مالكو العقارات سيُحرمون من الإيجار الشهري في حال عدم موافاة الشروط البلدية
أقرّ مجلس بلدية ديترويت بالإجماع مطلع الشهر الجاري تعديل قانون الإيجارات السكنية في المدينة بإدخال إجراءات جديدة تمنع ملّاك العقارات من تحصيل الإيجارات الشهرية أو طرد المستأجرين، في حال عدم موافاتها للشروط البلدية (الكود)، وتحديداً المعايير الصحية لمكافحة انتشار مادة الرصاص السامة.
وتهدف التعديلات الجديدة في قانون الإيجارات إلى مكافحة الفوضى العارمة في سوق المنازل المؤجرة بمدينة ديترويت وإلزام جميع أصحاب العقارات بالحصول على «شهادة امتثال» في غضون عامين من الآن، علماً بأنه يقدّر حالياً وجود عشرات آلاف المنازل غير المسجلة أو الخاضعة للتفتيش البلدي في مختلف أحياء المدينة.
وبموجب القانون الحالي، من المفترض أن تكون الوحدات السكنية مسجلة ومجازة من التفتيش البلدي ليُسمح بتأجيرها بشكل قانوني. ولكن البلدية –باعتراف المسؤولين– فشلت خلال السنوات العشر الماضية في تطبيق القانون، ما تسبب بحالة إهمال واسعة من قبل مالكي العقارات، دفعت المجلس البلدي إلى التحرك.
ويقول مؤيدو الإجراءات الجديدة التي سيبدأ تطبيقها تدريجياً بعد مرور ٦٠ يوماً من إقرارها، إنها ستكون كفيلة بإلزام جميع أصحاب العقارات بموافاة قواعد البناء والصحة والسلامة العامَّة، بما في ذلك جهود الوقاية من التسمّم بمادة الرصاص الموجودة داخل بعض أنواع الطلاء المنزلي. وتشكل عمليات التفتيش على مادة الرصاص جزءاً من الحصول على «شهادة الامتثال».
وذكر عضو المجلس أندريه سبايفي الذي رعى هذا القرار «نأمل أن تتحسن نوعية الحياة في الأحياء السكنية والمدينة بكاملها».
تفاصيل المرسوم الجديد
تسمح التعديلات التي أقرها مجلس بلدية ديترويت للمستأجرين بعدم دفع الإيجار دون خشية أن يتم طردهم من الوحدات السكنية التي يقطنونها، على أن يتم إيداع الأقساط الشهرية في حساب ضمان مجمّد (أسكرو) تديره البلدية بواسطة طرف ثالث.
وستقوم دائرة المباني والسلامة والهندسة والبيئة في بلدية ديترويت بتقسيم أحياء المدينة في إطار جدول زمني للبدء بتطبيق الشروط الجديدة مع بداية العام القادم. وسيكون أمام أصحاب العقارات مهلة ستة أشهر لموافاة «الكود» البلدي يصار بعدها إلى حجب الإيجارات عنهم في حال عدم التزامهم بإجراء الإصلاحات المطلوبة.
وبموجب المرسوم الجديد، فإنه وبعد انقضاء مهلة الستة أشهر، يمكن للمستأجرين الذين يسكنون منازل لا تلبي قواعد البلدية، أن يضعوا أقساط الإيجارات في «حساب الضمان» (أسكرو) لمدة 90 يوماً. وإذا حصل المالك على «شهادة الامتثال» قبل انتهاء مهلة الـ90 يوماً، فبإمكانه استرداد المبلغ المودع، وفي حال فشل في ذلك فسوف يحصل المستأجر على مبلغ «الأسكرو».
وبعد ذلك، يمكن للمستأجر الاستمرار في إيداع الإيجار في حساب «الأسكرو» ثم استرداده كل ثلاثة أشهر، إذا استمر المالك في عدم الانصياع لشروط المرسوم البلدي.
وسوف تقوم البلدية بتوظيف شركة مستقلة كطرف ثالث لإدارة حسابات الضمان (أسكرو).
والمعلوم أن التعديلات الجديدة تخفف أيضاً من بعض القيود على ملاكي العقارات الذين تقول المدينة إنهم يتبعون القانون.
وعلى الرغم من أن ديترويت لم تطبق قواعد التفتيش البلدية (الكود) لسنوات طويلة، إلا أن لديها أكثر القواعد صرامةً في ولاية ميشيغن، حيث ينبغي على كل العقارات المؤجرة أن تخضع للتفتيش سنوياً، ومن ضمن ذلك التأكد من عدم وجود مادة الرصاص في الطلاء المنزلي، من قبل مفتشين مرخصين.
