة للشرطة التي عودتهم لسنوات طويلة على سياسة «زوروني كل سنة مرة» والتجاهل المستمر لنداءات الإستغاثة.. فالأمور تغيّرت والمدينة تتجه الى قلب صفحة جديدة بعدم التساهل مع المخالفات والمستحقات البلدية، وأضحت الشرطة حاضرة على الباب: على أصحاب المحطات أن يكونوا جاهزين.
اليوم، وفـي الأيام القادمة، كما توحي المؤشرات يتلقى أصحاب محطات البنزين عدة مخالفات متكررة لنفس التهمة كعدم وجود ترخيص تجاري بينما هم يكونوا فـي صدد عملية الحصول على الترخيص الذي قد يطول وقد يضيع فـي متاهة البيروقراطية الديترويتية.
لاشك أن نهج بلدية ديترويت وأسلوب الشرطة متهورٌ بعض الشيء، حيث يجب أن تصاغ علاقة سليمة بين الشرطة ومجتمع رجال الأعمال الصغيرة فـي المدينة تعتمد التعاون لا المواجهة وإصدار المخالفات.
ليس برصد المخالفات وحدها تحيا ديترويت. بل ربما على العكس تقتل أحلامها.
فـي المقابل، ينبغي على أصحاب المصالح التجارية معالجة المخالفات والتعاون مع الشرطة بما يخدم مصلحة الجميع، وهنا بالمقابل لا يمكن التغاضي عن مسؤولية البلدية فـي تأخير إصدار التراخيص تحت وطأة هذا الاستعجال من الشرطة الذي يؤدي الى تحرير مخالفات متكررة لنفس المخالفة رغم أن أصحابها فـي طور عملية تصحيح الانتهاك المذكور.
جرائم العنف، بما فـي ذلك جرائم المغتصبين المتسلسلين والقتلة وسارقي السيارات هم مطلقو اليد يسرحون ويمرحون فـي ديترويت ويعيثون فـيها فساداً، لكن يبدو ان الشرطة مشغولة هذه الأيام بملاحقة أصحاب محطات الوقود تاركة العنان لأولئك المجرمين فـي تنفيذ جرائمهم. إذن هناك مشكلة حقيقية حول مسألة الأولويات.
يشكو أصحاب الأعمال من سلوك ومواقف رجال الشرطة، الذين يتعاملون معهم بشكلٍ متعال. ومع انتشار أخبار الحوادث الذائعة الصيت الناجمة عن وحشية الشرطة فـي مختلف أنحاء البلاد، وتضاؤل حجم الثقة بين المواطنين والموظفـين المكلفـين بإنفاذ القانون، فمن الأهمية بمكان أن تتعامل الشرطة فـي ديترويت مع الجميع باحترام وتقدير.
ومفتاح جعل ديترويت مدينة مفعمة بالحيوية والنشاط من جديد هو بجعلها آمنة ومرحبة بالسكان الجدد. ذلك ان نتائج عكسية تحدث عندما تكون الشرطة فظة غليظة القلب وخشنة فـي التعامل مع مواطنيها ومتعالية علَى الشعب الذي يجب ان تخدمه وترعاه، لأنه بأضعف الإيمان، هو الذي يدفع لها رواتبها من الضرائب.
وقد عقد رئيس دائرة الشرطة فـي ديترويت جيمس كريغ اجتماعين مع أصحاب محطات البنزين فـي المدينة. وفـي شهر أيلول (سبتمبر) من عام ٢٠١٣ أكد على أهمية الشراكات لجعل المدينة أكثر أمنا. ولكن وعده بالعمل مع أصحاب المصالح التجارية بدا أجوفاً وبلا قيمة عندما ألغى حضوراً كان مقرَّراً فـي اجتماع لاحق مع عدد من أصحاب المحطات فـي العام الماضي بسبب ما أسماه «سوء الأحوال الجوية» بعد هطول أمطار خفـيفة وكأنه يعيش فـي هاواي لا فـي ميشيغن!
