ديترويت
منذ بداية العام الحالي، تواصل مدينة ديترويت، التي لطالما اشتهرت بلقب «عاصمة الجريمة في الولايات المتحدة»، المسار التراجعي لجرائم العنف متجهة نحو تسجيل أدنى مستوى لها منذ ستين عاماً.
وخلال مؤتمر صحفي عُقد الاثنين الماضي، للإضاءة على بيانات الجريمة منذ بداية العام 2025، عزا كل من رئيس البلدية مايك داغن وقائد الشرطة تود بيتيسون، الانخفاض المستمر في معدلات جرائم العنف منذ جائحة كوفيد–19، إلى تضافر جهود الوكالات المحلية والولائية والفدرالية بالتوازي مع عمل المنظمات المجتمعية الناشطة في مجالات التوعية والوقاية ضد الجريمة، والمعروفة اختصاراً باسم CVI.
ووفقاً لبيانات الجريمة، أظهرت أرقام الربع الثالث لعام 2025، انخفاض جرائم العنف في ديترويت بشكل ملحوظ مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024، حيث تراجعت جرائم القتل وإطلاق النار وسرقة السيارات تحت تهديد السلاح، بنسب تتراوح بين 15 بالمئة و30 بالمئة مقارنة بأرقام الربع الثالث من عام 2024.
وتشير البيانات إلى أن جرائم العنف التي شهدتها المدينة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، جاءت أقل بشكل ملحوظ من الجرائم المسجلة خلال الفترة نفسها من عام 2024 الذي تميز بتسجيل أدنى حصيلة سنوية من القتلى والجرحى في ديترويت منذ عام 1965.
وفي عام 2024 بأكمله، شهدت ديترويت 203 جرائم قتل فقط، وقد وقعت 155 جريمة منها خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مقابل 132 قتيلاً خلال الفترة نفسها من العام الحالي.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي حضره عدد من السياسيين وممثلين عن وكالات إنفاذ القانون المحلية والفدرالية، قال داغن: «لا يزال أمامنا ثلاثة أشهر في هذا العام. ومع ذلك، فإن الشراكات والاستراتيجيات التي طبّقناها لا تزال تزداد فعالية»، معرباً عن ثقته من أنه «بحلول نهاية هذا العام، سنحقق انخفاضاً تاريخياً جديداً».
وسلّط داغن، الذي سيغادر منصبه نهاية العام الحالي، الضوء على التراجع الحاد في عدد جرائم سرقة السيارات تحت تهديد السلاح (كارجاكينغ)، حيث لفت إلى أن المدينة شهدت 90 حادثة من هذا النوع خلال أول تسعة أشهر من العام 2024، مقابل 64 فقط خلال الفترة نفسها من العام الحالي، أي بانخفاض قدره 29 بالمئة.
وقال داغن: «عندما أصبحتُ رئيس البلدية عام 2013، كانت ثقافة هذه المدينة هي أنه إذا كنتَ بحاجة إلى بضعة دولارات، فما عليك إلا أن تُصوّب مسدساً في وجه أحدهم وتسرق سيارته».
وأضاف: «كان هناك 15 حادثة أسبوعياً؛ أما الآن، فقد انخفض العدد إلى حادثتين فقط في الأسبوع»، موضحاً أن «الناس باتوا يعلمون أنه إذا سرقتَ سيارة، فهناك احتمال كبير أن تتعقبك طائرة هليكوبتر، ومن المرجح أن تقضي وقتاً في السجن».
وبالمجمل، انخفضت حوادث سرقة السيارات تحت تهديد السلاح في ديترويت خلال العام 2024 بنسبة 67 بالمئة مقارنة بعام 2022، وبنسبة 88 بالمئة مقارنة بعام 2013.
وفي سياق متصل، اعتبر داغن عمل مجموعات CVI عنصراً أساسياً في استراتيجية الحد من الجريمة، مطالباً مجلس المدينة بتوفير تمويل دائم لها بسبب دورها الفعال في إنقاذ الأرواح ووقف دوامة الانتقام قبل أن يصبح تدخل الشرطة ضرورياً، وفق تعبيره.
ولدى سؤاله عما إذا كان سيقبل بتدخل قوات الحرس الوطني للحد من الجريمة في ديترويت، كما فعل الرئيس دونالد ترامب مؤخراً في العاصمة واشنطن ولوس أنجليس وبورتلاند، اكتفى داغن بالإشارة إلى التقدم الأمني المحرز في ديترويت بفضل التعاون بين وكالات إنفاذ القانون والمنظمات الأهلية التي قال إنها ساهمت في «تغيير الثقافة» السائدة بين الشرطة وسكان ديترويت.
وقال داغن: «كل ما عليك فعله هو النظر والقول: هناك أماكن في البلاد تتناحر فيها الوكالات الأمنية المختلفة. ولكنك لن تجد الكثير من الأماكن التي يتكاتف فيها نشطاء المجتمع وجميع أجهزة إنفاذ القانون»، مؤكداً أن «المستفيد الأول هم سكان مدينة ديترويت».
وتابع داغن بالقول: «أنا مؤمن إيماناً راسخاً بأن الطريقة التي تُقلل بها الجريمة على المدى الطويل هي التحول إلى ثقافة المساءلة المجتمعية»، مشيراً إلى ضرورة «تغيير أساليب اتخاذ القرارات الفردية حتى لا يحمل الأفراد السلاح في المقام الأول، ويلجأون إلى الانتقام».
بدوره، أشاد بيتيسون بالشراكات المستمرة مع الوكالات الأمنية المختلفة والمنظمات المجتمعية، معدداً عوامل مختلفة ساهمت في محاصرة الجريمة بديترويت، من بينها، زيادة انتشار الشرطة وتسريع الإجراءات لقانونية على المستويين الفدرالي والمحلي، وذلك من خلال نشر مدعين عامين في أقسام الشرطة لمساعدة المحققين في إغلاق القضايا وتسريع إحالة المجرمين إلى القضاء.
وأثنى بيتيسون على دور التكنولوجيا في مكافحة الجريمة، بما في ذلك كاميرات «مشروع الضوء الأخضر» وكاميرات مراقبة الطرق فضلاً عن زيادة استخدام الطائرات المروحية في ملاحقة المطلوبين.
كما شكر قائد الشرطة، مجلسَ مدينة ديترويت على مضاعفة الغرامات بحق الآباء الذين ينتهك أبناؤهم القاصرون، حظر التجول الليلي، وذلك رداً على الارتفاع الحاد في عنف الأحداث بداية الصيف الماضي.
ولفت بييسون إلى أنه منذ تطبيق التغييرات، انخفضت جرائم الأحداث بشكل ملحوظ.
Leave a Reply