غير أن القانون الجديد، يمنح مالكي العقارات الذين لم يرتكبوا أية مخالفات عقارية والمواكبين لضرائب الملكية، شهادات امتثال تسري لمدة ثلاث سنوات على المنازل المخصصة لعائلة الواحدة أو عائلتين، وسنتين للعقارات السكنية التي تضم أكثر من شقتين.
كذلك تم تغيير متطلبات فحص مادة الرصاص، حيث سيبقى على ملاك العقارات القيام بتفتيش أولي بقيمة 450 إلى 700 دولار للتأكد من عدم وجدد هذه المادة السامة، ولكن بعد ذلك لن يحتاج الملاكون إلا إلى تقييم سنوي يكلف 250 دولاراً، حيث يقوم مفتش بلدي خبير بفحص العقار للتأكد من عدم وجود مشاكل في الطلاء.
وينص المرسوم الجديد للبلدية على ما يلي:
– حجب «شهادة الامتثال» عن أصحاب العقارات المتأخرين عن دفع ضرائب الملكية التي تتجاوز ألف دولار لمدة ستة أشهر.
– تفتيش جميع الوحدات السكنية المؤجرة سنوياً للتحقق من عدم وجود مادة الرصاص السامة
– تخفيف التفتيش على أصحاب العقارات الذين لم تصدر بحقهم مخالفات خلال العام الفائت، والمواكبين لضرائب الملكية.
– توفير آلية سريعة لأصحاب العقارات لاستئناف قرارات رفض أو تأجيل إصدار «شهادة الامتثال».
وكان رئيس البلدية مايك داغن قد أكد في بيان أنه سيتم الإعلان قريباً عن جدول مهل الامتثال للقانون الجديد في كافة أحياء ديترويت، وأضاف أن «كل مستأجر في مدينة ديترويت يستحق أن يسكن في منزل آمن ومطابق للمواصفات العقارية البلدية كما وأن كل مالك يستحق من البلدية أن يتوقع منا معاملة عادلة وفعّالة».
معارضة وفوضى
وكان عدد من ممثلي أصحاب العقارات قد عارضوا بشدة، المرسوم الجديد لأنه يهدد الملّاكين بحرمانهم من الإيجارات مما سوف يهدد استثماراتهم ويعقّد التحديات الكثيرة التي يواجهونها أصلاً، مثل حوادث السرقة والاعتداءات على الممتلكات وأعمال التخريب التي يقوم بها المستأجرون. كما توقّع البعض أن يتم تقديم طعون قضائية في بند حساب الضمان المالي (أسكرو) أمام المحاكم.
وتعليقاً على ذلك أفاد ريتشارد كلاي، من مجموعة «الشعب الساعي لإصلاح المرافق»، أن التعديل القانوني هذا «سيضر بالمالكين السود الصغار، ويسبب المزيد من مصادرة العقارات، كما يضع المستأجرين في مواجهة الملّاكين».
إلا أن تيد فيليبس، المدير التنفيذي لائتلاف «الإسكان المجتمعي الموحد»، رد على ذلك أمام المجلس البلدي، مؤكداً على الحاجة الماسة إلى تعديل قانون الإيجارات في ديترويت، وأضاف «هناك المزيد والمزيد من الملّاكين الجدد في ديترويت، لذا نحن بحاجة إلى قوانين واضحة يفهمها الملّاكون الجدد والقدامى حيال ما يفترض أن يفعلوه».
وتعاني ديترويت من إهمال واسع للمنازل المؤجرة. وفي العام الماضي، تم تسجيل وتفتيش 4,174 عقاراً للإيجار فقط في المدينة التي يقدِّر مكتب الإحصاء الأميركي وجود 140 ألف وحدة سكنية مؤجرة فيها. وهذا العدد يشكّل انخفاضاً عن 5,235 وحدة إيجار سكنية سجلت في ديترويت قبل 10 أعوام إبان حكم رئيس البلدية الأسبق كوامي كيلباتريك.
ونتيجة للإهمال البلدي يعاني السكان المستأجرون في ديترويت من غياب أبسط مقومات العيش الآمن. فقد وجدت صحيفة «ديترويت نيوز» في تحقيق نشرته يومي 5 و6 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن وحدة سكنية واحدة من كل 13 وحدة تم طرد المستأجرين منها بقرار قضائي في العام ٢٠١٥، لم تكن مسجلة أو خاضعة للتفتيش البلدي كما ينص القانون.
وكشفت الصحيفة أن العديد من المستأجرين وعائلاتهم يواجهون خطر الطرد من مساكنهم التي تعاني من مشاكل عديدة مثل غياب التدفئة وأخطار الأسلاك الكهربائية والنوافذ المفقودة وانتشار الفئران، وغرق الأقبية (بيسمنت) بمياه الصرف الصحي.
Leave a Reply