والتقى رئيس الشرطة فـي وقت لاحق مع أصحاب الأعمال فـي شهر تشرين الأول (أكتوبر) ووعد بوقف غرامات التراخيص. ومع ذلك، بقي اصحاب الأعمال «على الوعد يا كمون» بينما تواصل مسلسل المخالفات من جديد.
وقد تناقل أصحاب محطات الوقود والموظفون قصصاً مخزية عن تجاهل الشرطة لتجار المخدرات وهم يتداولون بها خارج محطاتهم، فـي حين يعملون من حبة الانتهاك الخفـيفة قبة ويمعنون فـيها تمحيصاً وكانهم يتقصدون ذلك بينما الجرائم الحقيقية فـي الخارج جارية على قدم وساق. وكأنهم يضعون اللوم على أصحاب المحطات فـي تفشي الوضع المزري الذي وصلت اليه المدينة.
يلاحق رجال الشرطة اليوم اصحاب المحطات الذين يبيعون السجائر بالمفرق واحدة واحدة (لوسيز) وأيضاً لأنهم يسمحون للشبان والمراهقين بالتسكع فـي محيط أملاكهم رغم التحذيرات من ذلك بحجة أن هؤلاء يمكن أن يكونوا خطيرين، وبالتالي عليهم الا يرحبوا بهم.
يرد أحد اصحاب المحطات على كريغ بالقول «لا نربح من بيع السجائر بالمفرق فالسيجارة تباع بربع» وأضاف «ولكن إذا كان الرجل لا يملك المال اللازم لشراء علبة سجائر وارفض بيعه سيجارة أو سيجارتين، فإنه سوف يدمر محطتي ولن تأتي الشرطة فـي الوقت المناسب لمنعه».
مالك محطة آخر يقول ان الموظفـين خائفون جداً من مغادرة «سجنهم» المضاد للرصاص خلف صندوق الحاسبة بغية تنظيف محطتهم. وعلاج هذه المشاكل يكون بتواجد أكبر لعناصر الشرطة والشراكة مع الجالية لضمان بيئة آمنة لأصحاب محطات الوقود لكي يقوموا بفعل الشيء الصحيح.
لكن بعض أصحاب الأعمال يستحقون نصيبهم من الانتقادات أيضاً. الزمن يتغير فـي ديترويت ولم تعد المدينة مكاناً يكاد ينعدم فـيه القانون بالكامل، حيث يتم التغاضي عن الانتهاكات التجارية وإخفائها خلف الستار.
يحتاج بعض أصحاب المحطات فـي ديترويت إلى تنظيف محلاتهم والاهتمام بزبائنهم واحترامهم أكثر، ولا شك أن الجميع بحاجة للحصول على التراخيص المطلوبة وتعزيز جهودهم من أجل تحسين مظهر وسمعة محالهم.
كريغ كان على حق عندما قال إن البيئة القذرة هي دعوة للجريمة.
أكثر ما يحتاجه أصحاب محطات الوقود فـي ديترويت هو إنشاء منظمة جامعة تمثلهم وتتحدث باسمهم وتعمل على حماية مصالحهم.
كما ان الموظفـين بحاجة إلى توجيه شكاواهم عن طريق الدوائر القانونية المعنية المناسبة وإذا كانوا يشتبهون بوجود معاملة غير عادلة أو غير قانونية من قبل موظفـي البلدية أو الشرطة، فبإمكانهم رفع شكوى الى المسؤولين.
رقم الهاتف الذي يوصل إلى عنصر الارتباط بين الشرطة والمجتمع هو ٥٥٢٢-٥٩٦-٣١٣، وعنوان البريد الإلكتروني لكريغ هو
Chiefofpolice@dpdhq.ci.detroit.mi.us.
يجب أن تكون الشركات جزءاً من المجتمع الذي يشكل مورد رزقها.
خلاصة القول، ان محطات الوقود والسكان والشرطة كلهم لديهم نوايا حسنة ويتقاسمون نفس الأهداف. وهم جميعاً يريدون مدينة أكثر أمناً وازدهاراً. ولتحقيق ذلك، يجب التواصل دوماً وتوحيد الجهود الخيرة وتعزيز الشراكة بإيجاد القواسم المشتركة.
Leave a Reply